الانتخابات و”حصان طروادة” – بقلم مجيد القضماني

مجيد قضماني

فقط من بحوزته جنسية الدولة المحتلة يحق له أن يترشح لمنصب رئاسة البلدية. أي أن  الانتخابات تضع المتجنسين في مرتبة “خاصة”، وتُحوّل غير المتجنسين، وهم الأكثرية المطلقة، إلى “قطيع” ينحصر دورهم فقط في أن ينتخبوا “راعيًا” لهم من بين هؤلاء القلة.

صنف أ .. صنف ب

كيف يمكن لأي منّا أن يرضى هذا الفرز الذي تسعى سلطة الاحتلال لفرضه علينا..!؟ كيف يمكن أن يصبح حملة الجنسية في مرتبة “صنف أ” بينما غير المتجنس في مرتبة “صنف ب”، وأن يُمرر كل ذلك تحت يافطة “الديمقراطية المباشرة والانتخابات المتساوية والحرة”.

أي انحطاط هذا وكيف يرضى المترشحون أنفسهم المساهمة بمثل هذا الفرز لأبناء مجتمعهم..؟! وكيف يرضى مؤيدو هذه الانتخابات بهذا التشوية والتحريف والاساءة لقيم سامية مثل الديمقراطية والمساواة وحرية الضمير والحق في الاختيار !؟

“وحش العائلية”

والمسألة سوف لن تبقى محصورة في هذا الفرز الاحتلالي الوقح بين “أ” و”ب”، ولن تبقى محصورة في هذا “التشويه والتحريف” للديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان، ولن تبقى محصورة في “تشجيع” التجنس ولاحقًا في “تشجيع” التجنيد و”الخدمة” في جيش الاحتلال: هذه الانتخابات سوف تولّد، حتمًا، صراعًا عائليًا.. سوف تولّد، حتمًا، “اصطفافات عائلية” معيبة وبغيضة.

شاء أم لم يشأ مؤيدوها لا مناص أمامهم إلا اللجوء إلى العائلية. وحتى لو كانوا غير عائليين بقناعاتهم، سوف يجدون أنفسهم مُجبرين على تفعّيل البعد العائلي والصلات العائلية بحثاً عن الدعم و”الأصوات”. سوف يوقظون “المارد” العائلي من سباته.

“أوهام”

ثم أن “الانتخابات” لن تغير إلى الأفضل في سياسات الدولة المحتلة لا بخصوص “الميزانيات” ولا في غيرها من “الملفات” الأساسية المرتبطة بالبناء وتوسيع الخارطة الهيكلية. هذه أوهام ولن ترى النور. ومن لا يصدق بإمكانه النظر إلى تجربة الأشقاء بالداخل الفلسطيني وكيف جرت وتجري الانتخابات في بلداتهم وما هي “الميزانيات” التي يحصلّونها ومن ضمنها البلدات العربية الدرزية.

ربما العكس هو الصحيح: “رئيس معيين” سيكون قادرًا أكثر من “رئيس منتخب” على تحصيل بعض هذه الحقوق بحكم “صلاته الخاصة”.

ليست من “الضرورات”

الانتخابات للمجالس المحلية في قرانا الجولانية لا تعد من الأولويات التي لا يمكن الاستغناء عنها. يمكننا “مواصلة العيش”، كما اعتدنا، من دونها. وكما “تعامل” المجتمع طوال الفترة الماضية مع المجالس المحلية المُعينة، سوف يتعامل مستقبلا بما يساعده في حلحلة مشاكله المعيشية وتلبية حاجته من الخدمات.

فلا تجعلوا، يا مترشحين، ما هو حق طبيعي، أي الخدمات، لا تجعلوها بمثابة “حصان طروادة”.

اسحبوا ترشحكم ودعوا سلطة الاحتلال تعيين من تشاء من بينكم.

وتجنبًا لسوء الفهم، لا بد من الإشارة هنا إلى أنني لا انتقص من مكانة أي مترشح، وبينهم في مجدل شمس على سبيل المثال  “طارق الصفدي” وهو معروف لكافة الجولانيين بمثابرته على العطاء الطيب للأهالي طوال سنوات عمله في “مكتب الداخلية”، وكذلك “دولان أبوصالح” وما نفذه من مشاريع تطويرية جميلة إبان تعينه رئيسًا للمجلس المحلي، ولكن المسألة أوسع بكثير من “ميزات شخصية” وتتعلق بمستقبل مجتمعنا ككل. والحديث بطبيعة الحال يشمل كافة قرانا الجولانية، ومجدل شمس جاءت هنا بهدف عرض “مثال عيني”، لا أكثر.

