الانتخابات حق ورفض الانتخابات حق (الدخيل والأصيل في الحالة الجولانية)

Yaser-Khanjer
ياسر خنجر

تعتزم دولة إسرائيل التي تحتل الجولان السوري إجراء انتخابات للمجالس المحلية التي ما زالت حتى يومنا هذا معيّنة من قبلها، وتدور هذه الأيام نقاشات واسعة وحادة بين أهالي الجولان حول ضرورة اتخاذ موقف من هذه الخطوة الإسرائيلية وأثرها على طبيعة حياة السكان في المرحلة القادمة.

في البداية أود التأكيد على أن الانتخابات لأي منصب يحمل صفة تمثيلية هو حق للأفراد الممثّلين في هذا المنصب، ولكن هذا الحق ليس مطلقاً خاصة إذا التفتنا إلى العوامل المحيطة بهذا المنصب التمثيلي ومحاولات الدولة لوضع يدها على رؤية السكان لهويتهم وإضفاء شرعية على وجودها الدخيل.

لم تكن علاقة سكان الجولان مع دولة إسرائيل التي تحتلهم طبيعية في أي يوم من سنوات الاحتلال الطويلة، كما أنها لم تكن طبيعية مع الدولة السورية التي كانت وما زالت لا تقيم وزناً حقيقياً لمواطنيها الذين يعيشون ظرفاً طارئاً طال أمده كثيراً لدرجة جعلت من البعض يُخضع موقفه للآني والراهن من الوقائع السياسية، وهذا جرم لا يمكن التغاضي عنه.

لقد تميز واقع سكان الجولان في ظل غياب وثائق تعريف سورية، بامتلاكهم لوثائق سفر إسرائيلية تحمل تعريف “غير معرّف” في خانة المواطنة، فنحن في هذه الحالة مواطنون غير معرّفون في انتمائنا، وهذا اللا تعريف يمنحنا -رغم كل ما يحمل من إشكاليات- خصوصية جديرة بالالتفات لها، فنحن لا نحمل وزر جرائم أي دولة وخاصة الدولة التي تستصدر وثائق سفرنا لأن الجملة الأولى المكتوبة على وثائق سفرنا تقول: “إن حامل هذه الوثيقة لا يعتَبر مواطناً إسرائيلياً”. وهنا يجب القول أن ما نسبتهم 12% من سكان الجولان يمتلكون وثائق مختلفة تعرّفهم على أنهم مواطنون إسرائيليون وتمنحهم بعض الامتيازات في

في العودة لانتخابات المجالس المحلية، فإن الانتخاب حق ديموقراطي للأفراد يشترط أولاً أن يكونو متساوين في الحقوق والواجبات، قبل الخوض في المشروعية السياسية طالما أن للانتخابات صفة سياسية، فالحالة التمثيلية للانتخابات تختلف اختلافاً جذرياً عن التعيين الذي يندرج في خانة تسيير الأمور، وفي الحالة هذه فإن السبب الأول الذي يدعو إلى رفضها يكمن في أخلاقية هذه الانتخابات التي تنسجم انسجاماً كاملاً مع قانون قومية الدولة الذي أقرّ قبل أشهر قليلة. ففي حين ينحصر المترشحون لمنصب رئيس المجلس المحلي بحملة الجنسية الإسرائيلية حصراً، أي 12% من سكان الجولان فإن غالبية سكان الجولان لا يحق لهم الترشح لهذا المنصب، أي أننا أمام واقع ينتخب فيه الغالبية من السكان ممثلاً لهم من الأقلية ليشغل منصباً يُمنعون هم أنفسهم من الترشح له على الرغم من كونهم أصحاب القضية الأساس. هذا الواقع العنصري الذي نقف أمامه لا يختلف عن أي ممارسة استبدادية قمعية تنتهجها الدول الديكتاتورية. وإذا كنا لا نتوقع سلوكاً مغايراً من دولة تقوم على احتلال الغير وترتكب جرائمها بحقه دون أي رادع أخلاقي وثم تقوم بتصنيف هذا الغير (كل من ليس يهودياً) على أنه مواطن من الدرجة الثانية، فإنه من المستهجن أولاً أن يقبل أيّ عربيّ من حمَلة جنسية هذه الدولة التنازل عن كرامته طوعاً خدمة لمؤسسة تعتبره مواطناً من الدرجة الثانية، والمستهجن أكثر هو أن يقبل إنسانٌ تضعه الدولة في الدرجة الثالثة أن يختار ممثلاً عنه إلى منصبٍ ممنوعٌ عليه أن يترشح له أي أننا نواجه حالة من افتراض نكران الذات وتهميشها للحد الأقصى عند المُنتخِبين لدرجة تجعلهم يظنون أنهم بانتخاب مرشّحٍ، تنتقي الدولة التي تحتلهم مواصفاته، يُمارسون دوراً ديموقراطياً.

