أسوأ مستوى للروبل في عقدين

تكبد سعر صرف الروبل خسائر إضافية أمس أمام الدولار مسجلاً أسوأ نتائج منذ نحو عقدين، وسط ترقب في الأسواق لتطورات أسوأ قبل حلول نهاية العام، وتزايد الانتقادات لأداء الحكومة الروسية الذي وصف بأنه ساهم في تفاقم الأزمة. وبعد «الإثنين الأسود» أول من أمس الذي ضرب رقماً قياسياً في خسارة الروبل لـ10 في المئة من قيمته أمام الدولار، واصلت العملة الروسية امس انهيارها في شكل متسارع وفشلت التدابير التي أعلنها المصرف المركزي في ساعة متأخرة من ليل الإثنين- الثلثاء في كبح جماح التدهور.

وعلى رغم الانتعاش المحدود صباح أمس للروبل بعد قرار «المركزي» رفع سعر الفائدة الأساس السنوي من 10.5 في المئة الى 17 في المئة، بهدف وقف انهيار الروبل ومواجهة التضخم، كما أعلن في بيان، لم تلبث الأسواق أن تعرضت إلى هزات قوية أفقدت الروبل نحو 10 في المئة إضافية من قيمته، ليتجاوز سعر الصرف حاجز 80 روبلاً للدولار و100 روبل لليورو في أسوأ تدهور منذ نحو عقدين. وسيطرت حال من الذعر على أسواق العملات أمس في روسيا، وسط توقعات بتوقف عدد من المصارف عن التعاملات، وبانتظار قرارات جديدة من الحكومة.

وتزايدت الاتهامات للحكومة باتخاذ خطوات متسرعة وغير فاعلة والتسبب في تفاقم الموقف، خصوصاً من خلال محاولة «تقليص خسائر شركات ومؤسسات مقربة من الكرملين»، كما قال نائب رئيس الوزراء السابق بوريس نمتسوف. وجاء أقوى الانتقادات من جانب وزير المال السابق أليكسي كودرين، الذي عزا تسارع وتيرة تدهور الروبل إلى «عمليات غير شفافة تقوم بها الحكومة بينها التوقيع على اتفاق لم يعلن عن تفاصيله كاملة لإقراض الشركة النفطية الكبرى «روسنفت» نحو 10 بلايين دولار، بهدف مساعدة الشركة العملاقة على الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين الغربيين وتقليص تداعيات الأزمة الخانقة عليها.

ورجح خبراء تحدثت إليهم «الحياة» أن تكون روسيا «مقبلة على الأسوأ وربما قبل نهاية العام»، في إشارة إلى الوتيرة المتسارعة لتطور الأزمة، ولم يستبعد بعضهم أن تلجأ موسكو إلى رفع الدعم نهائياً عن الروبل، أو الى قرارات سياسية قد يكون بينها إقالة الحكومة. وفي مؤشر إلى زيادة هذه الاحتمالات أعلن مجلس الدوما (البرلمان) أنه سيعقد جلسة خاصة للاستماع إلى مسؤولي المصرف المركزي والحكومة في الانتقادات الموجهة إليهم والتي بلغت إلى حد وصفها من جانب بعض النوب بأنها «جرائم اقتصادية».

لكن خبراء آخرين رجحوا تأجيل أي قرارات حاسمة من هذا النوع إلى بداية الربيع المقبل، بهدف «عدم تحميل القرارات الاقتصادية أبعاداً سياسية قوية في الظروف الحالية» في إشارة إلى المواجهة القائمة مع الغرب، والتي تتوقع أوساط روسية أن تبدأ في الانحسار خلال فصل الشتاء.

وقالت محافظة البنك المركزي الروسي ألفيرا نابيولينا، إن سعر الروبل يقل كثيراً عن قيمته الحقيقية وإن استعادة العملة توازنها ستستغرق بعض الوقت. ورأى الرجل الثاني في البنك المركزي سيرغي شفيتسوف أن وضع الروبل «دقيق» ويتراجع بسرعة لليوم الثاني على التوالي، معلناً عن تدابير جديدة بعد عدم مساهمة رفع معدل الفائدة في تهدئة السوق. وتدهور مؤشر بورصة موسكو «آر تي أس» بنسبة 17 في المئة ليسجل أدنى مستوى له منذ آذار (مارس) 2009. وقال ألكسي ميخييف من مصرف «في تي بي 24» لوكالة «فرانس برس»: «نشهد بالعين المجردة هجوم مضاربات على الروبل».

وأفادت وكالة «رويترز» بأن تدهور الروبل انسحب على الليرة التركية التي هوت إلى أدنى مستوياتها التاريخية مقابل الدولار واليورو، على أثر اضطراب الأسواق بعد انهيار الروبل والحملات التي تستهدف الصحافة التركية المعارضة. وخسرت الليرة التركية 0.60 في المئة مقارنة بالاثنين، وبلغت 2.41 ليرة للدولار، ثم تراجعت الى 2.38 ليرة. وارتفع اليورو 1.5 في المئة إلى 2.98 ليرة بعدما اجتاز عتبة الثلاث ليرات.

+ -
.