شخصيًا أثق بأن نوايا المترشحين من “صنف أ”، وكذلك نوايا مؤيدي إجراء مثل هذه الانتخابات من “صنف ب”، هي نوايا حسنة ومبتغاهم، كما يبدو لي، هو تحصيل “الخدمات” لمجتمعنا الجولاني، ولكن “الطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الطيبة”، كما يُقال.

حتى الآن لم تنجح محاولات عديدة بدرت عن أكثر من جهة في قرانا طوال الأشهر الماضية في “اقناع” الجهات ذات الصلة في سلطة الاحتلال بالتراجع والعدول عن فرض هذه “الانتخابات” الملغومة.

على أية حال، يستطيع “المترشحون” المساهمة في هذه الجهود المبذولة بأن يعلنوا رفض “الترشح” و”التنافس” وفق الشروط الحالية للانتخابات، وبذلك “يوفروا” على مجتمعنا “التكلفة”.

الإنتماء السوري

وكلمة أخيرة في السياسات “الكبرى”: الجولان أرض سورية محتلة، وسوف يعود أصحابُها إليها، مهما روج الاحتلال لغير ذلك. المسألة مسألة وقت لا أكثر. صحيح أن مصير الجولان لا يحدده سكان قرانا بتعدادهم السكاني القليل، ولكن للمواقف التي اتخذوها بالماضي، وسوف يتخذونها الآن وبالمستقبل، تأثير بالغ الأهمية.

ولكن حتى لو وضعنا جانبًا مسألة “البعد الوطني” و”المعنى السياسي” لهذه الانتخابات، وذهبنا أبعد من ذلك وقلنا مع القائلين “يلعن أبو السياسة”، فإن هذه الانتخابات هي التي من شأنها أن تستحضر “السياسة”، ولكن بأبشع صورها في إطار المساعي الإسرائيلية لاقتناص “اعتراف جماهيري علني” من الأهالي بـ “شرعية الاحتلال”.

وبغض النظر عن التمايز في المواقف والقناعات بين الوطنيين الجولانيين حول مفهوم الوطنية ومعنى الانتماء السوري، إلا أنهم “موحدون” في رفضهم للمشاريع التي تمس هويتنا كسوريين محتلين وانتمائنا لشعبنا ووطننا، والانتخابات للمجالس المحلية، إن كان من حيث توقيتها المتزامن مع الانتخابات البلدية في إسرائيل أو من حيث كونها تحصر حق الترشح بالمتجنسين، هي “عدوان” على حقيقة أن الجولان أرض سورية محتلة، وعلى مبادىء أساسية في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة تؤكد أنه لا يحق لأي دولة ضم مناطق تابعة لدولة أخرى، كما ولا يحق لها أن تفرض “انتخاباتها” على سكان المناطق التي تحتلها.

وعلى الرغم من الأهمية القصوى لهذه الجوانب الجيوسياسية وحساسيتها المرهفة، وأهمية تسلط الضوء عليها، إلا أن هذه المسألة لها مقام مختلف قد نعود إليه في مقال آخر.

الحل بأيدينا

“حيلة” حصان طروادة قد تكون أسطورة، ولكن حيلة “انتخابات حرة وديمقراطية” للمجالس المحلية في قرانا، هي حقيقة “مُعاشة” و”تطرق الأبواب” بانتظار مَن سيفتح لها مِن أهاليها أسوار مدينتهم.

هل ستُفتح لها “الأسوار”..؟! هل سيُسمح لـ”حصان طروادة” بالدخول..؟! الأمر مرتبط بكل شخص منّا وكيف سيتصرف، وبناءًا عليه سيُكتب في “التاريخ” الجواب.

