أسرار المؤثرات الصوتية في السينما والتلفزيون

غالباً ما تكون الأصوات المضافة إلى أفلام السينما وبرامج التلفزيون والرياضة مصادر أخرى غير معتادة، حسب قول الصحفي الفني وليام بارك. بعض هذه الأصوات تعود لأشياء نجدها في حياتنا اليومية بالفعل، وبعضها تعود لأصوات حيوانات تم التلاعب بها ببراعة.

ربما لم تسمع من قبل عن عبارة “المؤثرات الصوتية”، لكن من المحتمل أنها مرت عليك عند مشاهدة آخر فيلم أو برنامج تلفزيوني، دون أن تشعر بها.

وتعرف العملية التي تضاف فيها المؤثرات الصوتية إلى الأفلام وبرامج التلفزيون والراديو بعد تسجيلها باسم “فولي”، وذلك نسبة إلى جاك فولي، رائد تطوير المؤثرات الصوتية في عهد الأفلام الصامتة في بداية القرن العشرين.

ويجري إنتاج تلك المؤثرات الصوتية من خلال مصادر غالباً ما تكون مختلفة جذرياً عما يظهر على الشاشة.

فإنتاج أصوات الوحوش الكاسرة وتقنيات المستقبل في أفلام السينما، على سبيل المثال، يجري من خلال استعمال كل شيء ممكن، مثل صوت مظروف الرسائل، وصوت هبات النسيم، وصوت المحركات المزدوجة للطائرات، أو إدخال مجموعة أصوات مختلفة معا للحصول على صوت معين.

وهذه الأصوات لا تستعمل في أفلام السينما أو برامج التلفزيون الخيالية فقط. ففي برنامج وثائقي أذيع على الراديو، ويحمل اسم “صوت الرياضة”، يشرح المذيع دينيس باكستر كيفية إضافة الأصوات إلى الأحداث الرياضية، من التجديف إلى ألعاب القوى.

وفي سباقات الخيل، على سبيل المثال، سيكون من المستحيل وضع أجهزة رصد الصوت الصغيرة على طول أرضية السباق، لذا يذاع تسجيل مسبق لأصوات السباق عند إجرائه.

ولكن بدلاً من تسجيل مسبق لأصوات الخيل وحوافرها، فإنهم يستعملون تسجيلاً جرى إبطاؤه لصوت تدافع الجواميس. قد تُستعمل المؤثرات الصوتية أحياناً لأنها تعطينا إنطباعاً بكون الحدث “حقيقياً” أكثر من الواقع نفسه.

ونجد فيما يلي بعض الأمثلة المذهلة على المؤثرات الصوتية التي قد نتعرف عليها من برامج التلفزيون ومما عُرض على شاشات السينما الكبيرة .

“ستار تريك”
يوضح صوت جر الباب في فيلم “ستار تريك” سهولة دور المؤثرات الصوتية في أفلام السينما باعتبارها أصواتاً للتكنولوجيا المتقدمة.

هنا، جرى توليد ضجيج إنجرار الباب على متن مركبة الفضاء “إنتربرايز” عن طريق تحريك ورقة مظروف الرسائل.

“سيد الخواتم”
في أفلام الخيال، تحتاج الحيوانات الأسطورية لخلق أصواتها الخرافية من نقطة الصفر. ويعني هذا أنه يتوجب على مهندسي ومصممي الصوت أن يكونوا أكثر إبداعاً.

إن صوت “بارلوغ” في فيلم “سيد الخواتم” – في الثانية (00:42)- كان قد استنبط من خلال سحب قالب طوب أسمنتي مفرغ على أرضية خشبية. أما صوت “رينغريث” فقد صنع عن طريق احتكاك أكواب بلاستيكية بعضها ببعض، وإضافة بعض المؤثرات الصوتية الأخرى.

بالنسبة لي، يختلف الضجيج الذي يحدثه “رينغريث” قليلاً عن تصوري للصوت الأصلي. لقد تم تكييف الصوت الأصلي فيما بعد لاختلاق الوهم بأجمله. لكن الحقيقة تبقى كما بدأت، حيث يُظهر قدح بلاستيكي بسيط الأصول المتواضعة للعديد من المؤثرات الصوتية هذه.

“غودزيلا”

في تشريح مفصل لنسخة 2014 الجديدة لتصميم الصوت في فيلم “غودزيلا”، يكشف فنانو المؤثرات الصوتية أن آهات وجلبات مخلوقات “موتو” في الدقيقة (03:19) قد أنتجت عن طريق فرك الأيادي ببالون، وحك حذاء مطاطي بجلد طبلة، وصوت وتري، وصرير مفاصل طاولة كي الملابس، وشماعة قبعات، وأخيراً تسجيل صوت حمار صغير.

