أحلام بريئة

كنتُ وما زالتُ على حالتي .. انتظرها من ذاك الوقت .. انتظر بلا أمل.. بلا طموح.. بعجزٍ مستمر.. وبقلبٍ حطمهُ الزمان وأرهقهُ الحرمان.

ما أقسى الزمان حين يغدر بنا ويجبرنا على تحمل أشياء ليس بمقدورنا تحملها.. أشياء ليست ملائمة لجيلنا وعمرنا.. بل إنها ثقيلة أكثر مما ينبغي أن تكون…

ليس من عادتي الحزن.. ليس من عادتي البقاء في حالة نفسية تعيق حياتي.. بل أنا الوجه الضحوك البريء الذي لا يحتلّ ملامحهِ الا البشاشة والحياة.. من يراني يدرك أن الحياة ما زالت بارزة في لمعة عيني.. والطموح مفصّل في تصرفاتي وكلامي.. وما من شيء يستطيع إعادتي الى الوراء وتحطيم ما قد سعيتُ لبنائه وسهرتُ لانجازهِ.. ولكنكِ أنتِ لستِ بشيء ولستِ بغريب عني.. انت روحي التي لا أعيش دونها.. أنتِ حياة قلبي الذي ينبض لأجلكِ.. لطالما وصفتكِ بالكلمات.. ولكني أعيد قراءتها وأجدها لا تكفي قدركِ.. فأهمُّ بتسويتها واضافة ما يليق بكِ وأعجز.. لا أعلم ما يصيبني عندها.. تختفي أفكاري وكلماتي وتتبعثر حروفها وتختفي.. هكذا كالدخان الذي يختفي في الفضاء في رفة عين..

مثالي الأعلى.. أين كنتِ وأين أصبحتِ؟ ماذا فعل الزمان بكِ؟ لماذا جعلكِ قاسية ومتناسية؟ لماذا قسوتِ على أضعف الناس يا نقطة ضعفي؟ أين انتِ فأنا احتاجكِ واحتاج هواءكِ.. أحتاج روحكِ.. قلبكِ.. صوتكِ وصورتكِ.. أحتاج وجودكِ.. أحتاجكِ انتِ ومَن دونكِ يُملِىء فراغي.. مَن يُكمل الغبطة في أعماقي سواكِ؟ أتساءلُ وأعلن إفلاسُ فكري.. فقد بات متخبطاً متأزماً متعكّراً متألماً.. بات مُستَضعفاً.. اتحايلُ على نفسي وأتعايشُ مع واقعي.. أنسى وأتناسى.. أبحثُ عن النور وسط ظلمتي كمن يبحث عن إبرة في كومة قشٍ.. أبحث هنا وهناك.. في كل الاماكن من حولي.. وحتى الآن لا زلت أبحث ولن أتوقف فيقيني بالعثور على ما ضاع مني مستتب.. وما زلتُ أحتاجكِ ولا أتنازل عن كلمتي.. فإنها تنبثق من شدة الحاجة اليكِ للإستفادة منكِ.. للتململ دلعاً في أحضانكِ.. للتخفّي أماناً عند حافة خاصرتكِ.. للتجمّل في مناظرة عيناكِ.. للوقوعِ في سَكرةٍ من جاذبيةُ رائحتكِ التي ما زالت تحوطني واشتمّها عندما أتذكركِ.. عندما تعبرين خاطرتي سهواً .. تحدّقين تبلّغين تقولين تأمرين قلبي بالتوقف لحظة.. فأنت قد جِئتِ وأخيراً قائلةٌ: “تعالي يا فتاتي الى قلبي الدافىء.. أحبكِ وأشتاقكِ وها انا عدتُ ولن أذهب مجدداً.. أعدك بذلك”.

ونمضي انا وانتِ وعمرنا وشوقنا وحبنا ولقائنا بعد فراقنا في حياتنا سوياً.. نمضي ونحقق ما حلمنا ونخطط لما أردنا ونكمّل ما بدأنا.. نمضي لنجعل لنا ذكرياتٌ أسمى وأحلى وأبهى الذكريات.. نفتخر لكوننا عدنا لنرسم قمرٌ لنسهر على وجوده.. نرسم شمسٌ نستأنس بها في نهارنا.. نرسم كواكب ونجوم تزين عالمنا.. نرسم زهور ملونة تلون حياتنا.. نرسم انا على أرجوحة وانتِ تبتسمين لي وتأرجحيني لترجعيني طفلةٌ تعيش طفولتها الجميلة.. وفي النهاية نجمع رسوماتنا في لوحة واحدة موحّدة.. وتخيلي.. ما أجملها لوحة.. قمرٌ وشمسٌ وكواكبٌ ونجومٌ وزوهورٌ والوانٌ وأرجوحةٌ.. وأنا وأنتِ نكمّل بهاءُ اللوحة.. إنها الكون والجمال الذي أخذنا إلى عالم ينسينا ارضُ والواقع ونحلم.. ونحلم.. ونحلم.. حتى يصبح الحلم حقيقة!

_________________________

* عابرة طريق: اسم مستعار. الاسم الحقيقي محفوظ لدى الموقع.

تعليقات

  1. كم جميله كلماتك التي قرأتها مرات ومرات..
    متابع, ومحب للغة العربيــــــــــه..

  2. “أتساءلُ وأعلن إفلاسُ فكري.. فقد بات متخبطاً متأزماً متعكّراً متألماً.. بات مُستَضعفاً.. اتحايلُ على نفسي وأتعايشُ مع واقعي.. أنسى وأتناسى.. أبحثُ عن النور وسط ظلمتي كمن يبحث عن إبرة في كومة قشٍ..”
    من أجمل وأروع ما قرأت تعابير تحاكي النفس .. وتلمس الروح … أحببت تعابيرك عابرة طريق … ثابري

  3. لأن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه عليك ان تري الجوانب المشعة في حياتك التي يملأها الطموح حبيبتي .. فلا بد من وجود الكثير من الاشياء المضيئة في وسط هذا الظلام … مثلك أنت مثلاً يا شمعة تضيء ظلامي !!

  4. عنجد حكيك علوجع كل الاحترام ثابري الله يوفقك محدا قدر يفهمني غير كلامك شكرا كثير هانة الدنيا عليي

التعليقات مغلقة.

+ -
.