ملاحظة هامة:

التعليق على هذه المادة بالاسم الحقيقي فقط

تعليقات

  1. قمت بخلط قضيتين منفصلتين في حوار واحد. قضية العائلية هي قضية منفصلة بحد ذاتها لا علاقة لها بالوضع الحالي مع انتخابات المجالس المحلي ولا مع الإحتلال. يعني لو نفرض ان قرى هضبة الجولان موجودة ليس في اسرائيل بل في أمريكا او السويد، حتى لا نقول سوريا ونختلف. افرض مجدل شمس يا مجيد موجودة في السويد كما هي بعائلاتها وعقلية سكانها، هل كانوا (“سوف يوقظون “المارد” العائلي من سباته) كما تقول في مقالك؟
    الجواب: نعم.
    ثم ننتقل إلى طبقة أعلى ونبدل كلمة “العائلة” ب”الطائفة”، ونسأل هل الإنتخابات “ستوقظ المارد الطائفي”؟
    والجواب: نعم بكل تأكيد
    إذن الخلل يا استاذ، ليس في الإنتخابات بل في تركيبتنا. نحن نتجنب الديموقراطية لانها لا تصلح لشعوب عندها الف مارد داخلين في مرحلة سبات. وأي حراك ديموقراطي يوقظهم ليشعلوا الأرض بمن عليها.
    أرجو ان تفهم المغزى

  2. اول استحقاق انتخابي بمرتعات الجولان في ظل دولتنا اسرائيل في المره القادمه ستضع صناديق الاقتراع للكنيست الاسرائيلي داخل مدارس القريه

  3. انا لا افهمك
    انت معارض للانتخابات لانك تملك حس وطني وانتماء سوري ام انك معارض لها لانها لا تشملك في حق الترشح
    ومع هذا كله لا يمكننا ان نُبقي انفسنا. تحت رحمة التعيينات ونبقى نعاني خوفنا من التغيير الايجابي في رايي .وذلك فقط لاعتقادنا ان هنالك خطر العائليه ومخططات اسرائيليه تختبيء خلف ستار الديموقراطيه لتقضي على احلامنا الورديه
    كن ايجابي
    ان الانتخابات هي طريقنا الوحيده لنكتب ونرسم مستقبلنا ووعيك ووعينا سيكون كافي لتدارك كل مخطط لتفكيك وحدتنا الطائفيه
    اما بالنسبة الى حاملي الجنسيه واللذين نعتتهم ب مراطن. أ انسيت انك حاربتهم ثلاثون عام وما زلتم تحاربونهم. لقد عاملتهم كنوع. ج وليس. ب
    وخلافنا في الرأي لا يفسد في الود قضيه

    شكراً

    1. الأمران معا; أولا “الإنتماء السوري” وهو الأهم بالنسبة لي طبعًا، وثانيا كونها “لا تشملني في حق الترشح” وهذا امر ثانوي ومعنديش “طموح” صير رئيس بلدية.. . ولكن السؤال لماذا “لا تشملني”؟ الجواب لانو معيش جنسية إسرائيلية.. وليش معيش جنسية لانو التجنس بالنسبة لي يعني خيانة لذاتي كإنسان يدرك أن الجولان ارض سورية احتلتها إسرائيل قبل خمسين عاما فقط.. معيش جنسية اسرائيلية لانو بعتبرها خيانة لقناعاتي وللقيم التي أؤمن بها.. خيانة للمعايير الاخلاقية التي أتحرك في أطارها والتي ترفض القبول بأي احتلال كان في أي مكان بالعالم.. والجولان أرض سورية محتلة والذين تهجروا منها ونزحوا خلال حرب 67 صار عددهم الان حوالي مليون انسان يعيشون في دمشق وضواحيها وغيرها من المناطق في سوريا بينما على انقاض قراهم وبلداتهم اقيمت المستوطنات واستقدم المهاجرون اليهود اليها من كل اصقاع المعمورة.. !! أنا لا افكر فقط في رفاهيتي وأهمل حقوق الاخرين والمشاركة في الانتخابات بشكلها الحالي المقترح، تعني أنني اقدم لاسرائيل “اعترافي” بانها تملك الحق والشرعية بالسطو والسرقة والاحتلال.
      الحياة ليست فقط اكل وشرب.. “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ” .. الانسان يفترض أن تحركه أيضا القيم السامية ومبادىء العدل والخير وأن تتجاوز حدود المصلحة الفردية..! معقول يعني منشان لحتى يتزفت كم شارع وينعمل كم حديقة، نتنازل عن “الحقيقة” ونتنازل عن “هويتنا”.. معقول منشان حيط باطون وممر سيارات نتنازل عن “سوريتنا”.. خاصة وأن ظروفنا المعيشية الحالية أكثر من مقبولة.. فليش التباكي والتشكي كانو عايشين في مخيمات..! شو هالجشع هذا .. بدنا نحصل كل شي بدون ما نخسر اي شي…! مش معقول هالطمع هذا بالحياة على حساب “القيم”..! وطبعا اقصد عموم واقعنا يا ادهم ولا اتحدث بشكل شخصي… ثم أن “التضحية” بحقنا كبشر بان نمارس الانتخابات، ليس بتلك “التضحية” التي لا يمكن مواصلة العيش من دونها.
      على اية حال، لست على معرفة شخصية بك عن قرب، ولكن من تعقيبك واضح انك أنسان عميق ومدرك وواضح انك تبحث عن “الحق والحقيقة” في الحياة.. هل فكرت لماذا تصر الدولة المحتلة على اجراء هذه الانتخابات مع انو التعيين أسهل لها… طول عمرها كانت تسعى لتشجيع “ثقافة الواسطات والعلاقات الخاصة”، فلماذا الان تصر على “انتخابات”…!!؟ جانب من الجواب نجده في تعقيب الاخ زياد سلامه.
      شكرا على التفاعل والتعقيب، وبالتاكيد “خلافنا في الرأي لا يفسد في الود قضية” او كما لدى فولتير: “قد أختلف معك في الراي ولكني مستعد ان ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك”. تحياتي ولنفكر معا، كابناء منطقة واحدة تهمنا مصلحة بكيفية الخروج من “مصيدة” الانتخابات هذه..!