هنالك فجوة لم تُردم بعد بين المترشحين المحتملين وعمق المسألة التمثيلية، فالمترشحون يعتمدون على امتلاكهم للمواصفات التي تشترطها مؤسسة الدولة وتزكياتها لا على رصيد شعبي حقيقي قادرٍ على فهم متطلبات المجتمع، هذا على الرغم من قناعتي أن قبول البعض من سكان الجولان بالعملية الإنتخابية ناجم عن التأثير البالغ الأهمية للجانب الخدمي الذي تتولاه مؤسسة المجلس المحلي ولكن يفوتهم أو هم يتجاهلون أن المسألة الخدمية لا تحتاج إلى تمثيل للمجتمع في دوائر الدولة والدليل على ذلك أنها كانت قائمة وما زالت قائمة حتى يومنا هذا وإن رافقتها اتهمات هنا وهناك. الفارق الجوهري باعتقادي أن مركز القوة في مؤسسة المجلس المحلي كان ملك الدولة طالما أنها هي من كان يقوم بتعيين رئيس المجلس وستبقى كذلك بعد إجراء الانتخابات طالما أنها هي من يحدد مواصفات رئيس هذا المجلس ولكن عملية الانتخاب بحد ذاتها ستعطي للدولة امتيازات لم تكن لتحلم بها ترتكز على أن المجلس المحلي هو أحد أذرع الدولة ولكنه يمتلك صفة تمثيلية للمجتمع وهو الذي يتحدث باسمه ويتحكم بأولويات مطالبه واحتياجاته رغم كونه لا يمتلك (هو أو سواه) مشروعية التمثيل الحقيقي للمجتمع في ظل غياب الحرية الكاملة للتعبير عن هوية السكان، رؤاهم، رغباتهم أو أولوياتهم. هذا الأمر فقط سينقل موضع شكوى المجتمع من واجهة الدولة إلى واجهة هامشية إسمها المجلس المحلي المنتخب والمخوّل وحده بالتعبير عن حاجيات المجتمع وتوجهاته.

إن أبسط مقومات العمل الديموقراطي تقول بوجوب اختيار ما يعبر عن توجه المنتخِبين ورؤيتهم لا على المفاضلة بين ما يُفرض عليهم من مرشحين. لذلك أعتقد أنه من السذاجة أن تُسمى عملية الانتخاب وحدها نهجاً ديموقراطياً طالما لا تحمل بين طياتها مبادئ تحفظ هوية الإنسان وتعريفه لنفسه ويتضمّن المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات، ويأتي بعد هذا الحق الجماعي المبني على المفاهيم والقيم التي يتبناها المجتمع ويعتمدها أساساً للحفاظ على هويته، تاريخه وعمقه الجغرافي والسياسي، وهي جميعها لا يمكن أن تكون إسرائيلية في حالتنا الجولانية. فالمفاضلة ما بين سيء (فرض المنصب من خلال التعيين) وأسواء (الشكل الديموقراطي للإنتخاب حين يكون مبنياً على على تمييز عنصري وقمع للأكثرية على حساب الأقلية) لا تمت بأي صلة للموقف الإنساني ولا تنم عن وعي سياسي.

ياسر خنجر

تعليقات

  1. ماذا تعني بقولك ان الخدمات الاجتماعيه لا تحتاج لمؤسسات دوله!هل المقصود ان تطور المجتمع هو حالة وعي وإدراك للحقوق والواجبات ذاتيه وفرديه وبهذا الإدراك الإنساني لمعنى الانسانيه تنتفي الحاجه للمؤسسه ويقوم مكانها المبادرات الذاتية لتطوير الفرد لنفسه أو بالأصح لإدراك الإنسان عن مدى ذكائه وبادراكه العميق لهذا يتحرك ويفعل ويخدم ويطور بالمجتمع المبني من مجموع افراد

  2. كفاكم مزاودات . لا انتخابات عجبكن . ولا تعيين رئيس مجلس من الدوله عجبكن . ولا اي شخص عجبكن . قولو الحمدلله على النعمه والجنه العايشين فيها

  3. “ليش حق الترشح لفئة قليلي بل شعب هلي معها الجنسية ومش للجميع ”
    ببساطة لأن المواطن الاسرائيلي هو هلي الو الحق يترشح لمناصب بتخدم دولة اسرائيل
    واذا بدهن يمشو بل ضبط كيف بتنص الديموقراطية
    المواطن الاسرائيلي هو الوحيد هلي الو الحق ينتخب
    اني ضد الجنسية لأسباب كثيري بس مع ها كلو اني مع انو يصير في انتخابات
    خلينا نختار الشخص هلي منشوفو اكثر ملائم لهل منصب وهلي بيقدر يحصلنا حقوقنا
    احلا من شخص هن بحطوه ( متل الموجودين حاليا ) هلي لليوم مشنفاش شي صار الهن سني
    بحال قدرتو تقدمو طريقة هلي توصللنا هلي المنطقة بتطلبها بدون الانتخبات نحنا معكن
    بحال قررتو انو تحطو علينا حرم ديني واجتماعي بحال صوتنا بدون متقدمو حل بديل كمان نحنا معناش مشكلي.

  4. واقعي ومنطقي وفي الصميم لمن يفهمه في حالتنا الجولانيه

  5. مر وقت طويل وهم يلعبون الظامه ولان تطوره الامور وبدء دوري الشطرنج وقصتهم مع الملك لتثبيت الجذور ،. ؟؟

  6. والله اذا بيجي ربنا مو معاجبك يا غالي ، ولكن دع الخلق للخالق طالما هذا المجتمع مفكك ومش عارف حالو شو بدو . والله من الزغير للكبير كل ميقعدو مع مسؤول عبيديرهون وكيف مبدو واتذكر كلامي : لم ولن يكون حسم للمقاطعة لانها مبيني مطبوخة مع الباشاوات وستجرى الانتخابات وما بيصير غير عخاطر معلمهون ، وهاللي بيحب الديمقراطية اجتو عطبق من ذهب .
    عااااااااااااااااااااشت الديمقرااااااااطية هههههههه وتبا لنا ولعدم الوعي والتبعية لفلان وعلان ، وخلي الاقرع والمسولح يلعبوا فينا كيييييف مبدهون ( هيك شعب بدو هيك رب ) ومتل مقال ابو الظامة اجا دور الشطرنج.

التعليقات مغلقة.

+ -
.