الأدوية المهدّئة والمنوّمة والمسكّنة… خلطة قاتلة

الممثلة عارضة الأزياء الأميركية أنا نيكول سميث التي كانت تبلغ من العمر 39 سنة، وجدت جثة هامدة في غرفتها في فندق بولاية فلوريدا. واكتشف المحققون الأميركيون أن سبب الوفاة هو تناول جرعات زائدة من الأدوية المنوّمة مع خليط من أدوية أخرى.

الممثـل الاسترالي هيــث ليدجر البالـــغ مـــن العمـــر 28 سنة، وأحد أبطال فيلم «جبل بروكباك» الحائز أهم الجوائز السينمائية، عثر عليه ميتاً في شقته في نيويورك. وأكدت نتائج التشريح أنه قضى بسبب جرعات زائدة من الأدوية المنومة كانت موصوفة له.

ملك البوب الأميركي، مايكل جاكسون، نام نومته الأبدية في 29 حزيران (يونيو) عام 2009 نتيجة تعاطيه خليطاً من الأدوية المنوّمة والمهدّئة والمسكّنة.

تستعمل الحبوب المهدّئة والمنوّمة على نطاق واسع في شتى أنحاء العالم في شكل يفوق استعمال العقاقير الخافضة للسكر وضغط الدم، ففي الولايات المتحدة هناك شخص بين كل 10 أشخاص يتناول أدوية مهدّئة أو منوّمة في فترة ما خلال العام الواحد، في حين بلغت هذه النسبة 11 في المئة في فرنسا. وساهم عصر السرعة، مع ما يرافقه من ظروف حياتية صعبة وضغوطات نفسية وعصبية، في زيادة الإقبال على هذه الأدوية، خصوصاً أن كثيرين يحصلون عليها بطرق غير قانونية وفي السوق السوداء.

وأشار مسح للمستشفيات في الولايات المتحدة أن الذين زاروا غرف الطوارئ نتيجة التسمم بالعقاقير المختلفة، بما فيها المهدّئات والمنوّمات ومسكّنات الألم القوية جداً، تناولوا جرعات زائدة غير مقصودة وذلك بنسب مماثلة في كل الفئات العمرية.

ويجد كثيرون ضالتهم في الحبوب المهدئة لأنها تساعدهم في التخفيف من وطأة الضغوط النفسية وتثير في أوصالهم نوعاً من الاسترخاء والشعور اللذيذ وزيادة الثقة بالنفس، بل وتساعد في الدخول الى عالم النوم في شكل أسهل، لكن هذه الأحاسيس والمشاعر التي يحصل عليها المتعاطي في البداية سرعان ما تتبخر مع الجرعات الاعتيادية فيضطر الى رفع الجرعة أكثر فأكثر فيقع في مطب الإدمان ويبدأ في المعاناة من قلة النشاط والخمول والكسل.

ويستعين ملايين الأشخاص بالأدوية المنوّمة للتغلب على مشكلة الأرق، لكن كثيرين منهم سرعان ما تتحول حبوب النوم عندهم طقساً من طقوس النوم فلا يعودوا قادرين على الاستغناء عنها فيقعون في حبالها، والمشكلة الكبرى التي تواجههم هي أنهم يضطرون لمضاعفة الجرعات للحصول على نوم هادئ لأن الجرعات السابقة لم تعد تنفع في جلب النوم، فتكون النتيجة الإصابة بالإدمان حتماً.

أما الأدوية المسكنة للألم القوية جداً، والتي تنتمي الى عائلة المخدرات، فهي توصف عادة تحت إشراف طبي لفترة وجيزة يكون فيها المصاب في أمس الحاجة اليها بسبب طبيعة الداء الذي يشكو منه، لكن بعضهم قد يخرج عن نطاق الاستطباب المرسوم لها فيمعن في المثابرة عليها بهدف الرفاهية والمتعة والإحساس اللذيذ. ولعل الأنكى في الأمر أن هناك فصيلة من البشر تاهت طريقها ولجأت الى تلك الأدوية ليس للعلاج وانما لتحسين الحالة المزاجية والحصول على المتعة والنشوة، والجميع يعرف أن سوق هذه الأدوية ناشطة جداً، من تحت الطاولة، في كل أنحاء العالم في مقابل مبالغ باهظة أحياناً.

وكلما زاد الادمان على أنواع الأدوية المذكورة زادت أخطار الوفاة المباغتة، لكنها تقفز الى أضعاف مضاعفة عندما يخطر في بال بعض «الجهابزة» تناول خلطة من العقاقير المنوّمة والمهدّئة ومسكّنات الألم القوية جداً، فتكون حتماً بمثابة فيزا الى القبر.

هنا نصائح لتجنّب أخطار الأدوية المهدّئة والمسكّنة:

– التقيّد بالجرعة التي يصفها الطبيب، وعدم التفكير بتجاوزها في أي حال من الأحوال، لأن مضاعفة الجرعات يعرّض للإصابة بالإدمان وخطر الموت.

– التقيّد بمدة العلاج، أما اذا كنت تستعمل الأدوية المهدئة أو المنومة من مدة طويلة فلا تحاول التوقف عن استعمالها فجأة بل استشر طبيبك ليخبرك كيف تمتنع عنها تدريجياً تفادياً للمضاعفات.

– لا تخلط الدواء الموصوف مع أي دواء آخر من دون استشارة الطبيب في ذلك.

– لا تتناول الحبوب المنومة اذا كنت تعاني من مرض الاكتئاب لأنها تشكل خطراً عليك، بل قد تقتل في حال تناول جرعات عالية.

– في حال تناول الحبوب المنومة من الضروري الحذر والتيقظ وإبلاغ الطبيب فوراً عند حدوث عوارض جانبية.

– لا يجوز استخدام الأدوية المكافحة للألم القوية جداً سوى لفترة قصيرة وتحت إشراف الطبيب حصراً.

– تجنــب قيـادة السيارة أو العمل على آلات خطيرة في حال استعمال أدوية مهدّئة أو منوّمة أو مخدّرة.

وفي الختام، الأدوية المهدّئة، والأدوية المنوّمة، والأدوية المضادة للألم، وجدت لأغراض طبية خاصة توصف من أجل علاجها تحت إشراف طبي، أما استخدامها من دون وصفة فتترتب عنه عواقب خطيرة، خصوصاً عندما يتم تناولها في آن معاً، فعندها تصبح خلطة قاتلة لأنها تعطّل مراكز التنفس في الدماغ فتقع المأساة … الوفاة.

 

doctor.anwar@hotmail.com

تعليقات

  1. الكثير الكثير من الأدوية يمكن الاستغناء عنها بالتركيز على أغذية محددة، مثلا لخفض نسبة الكولسترول بالدم يمكن استهلاك زيت الزيتون او الثوم او عصير العنب الأحمر وغيرها الكثير..اضافة الى القيام بالحركة مثل المشي ، لكن هل نصح أطباؤنا أحدكم يوما ما بمثل هذا؟؟!..يمكن إطلاق تسمية طابعة أدوية على غالبية الأطباء اليوم، وكان عملهم يتلخص بتوزيع اكبر عدد منها.. والمعروف ان لكل دواء تقريبا أعراض جانبية..

التعليقات مغلقة.

+ -
.