لا تنتظرْ مني ما لم أجدْه فيك

 

Mona

عبارةٌ  ناقدةٌ بنّاءةٌ  موجهةٌ  صريحةٌ وصادقةٌ جداً  نسمعُها   ونتلقّاها  من قِبل من نُملي عليهم نصيحةً ما أو إقناعهم بالامتناعِ  والكفِّ عن عملٍ معينٍ .

يُحكى أنَّ سيّدةً قصدَتْ  غاندي   بحلِّ مشكلةٍ تتعلّقُ  بولدِها وهي شغفُه  باكلِ الحلوى ، بعد محاولاتٍ عديدةٍ معه باقناعِه بالامتناع عن أكلِ الحلوى  إلاّ أنِّها  فشلَتْ  بشتّى الوسائلِ.

عندما توجهتْ السيّدةُ إلى غاندي  لحلِّ مشكلتها نظرَ  إلى الولدِ ثمّ  نظرَ إلى الأمِّ وقال لها اذهبي الآن  وسأنتظرُ زيارتَك مرةٍ أخرى بعدَ شهرٍ.

استغربتِ الأمُّ  من كلامِ غاندي    وقالت له أرجوك لقد   أتيتُ من مكانٍ بعيدٍ وطلبي بسيطٌ جداً أعطني الحلَّ الآن ،  ولكنْ  غاندي أصرَّعلى رأيِه

عادتِ السيّدةُ بعد شهرٍ وكلُّها لهفةٍ وشغفٍ وانتظارٍ  لمعرفةِ  حلِّ مشكلتها .

نظرَ غاندي إلى الولدِ ووضعَ يدَه على رأسِه وقالَ له :

يا ولدي… لا تأكلْ الحلوى ،ثمّ سكتَ..

دُهشتِ  الشيّدةُ  من هذا الحلِّ البسيطِ   وقالت بغضبٍ شديدِ   هذا هو الحلُّ  فقط !!!  لماذا لم تقلْ لي هذه الجملةَ البسيطةَ  وجعلتني أنتُظر كلُّ هذه المدة .

نظرَ غاندي بحكمةٍ إلى السيّدةِ وقال لها:  أنا منذُ شهرٍ كنت آكلُ الحلوى فما كنت أستطيعُ أنْ أُقنعَه أو أنصحَه طالما أنّي أقومُ بـ الأمرِ نفسِه
أمّا خلال هذا الشهرِ فقد أقلعْتُ عن أكلِ الحلوى وبالتّالي فإنَّ نصيحتي  ستكون مؤثرةً ونافعةً أكثر.

أعزائي : إذا فقد الإنسانُ  الحكمةَ والقدرةَ على حلِّ المشاكلِ بعقلانيةٍ فكيف سيقدمُها للآخرين  وينصحُ غيره ويشورُ عليهم ؟  كيف سيكون قدوةً حسنةً  لمن ينصحْ أو يُرشدْ ؟

في حياةِ  كلِّ إنسانٍ  قدوةٍ لا بدّ أنْ يجدَ في حياتِه قدوةً له . القدوةُ  قاعدةٌ لكلِّ أبٍ وأمٍ ،  للمعلمِ  وللمعلمةٍ للمسؤولِ للمديرِ  للقاضي للحكيمِ الفيلسوفِ  انْ يكون عَلَمًا وقدوةً في خلُقِه وعلمِه تطبيقًا والتزامًا وليس تنظيراً.

القدوة ُهي عبارةٌ عن الشّخصِ والمثالُ الأعلى الذي يُقتدى به والنّموذجُ المثاليُّ في تصرّفاتِه وأفعالِه وسلوكِه، بحيث يُطابق قولَه عملَه ويُصدّقه   ويكون القدوةَ بالنسبةِ لأتباعِه مثالاً سامياً وراقياً، فيعملون على تقليدِه وتطبيقِ نهجَه والحذو حذوه، وينبعُ تقليدُّهم إياه من الإرادةِ والقناعةِ الشّخصيّةِ للمقتدي، لا بالضغط الخارجي أو الإلزام من جهةِ القدوة بذلك، والهدفُ من اتباعِ القدوةِ الرقيّ لأعلى مستوى من الأخلاقِ والتعامل والعلمِ .

إنَّ صناعةَ القدوةِ ليستْ أمراً سهْلاً ، فالقدوةُ الحقيقيةُ هي الشّخصيةُ المتّزنةُ التي يقتدي بها كلّ منْ يحقْ له أنْ يكونَ  قدوةً   ،  قدوةٌ  لأبنائِه  بالنّهي عن عملٍ معينٍ ، بالإرشاد  لسلوكٍ حسنٍ بالامتناعِ والتّوقفِ عن عادةٍ سيئةٍ عن نهْجٍ معيّنٍ عن إدمانِه وولعِه بلعبةٍ  محوسةٍ تُلهيه   وتسرقُ وقتَه ،شاحذة عقلَه وتفكيرَه  منحصرٌ مشحونٌ بطاقاتٍ سلبية، لكي تنجحَ نصائحي علي أنْ أكون أهلا للقدوةِ .

كم نحن بحاجةٍ أنْ نكون قدوةً لأبنائِنا متمثلين بالقيّمِ والمباديء والخُلُقِ بالعاداتِ والتّقاليدِ بالسّلوكِ بالرّقيّ والتّعاملِ والنّقدِ البنّاءِ.

لكي نملي على أولادِنا نصائحَ إيجابيةً علينا أنْ نكون مثلاً حقيقيًا أمام أعينهم  يروننا ويتمثلون بنا عندما نطلبُ منهم  ونرشدُهم لعاداتٍ وتقاليد إيجابيةٍ .

القدوةُ تبدأُ في منزلِنا  مع أسرتِنا  وأولادِنا ومن ثمّ  جيراننا  زملائنا و أصدقائنا.

  باختصارٍ : لا تنتظرْ مني كرمًا حين تكون بخيلاً لا تنتظرْ مني لُطفًا حين تكونَ وقحًا ولا صدقًا حين تكون منافقاً لا تنتظرْ مني النّجاحَ حين تكون  فاشلًا لا تنتظْر مني الاحترامَ والتّقديَر لا تنتظرْ منّي الالتزامَ والمثابرةَ لا تنتظرْ مني المطالعةَ  لا تنتظرْ منّي الأمانةَ والإخلاصَ  لذا  لا تنتظْر مني ما لا أجده فيك أاثبتْ لي دعْني أرى  أنّك أهلًا وقدوةً لنُصحِك لي

تعليقات

  1. كيف لنا ان نكون قدوة ونحن منغمسون باللهو والحياة السرف
    كيف لنا ان نكون قدوة ونحن من علمناهم الحياة السهلة
    هل كل رجل وامراة وصلا لهذه المرحلة من حياتهم لتربية اولادهم حتى يكونوا اقوياء بعدم الاكتراث لاولادهم
    هل عرفوا ان اولادهم وصلو الى حد ان يكونوا قدوة
    القدوة لا تأتي بالسهل
    كم من انسان ضحى يحياته حتى وصل الى مكانته بالحياة
    يجب ان تتعب الاولاد كي تتعلم معنى الحياة
    القدوة هي ان يقتدى به بعمل ما
    القدوة ان لا يكون معنا المال ونحن لا نعرف شيئا
    شكرا لك على هذه اللفتة
    يجب ان نهتم بهم اكثر ونعلمهم ولا نعطيهم جاهزا
    اشكر من علمني اصطاد وليش من يعطيني اياها

التعليقات مغلقة.

+ -
.