لماذا نفتقد الذّوق ؟

IMG_9126

الذّوقُ هو خُلُقٌ رفيعُ المستوى من أعظم وأرقى الصّفات التي يمتلكها ويتميّزُ بها الإنسانُ عند تعاملِه مع نفسِه أو مع الاخرين أيّ كانوا باحترامٍ ولباقةٍ وتواضعٍ ولطفٍ . الذوقُ ليس عادة قديمة مضى عليه الزّمن بإمكاننا تجاهلُه ولا يتلاءم مع عصرِنا هذا بل هو سمةٌ عاليةٌ جداً مغروسٌ بنا وبداخلنا ، يعني أنْ نتذوّق الذّوق .

الذّوقُ هو فنٌ في التّعاملِ ورقيّ الاخلاقِ خليطٌ من اللّباقةِ والأناقةِ والتّهذيبِ الخُلُقيّ ،هو انتقاءُ حُسن ِالكلام ِ، عن طريق آداب الحديث واتقانه في النّقاشِ والحوارٍ في الاستماعِ والإصغاءِ في احترامِ القيّمِ والآداب .
حُسن الكلام وصياغته ووقعه على الآخر هو ذوق -الإطراء هو ذوقٌ- التّواضعُ هو ذوقٌ الإعجابُ هو ذوقٌ ،التّعامل مع الآخر وتقبله وتقبل ذوقه هو الذّوق نفسه ، الحب هو ذوق يقال فلان ذوّاق ومهذّب بكل شيء لأنّه يتعامل مع نفسه والآخرين بذوق رفيع وبصدق ، أنْ نرتديَ بما يليقُ وبالمكان الملائمِ هو ذوقٌ أنْ نختارَ ونبدعَ ونبتكرَ هو ذوق أنْ نقيّمَ ونقدَّر مَنْ له فضل علينا هو ذوقٌ فمهما بلغت درجةُ ثقافتنَا ومكانتَنا ومستوانا ودخلَنا علينا التحلي بذوق ٍرفيعٍ ونحافظ ُعليه لكي نتسامى ونرقى بأخلاقِنا .
لماذا نفتقد الذّوق ؟
في أيامِنا هذه بات كلُّ شيء متغيراً أصبح الذوق ُ فناً لا يجيدُه الكثير حيث
انقلبتِ العاداتُ والتقاليد والأعراف رأساً على عقب اختلفت المصطلحاتُ والعبارات اختلفت المباديء والسلوكيات بعض منها يخجلُ المرءُ أنْ يذكرَه والبعضُ الآخر يجرحُ بذوقِه السخيّ دونَ علم ٍبتلك القلوب التي جرحها ويقول أنا طبيعتي أن أتكلم ُ في الوجهِ ولا يعرفُ الفرقَ بين الصراحةِ بمواجهةِ الآخر بأدبٍ أو مواجهتِه بهدفِ جرحه، لا يعرف بتواضعِه أنّه سوف يرقى للعلا ، الألفاظ البذيئة التي يستخدمُها الأصدقاءُ لهجةَ الحديثِ وصيغةَ الكلامِ والكلام بينهم غريب جدا تنمُّ عن مستوى لا يليقُ خالٍ من التهذيبِ الخُلُقي والأخلاقيّ فالصداقةُ هي أصدقُ العلاقات وما يميّزها الإنسانيّة المبنية على الاحترامِ والمودةِ والإخلاصِ الخالية من أيِّ شوائبٍ ، تعاملُنا مع بعض احترامثنا أخلاقُنا قيمُنا نفقدها روبداً رويداً
عندما نستمعُ لطفلٍ صغيرٍ وهو يستخدمُ كلمات تدل على احترامِه وأدبِه وبساطته وروح الذّوق فيه والتي تربى عليها وتعلّمها مِنْ مَنْ يكبرونه نستغربُ لكلامِه نحطّمه نتعاملُ معه على أنّه غريبٌ عنا من أيِّ عالم ومجتمع قد جاء وبأيِّ عصر هو!!
نتبنى عاداتٍ وسلوكياتٍ ليست لنا نقلّد شعوباً وحضارات لا تمت بصلةٍ لمستوانا أبدا كانت قد رمتها هذه الحضارات وأبعدتها عنها لأنها سببت لها العديد من المشاكلِ الأخلاقيةِ حيث قضت على عاداتِها وتقاليدِها وحضارتِها من حيث المستوى فنحن تلقيناها وقلّدناها بصدرٍ رحبٍ بهدفِ الشّهرةِ والتّفاخرِ بها .
كان للمكانِ احترامه وهيبته نصغي ولا نقاطعُ أحداً حتى يُنهي حديثَه ، نستأذُنُ حينما نَوَدُّ الكلامَ نُحاورُ ونناقشُ في الوقت المناسبِ ولكن الآن نجدُ الجميعَ يتحدث والأصوات تتعالى الصغير لا يحترم الكبير والكبير يقلل من شأن الصغير والكل غاضب غير راضٍ وغير مقتنع .
لكي نكسبَ قلوبَ الاخرين : أن يكون عنوانَنا الذّوق دائماً أن نتّسمَ بكل ما هو جميل بروحِ المحبةِ والتسامحِ بسمو ورقيّ الاخلاق أن نكون نبراساً يقتدي به الكثير أن نكون مثالاً بخبراتنا وتواضعنا علينا أن نتقبل أنفسنا أولا ومن بعدها نتقبلُ الآخرين ….

تعليقات

  1. للأسف هذا واقعنا يلي نخر السوس في ليوم الانسان المحترم ولمذوق صار محتقر وللانسان السخيف يلي بلا ذوق صار معتبر …. والذوق ثقافه راقيه …. فالج لا تعالج

  2. جميل ورائع جدا المعلمه منى وموضوع في غايه الاهميه للتطرق اليه والعمل به ..حقا غريب جدا كل هذا الانفتاح والقدره على التغيير الذي نملكه انه يفتقد لاكثر المقومات جمالا واهميه ومراقبه للذات في اختيار الاكثر خلقا في السلوك ..في الكلام ..في احترام الوقت والمناسب للمكان والزمان .باعتقادي لا يكفي التطرف لهذا الموضوع فقط عبر هذا الموقع .فمن من طلابنا الاعزاء يتصفح جولاني يوميا او لنقل احيانا..ربما تخصيص حصه تدرس اسبوعيا لهذا الموضع المهم لا تقل اهميه عن اي موضوع اخر يدىس يوميا.

  3. كل ألأحترام للأنسه منى يجب ان لا نيأس لفتت نظر حلوه لعل هذا الجيل يصحى من السبات يا رب مع تمنياتي لك التقدم والمزيد من الكتابه الى ألأمام يا غاليه

التعليقات مغلقة.

+ -
.