التربية بين القسوة والليونة \ أحمد سمارة

أحمد سمارة
أحمد سمارة

لم تعد تربية الاولاد امر مسلم به ولم يعد كل شخص قادر على جلب الاولاد لهذا العالم باستطاعته تربيتهم واعدادهم بشكل وظائفي لكي يحققوا اهداف شخصية وبنفس الوقت يكونون قادرين على المساعده بالقيام بدور فعال وبناء المجتمع الذي يعيشون به.

كثيرة كما نعرف وسائل الاتصال الالكترونية واصبح الولد معرض بكم هائل من المعلومات والخبرات التي يتلقاها بطريق سهلة وكسولة.

واحياناً يشارك هذه الخبرات مع زملاءه . كذلك الامر الاولاد طوروا عن طريقة هذه الاجهزة الالكترونية عادات ومفاهيم خاصة جعلتهم ليس فقط بعيدين عن المهمات المساهمة بنموهم الانساني وتطوير عادات بناءة بل كرست بهم عادة التسلية والترفيه الخامل والبعيد عن الانجذاب لتطوير مهارات تعليمية ، فنية ، ادبية ، انسانية او اجتماعية .

هذا كله خلق تحدي مركب امام الاهل وامام المربين والمدرسة كمؤسسه من المتوقع منها ان تكون ليس فقط مؤثرة بل تضع بها اهداف تربوية وتنموية وتحدث تغيير حقيقي في سلوك الطالب المكتسب خارج هذا الاطار التربوي والعلمي. لا يمكن ان نواجه هذا الزحف بإرثنا التقليدي او بخبرتنا المتواضعة. ولا يمكننا ايضاً بالقدرة على التعامل مع ظاهرة هذا الجيل بقيمنا التي تربينا عليها وما زلنا متقوقعين ضمنها او بخبراتنا التي لطالما رددناها امام اولادنا وقارناهم بها عندما كنا في اعمارهم.

بإختصار علينا ان نتزود بمعرفة وبعلم وليس فقط بتقنيات. علينا ان نفني انفسنا ونتربى مرة اخرى لكي نكون ليس كواعظين او محاظرين ، لا ينفع التأنيب والتذمر او العقاب . لم تعد القصص عن انفسنا هي المعلمة او العشر دقائق من إعطاء النصائح او التوبيخ هو العلاج الشافي، بل القضية اصبحت اكثر تعقيداً واعلى تركيباً وارقى مستوى .

اذا لم يتعلم الوالدين كيف يربون اولادهم فسوف يفشلوا بهذه المهمة . هناك اهمية كبرى لتفاهم الوالدين على خط معين من التربية اذا كان هناك خلاف على طريقة التعامل مع الاولاد او اذا لم يكن اسلوب واضح ومقنع لكلا الطرفين من الوالدين واحترام هذه المبادر فسوف لا تؤدي هذه التربية الى الهدف المرجو منه.

* سوف اتحدث عن اسلوبين بالتعامل مع الاولاد وبالاحرى هناك نوعين من شخصية الاهل :

1) الوالد الذي يعتقد لحضوره المؤثر الممثل لقيم وقوانين واضحة . هذا النوع من الوالد يتنازل وبشكل مبالغ به عن توقعاته من اولاده ويستسلم كلياً لطلباتهم الغير معقولة والغير مساهمة بتنمية اهداف واضحة ووظائفية. الاسباب التي تقف وراء هذه الشخصية ممكن ان تكون احساس بالخجل ، الخوف من تسبب الاذى للولد ، الشعور بالذنب، وكثيرون هم الحاملين ارث تربية والديهم الذين يحاربونها مع اولادهم .

2) هناك الشخصية الابوية المتسلطة والذين يفرضون طلباتهم بطريقة قاسية وعنيفة . جزء من الاسباب التي تدعي الاهل لتبني هذا الاسلوب هو العجز عن القيام بمهامهم كأهل، الاحساس بالذنب ، الانهاك من مهام الحياة ، اليأس وبالاضافة الى هذا الاب يشعر بأنه جرح كبريائه عندما لا يذعن الاولاد لاوامره ، هؤلاء الاهل لا يوجد لديهم القدرة على التعامل مع حالات الغضب ومبالغين بفرض سلطتهم على الاولاد .

الطريقة الامثل هي التي تدمج الاسلوبين سوية. فهي تستعمل اسلوباً حازماً ، تضع طلبات محددة وواضحة من الولد . موقف صارم ولكنه مرفق بمحبة ودعم . ان هذه الطريقة تشكل الاسس المهمة لتربية وتنمية شخصية مستقلة ومتوازنة وتتحمل مسؤولية .