رغم كل ذلك، تظل المكونات الخاصة بتوليد هدير “غودزيلا” خفية.

“حرب النجوم”
كان مهندس الصوت “بِن بيرت” مسؤولاً عن الكثير من أشهر الأصوات في هذا الفيلم، بما في ذلك الصوت الأصلي للسيف الضوئي.

قام بإنتاج هذا الصوت، الذي يعتبر من معالم الفيلم، عن طريق خلط صوت اضطراب عمل محرك جهاز عرض الأفلام مع التشويش الناتج عن تقريب جهاز رصد الصوت من جهاز التلفزيون الخاص به. ويبين هذا كيف يمكن لفنان المؤثرات الصوتية الاستفادة من إكتشافات الصدفة.

“جوراسك بارك”
مع أن جميع الحيوانات في فيلم “جوراسك بارك” منقرضة، إلا أن المخرج “ستيفن سبيلبيرغ” حرص على استخدام أصوات حيوانات حقيقية ليضمن أثرها الواقعي على مشاعرنا باعتبارها مخلوقات حية.

جرى تركيب الهدير الشهير لحيوان تيرانوصور، في الدقيقة (01:58)، عن طريق خلط صرخة فيل صغير، بعد أن تم إبطاءُ الصوت، مع صوت زئير نمر، وفي نهاية تم مزج الصوت مع صوت تمساح استوائي.

حتى أن مهندس الصوت في فيلم “جوراسك بارك” استعمل صوت كلبه وهو يمضغ دمية في أحد مشاهد التيرانوصور. أما أصوات بقية الديناصورات، فقد تم تركيبها بخلط صوت عملية الجماع الصادر عن حيوانات الكوالا، والدجاج، وحتى السلاحف.

“الفك المفترس”
في هذا الفيلم، قام “سبيلبيرغ” بتكييف صوت من فيلم سابق له، وهو فيلم “الثنائي”، ليستعمله لغرض مختلف في فيلم “الفك المفترس”. والصوت المستعمل هنا هو لشاحنة يقودها سائق حاقد، ويتعرض ذلك السائق لحادث فيرتطم بأسفل هضبة صخرية.

يستعمل “سبيلبيرغ” صوت الارتطام هذا في فيلم “الفك المفترس” عندما يغوص سمك القرش إلى قاع البحر، بعد مواجهته النهائية مع مدير الشرطة “برودي”.

أما الصوت الأصلي، فقد استُعمل في فيلم الرعب الكلاسيكي لعام 1954 “مخلوق البحيرة السوداء”.

“وول ـ إي”
تجري أحداث فيلم الرسوم المتحركة هذا في المستقبل البعيد، وهو ما كان يستلزم ابتكار عدد كبير من الأصوات المصطنعة. كان “بيرت” مسؤولاً عن تصميم وهندسة معظم الأصوات المستعملة في فيلم “وول ـ إي”. في عام 2008، شرح “بيرت” كيفية خلق الضوضاء التي يحدثها الروبوت الصغير أثناء حركته.

ففي السرعات البطيئة للروبوت، استعمل صوت مولد كهرباء قديم لجهاز مذياع عسكري. أما للسرعات العالية، فقد استعمل صوت بدء تشغيل طائرة ثنائية المحرك. وأضاف أنه جرى تركيب العديد من الأصوات في هذا الفيلم حتى أنها تجاوزت ما صنع في أي من أفلام “حرب النجوم”، التي عمل على إنتاجها.

“حكاية لعبة”

تطلب فيلم الرسوم المتحركة “حكاية لعبة”- تماما مثل فيلم “وول ـ إي”- إنتاج جميع الأصوات المستخدمة فيه تقريبا. فعندما يلعق “بولزآي” وجه “وودي”، وضع أحد أفراد طاقم العمل زبدة الفول السوداني على وجهه وقاموا بتسجيل الصوت عندما كانت تلعقها بقرة بلسانها، في الدقيقة (03:15).

يوضح الإبداع الذي يقوم به مهندسو الصوت للحصول على المؤثرات الصوتية تفسيرنا الذاتي للأصوات، وكيف أن هذا التفسير يتأثر بالمشاهد واللقطات التي تحدث أمامنا.

لذا، ففي المرة القادمة التي تشاهدون فيها فيلماً، أنصتوا جيداً لصوت أحد الوحوش، أو طنينٍ صادر من تقنية متقدمة في أفلام الخيال العلمي ـ فلعلكم ستسمعون صوتاً مبتكراً لبالونة، أو مظروف ورقي، أو شيئاً آخر مألوفاً.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future.

+ -
.