أوقات عصيبة أمام سوريا ـ داعش يضعف والعنف سيبقى

قد تسقط الرقة في الربيع، فبعد نحو أربع سنوات من الاستيلاء عليها من قبل مجموعات مقاتلة، قد تتحرر هذه المدينة الواقعة في شمال سوريا. وهذا ما يتوقعه على كل حال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الذي توقع محاصرة المدينة بعد أسابيع لبداية الهجوم الحقيقي عليها. وقال فالون لوكالة رويترز السبت:”إذا تحررت الرقة بعد الموصل، فإننا سنشهد بداية نهاية هذه الخلافة الرهيبة”.

والاستعدادات ماضية على قدم وساق منذ شهور لتحرير أجزاء واسعة سيطر عليها تنظيم “داعش” في الرقة. ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي احتشدت الوحدات الأولى. وهذا الجيش المكون من نحو 40.000 من مقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردية يتحرك بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه الرقة. وحتى سلاح الجو الروسي يشن من حين لآخر هجمات على المدينة.

الضغط على الرقة يزداد

لكن عملية التحرير قد تتم ببطء، لأن المتوقع هو حصول مواجهات عن قرب. وتفيد الأنباء أن إرهابيي “داعش” زرعوا ألغاما في كل أجزاء المدينة بحيث لا يمكن للمهاجمين التحرك إلا ببطء. لكن العملية العسكرية تكشف عن نتائج أولية. فقد أعلنت “قوات  سوريا الديمقراطية” أعلنت قبل مدة قصيرة أنها قتلت منذ بداية نوفمبر 620 من مقاتلي “داعش”.

واليوم ذُكر أن المهاجمين قصفوا منبع مياه المدينة التي انقطعت. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن بعض الجسور وقنوات الماء الرئيسية دُمرت ليلة الجمعة. ويعيش في الرقة أكثر من 200.000 شخص، ولا يُعرف كيف يمكن إمدادهم بالماء.

لا تقارب بين الحكومة والمعارضة

وإلى حد الآن لم تتضح مسألة الإدارة السياسية للمدينة بعد تحريرها. فخلال مؤتمر أستانا الكازاخستانية نهاية يناير/كانون الثاني الماضي ألمح ممثلو نظام الأسد إلى أنهم غير مستعدين لتقديم تنازلات للمعارضة. وشددوا في آن واحد على أنهم يريدون ممارسة الحكم مستقبلا على جميع الأراضي السورية. وهم يريدون مواصلة إستراتيجية التفاوض على المستوى المحلي مع ممثلي المعارضة غير المتطرفة. وذكر أحد أعضاء الوفد الحكومي المفاوض أن مؤتمرات على غرار الذي انعقد في أستانا لا تأتي بشيء، لأن كل مشارك وكل بلد يضع صوب أعينه مصالحه الذاتية.

الأسد يضعف

لكن منذ سقوط حلب يتعرض كذلك الأسد لضغوط. فبعد القضاء على فلول واسعة من تنظيم “داعش” يقف نظامه أمام مهمة تأمين الحكم في بلاد لم تعد توجد فيها بنيات حكومية بعد ست سنوات من الحرب. الحكومة ضعيفة ـ ولا يمكن لها البقاء سياسيا إلا بدعم حلفائها، في مقدمتهم روسيا وإيران. فالدولة استُنفدت ماليا ولم تعد تملك أية موارد تُذكر وليس لها شرعية سياسية، في الوقت الذي هي مطالبة فيه باسترجاع سلطة الدولة. ويبقى مجهولا كيف ستحقق ذلك بدون دعم دولي. فالأسد يعول على روسيا، لكن كيف سيتواصل دعم الرئيس بوتين، فهذا يبقى مفتوحا، لأن تشييد بنيات الدولة وتأمينها ليس عملية مكلفة فقط، بل خطيرة. وأجزاء من المعارضة لن تقبل استمرار حكومة الأسد وسيحاولون زعزعتها عبر تنفيذ أعمل إرهابية واعتداءات. فسوريا ستكون بلاد زعماء الحرب.

موسكو تبحث عن آلية خروج

ونظرا لهذا الوضع، كتبت صحيفة “الشرق الوسط” الصادرة بلندن أنه من المتوقع أن يكون لدى بوتين اهتمام أكبر بالتعاون مع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. فقط من خلال تكاتف القوتين الكبيرتين يمكن إحلال السلام بشكل دائم في سوريا. لكن ترامب ألمح إلى أنه غير مسرور بالاتفاق النووي المبرم مع إيران وأنه يفكر في إلغائه. وهذا من شأنه إلغاء تعاون مع طهران في سوريا ـ وكذلك يقصي تعاونا غير مباشر مع موسكو كمؤسسة وسيطة.

وواصلت صحيفة “الشرق الأوسط” في مقالها أن موسكو تنظر إلى مصالحها الذاتية أكثر من دعم إيران والأسد، وهذا يعني تفادي المواجهة مع ترامب، وبالتالي فإن أوقاتا صعبة في انتظار سوريا. فنهاية الحرب لا تعني بالضرورة بداية السلام.

كرستين كنيب/ م.أ.م

+ -
.