  4. كل كلمه وكل حرف انكتب صادق اهلي بلجولان لا تقبلو بهاذا العرض الا وهو الانتخابات بالجولان وزير الداخليه هو من اوصى بذلك ولاكن القرار هو لكم ولا تستبعدو الاحداث هدف حزب الكود خاصتا فرق تسد لا تعطوهن المجال بان يلعبو هاذه العبه القذره ومن الحضه الاولى اذا صارت الانتخبات والاعلان عن المنتخب سوف يدعو الرأيس المنتخب للاجتماع مع وزراء من الحكومه واكيد حيباركولو بانجاح وياتي الهم وحقولو علشان نعطيك ميزانيات ماذا ستعطينا بل مقابل انا سوف اجيب عنك ايها الرأيس كم هويه زرقاء وكم عدد الذين سيتجندون قريبا ارجوكم توخو بالوعي ولا تغلطو وبعدين نندم

    1. تعقيب مفيد جدا وفي الصميم ..المستور خطير .. شكرا لك على المبادرة والتنبيه والاهتمام.. تحياتي

  5. هذي المرحله عم نثبت للعالم ولكل واحد فينا مدى صدقنا واحترامنا لكل شيخ ولكل انسان شريف وقف بوجه الجيش الاسرائلي والتضحيه يلي قدموها اهلنا
    حسب رائي اذا صارت الانتخبات هذي منكون مع الاسف صرنا بااسفل درجات السلم
    والله يجيرنا من الاعضم حتما الاحتلال زائل. مهما طال الزمن اكثر من تركيا استمرت زمن طويل جدا وبالاخر الارض رجعت لصحابها

    1. الاحتلال الى زوال مهما طال.. هذه من سنن الحياة..!

  6. مش مهم مين يكون المهم يكون انسان مهتم بمصلحه البلد ويعمل مع أبناء مجتمعه ويخدم المصلحه العامه وليست مصلحته الخاصه فقط ويحترم الجميع ويعمل على البناء وليس هدم البيوت.

  7. هذه الانتخابات ستفتت المجتمع اكثر مما هوا عليه ارجو الانتباه. للمختط الذي يسعون اليه تحت اسم الديمقراطيه ……

  8. من الآخر…..طريق ودرب آبائنا واجدادنا بالحفاظ على هويتنا وانتمائنا الوطني للوطن الام سوريا لا يمكن ان نغيره او نتخلى عنه وغير هيك منكون عمنخون سلفنا الصالح وخلفنا الآتي من بعدنا منشان هيك برأيي لازم نمنع حصول الانتخابات مهما كلف الامر من ثمن ونقطه على السطر.

التعليقات مغلقة.

+ -
.