الانتخابات المبكرة وتحولات المشهد الإسرائيلي

بعد حل الكنيست الإسرائيلي التاسع عشر وتحديد موعد الانتخابات المبكرة في 17 آذار (مارس) المقبل، برزت أسئلة عديدة عن خصائص النظام السياسي الإسرائيلي، فضلاً عن التكتلات الحزبية التي تشكل الأطياف السياسية. وثمة عوامل سرّعت في تحولات المشهد السياسي الإسرائيلي.

 

 

من بين القضايا الخلافية في الائتلاف الحكومي الذي كان من منذ البداية تحالفاً هشاً، عدة أمور، من بينها: رفع ميزانية وزارة الدفاع، إضافة إلى مشروع قانون ينص على تعريف إسرائيل كدولة قومية لليهود. وفي أول تصويت على قرار حل الحكومة داخل الكنيست صوت 84 نائباً من أصل 120 لصالح حل البرلمان، مقابل امتناع نائب واحد عن التصويت.

 

 

واللافت أنه تمّ إقرار الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، بعد سجالات متشعبة بين الأطياف السياسية حول الاعتبارات الأمنية وميزانية عام 2015، فضلاً عن القلق المتزايد من اقتراب امتلاك إيران خياراً نووياً، ناهيك عن توتر العلاقات مع الولايات المتحدة.

 

 

المتابع لوسائل الإعلام الإسرائيلية يلاحظ انطلاقاً واضحاً للحملات الانتخابية بعد تحديد موعد الانتخابات المبكرة. وتبعاً لتسريبات صحافية، تمّ التوصل إلى تفاهمات حول خوض حزب العمل الإسرائيلي برئاسة يتسحاق هرتسوغ، وحزب «هتنوعا» برئاسة تسيبي ليفني، الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ضمن قائمة واحدة. كما أن وزير الداخلية السابق جدعون ساعر يستعد للعودة إلى صفوف «الليكود» ومنافسة بنيامين نتانياهو على رئاسته.

 

 

ووفقا للتفاهمات، فإن هرتسوغ سيرأس القائمة، فيما ستكون ليفني في المكان الثاني. ويجري التفاوض بين الجانبين حالياً حول عدد ممثلي حزب «هتنوعا»، عمير بيرتس وعمرام متسناع ومائير شيطريت، في المراكز العشرة الأولى في القائمة، وتحصين أماكن لهم في القائمة المشتركة عموماً.

 

 

ويشار إلى أن هرتسوغ وليفني سافرا سوية إلى واشنطن قبل حل الكنيست بعدة أيام، من أجل المشاركة في «منتدى سبان»، وتشير المعلومات إلى أنهما قضيا وقتاً طويلاً في المحادثات حول تشكيل القائمة المشتركة، وذلك استناداً إلى استطلاعات داخلية تم من خلالها التدقيق في توحيد الحزبين. وتشير هذه الاستطلاعات إلى أن قائمة مشتركة بينهما ستؤمن عدداً أكبر من المقاعد في الكنيست. وظهرت تصريحات لعدد من قادة الأحزاب العربية في إسرائيل، تؤكد أنها ستخوض الانتخابات بقائمة عربية موحدة، بغية تجاوز عقدة نسبة الحسم التي تصل الى 2.2 بالمئة من إجمالي عدد الناخبين في إسرائيل.

 

 

وعن التوقعات لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات، تشير استطلاعات الرأي إلى أن 65 بالمئة هم ضد تعيين نتانياهو رئيساً جديداً للوزراء في الحكومة التي سيتم تشكيلها إثر الانتخابات، مقابل 30 بالمئة فقط يؤيدونه.

 

 

ويؤكد متابعون لتحولات المشهد الإسرائيلي أن هناك أسماء عديدة قد تنافس على رئاسة الحكومة، منها: نفتالي بينيت زعيم حزب «البيت اليهودي» ذو التوجه الديني القومي الداعم لسياسة الاستيطان. ووزير الخارجية الحالي أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي أنهى تحالفه مع «الليكود»، ويريد الانخراط على المستوى الحكومي مستقبلاً.

 

 

ومن بين السياسيين الآخرين الراغبين في المنافسة، اثنان من «الليكود» هما: جدعون ساعر وزير الداخلية السابق، الذي أعلن قبل شهرين اعتزال السياسة، إضافة إلى موشيه كاهلون، أحد المقربين السابقين من نتانياهو والذي انسحب من «الليكود» عام 2013. كاهلون الذي شغل منصب وزير الاتصالات سابقاً يمكن أن يقود السباق لمنصب رئيس الحكومة على رأس «الليكود». وفي حال حصوله على تزكية من الحزب فإن الاحتمالات ستكون عالية لجذب ناخبين من يسار الوسط.

 

 

والى حين موعد الانتخابات، ستحصل تشظيات واندماجات حزبية، وكذلك تشكيل أحزاب وتكتلات ستتبنى بكل تأكيد خطابات سياسية واجتماعية من شأنها الحصول على مزيد من مقاعد الكنيست.

 

 

ثمة خصائص يتمتع بها النظام السياسي في إسرائيل تتضح قبل كل انتخابات، ومن بينها أن الائتلافات والتكتلات تحصل عادة بين أحزاب من طيف سياسي واحد له مواقف متقاربة. وتتآكل أكثر التكتلات مع مرور الوقت، أو تتم عملية اندماج بين أحزابها المختلفة، خاصة عند تشكيل قوائم لخوض الانتخابات العامة، وهذا ما سيحصل أثناء خوض الانتخابات في آذار المقبل.

 

 

فحزب العمل الذي قاد إسرائيل لسنوات عديدة كان محصلة سلسلة طويلة ومعقدة من الاندماجات بين أحزاب المعسكر اليساري، في حين تشكل «الليكود» من ائتلاف أحزاب اليمين والوسط مع بعض أفراد حزب العمل الذين انشقوا عن حزب العمل وأيدوا فكرة أرض إسرائيل الكاملة، وقد سطع نجم تجمع «الليكود» بعد فوزه في انتخابات صيف عام 1977، الأمر الذي أتاح بعد ذلك التاريخ للأقلية العربية وأحزابها المختلفة دخول اللعبة الانتخابية في إسرائيل.

 

 

ومع صعود الأحزاب الدينية الشرقية والغربية ممثلة بحركتي «شاس» و «المفدال» إلى واجهة العمل السياسي في عقد التسعينيات من القرن الماضي، باتت الخريطة السياسية تتشكل من أربعة أطياف رئيسية هي: تكتل حزب العمل وحلفاؤه، تكتل «الليكود» وحلفاؤه -حتى وقت قريب- بما فيها حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان، فضلاً عن الأحزاب الدينية، الغربية والشرقية، وتكتل الأحزاب العربية.

____________________

* كاتب فلسطيني

+ -
.