ويجب الا نفسح المجال للاولاد ان يديرو انفسهم دون توجيه ووضع حدود ومراقبة من الاهل. من المهم ان يعرفوا الاهل بأن الديمقراطية هي وضع حدود واضحة ، وداخل هذه الحدود من الممكن ان يختار الولد ويتعاون . يستطيع الولد ان يشارك بالنقاش ويأخذ دوراً كاف بالتعبير عن نفسه وعن ارائه . لكن ليست كل الاصوات متساوية . العائلة هي تنظيم هرمي، الاهل هم الذين يقررون مجرى الامور ومن بينها اعطاء المسؤولية والحرية المحدودة للاولاد . القدرة على التوازن بين اسلوب حازم،موجه،متفهم ومدرك بالعلاقة بين الاهل والاولاد هو بايامنا هذه ، الاولاد بجميع الحالات بحاجة لاهل يستطيعوا التوفيق بين اسلوب حازم يضع حدود وبين اسلوب متفهم ، محب ومرن . يستطيعوا ان يقولوا ،لا، ولكن قادرين على التواصل بشكل متساو واظهار تفهم واحساس بقضاياهم.

__________________________________

* أحمد سمارة: أخصائي في الاستشارة النفسية، التوجيه المهني والاستشارة التربوية

تعليقات

  1. شكراً الك دكتور احمد وارجو منك انو كل فترة تنزلنا مقال بيشرح عن دور الاهل وتعاملهم مع الاطفال والمراهقين حتى نتساعد على الاقل بتنمية جيل واعي وناجح ومبني على اسس علميه ونفسانية بمساعدة الخبراء الي متلكن احلا منربي اولادنا مع ضغوطات الحياة الواقعية وننسى حقوقهن وشكراً

  2. كل الاحترام أستاذ احمد مقاله حلوه كتير عطول زودنا بهيك مقالات وفيدنا من خبرتك

  3. شكرًا عله هذا الموضع الذي نحن بحاجه الى مثل هذه التوعية التربويه خصوصا في عصرنا هذا الذي
    في بعض من الأهل لا يستطيعون التعامل مع أطفالهم منهم يخاف اذا فرض الحدود عله أولاده ان تقلل من ثقه الولد ومنهم من هو حازم عل تربيه أولاده فهذا المقال يساعد عل كيفيت التعامل مع الأولاد وتوضيح الصورا لهم لعل يقدرون ان يتعاملو معم بل الأسلوب الصحيح نطلب من حضرتك المزيد من هذه المقلات المفيده للتربيه الصحيحه

  4. شكرا الك استاذ احمد على هالمقاله يلي كثير حلوه ومفيده واني كأم بعتبر حالي كثير بصبر على ولادي بس مشكلتي بعصبية ابني يلي بدو كل شي بلقوه وبحب ضيف كمان انو مرات بسال ابني شو حكولكن بحصص التربيه بقلي ولا شي طلعونا لبرا ولما بسال رفقاتو نفس الجواب كمان هي شغلي لازم الاهتمام فيها … شكرا تلميذه قديمه لاحلا معلم وبنساش فضلك استاذ احمد

  5. شكرا استاذ احمد كثير حلوة المقاله ومهمه لتربيتنا لاولادنا وخاصه بالوقت هذا كله تسارع بالاحداث وبالتكنولوجيا عبنحس انه اولادنا اذا شوي ما حسمنا معهن بمواقف يوميه يمكن هي بسيطه بس بيتعودوا عليها ويمكن تكون اغلبها غلط وخطر لمستقبلهن البعيد ومنها صحيا وعقليا اولادنا اليوم من هني وزغار بدهن كثير شغلات واغلبها ترفيهيه وللتسليه وللكسل مثل ما ذكرت بمقالتك ان كان من اواعي كلها ماركات وبلفونات وايباد وكمبيوتر اخر موديل وللاسف عبنرضخ لهيك طلبات لانه كل الناس هيك يعني عبنحس اننا كاهل كثير شغلات عبتربي اولادنا وعبتتدخل غصبن عنا بحياتنا اليوميه وكله كوم ويوم الخميس لحاله كوم فكيف بنقدر نتحكم باولادنا ونعزلهن عن الواقع الغلط هذا او حتى نقنعهن انه مش هيك الحياه الحقيقيه واني بقول الله يستر من هون لكوم سنه لقدام لانه نحنا الكبار مش عارفين لوين هالتسارع بده ياخذنا نحنا واولادنا يعني فيه ببساطه مشكله تربيه صحيحه لاولادنا مش قادرين نتعامل فيها او نحسم

  6. اني برأيي انو لازم يتخصص مقال اسبوعي لهيك موضوع.
    كل الاحترام، مقال كثير حلو، صار لازم كل الاهل يبلشو يفكرو شو بفيد ولادن من ناحية تعليمية وتربوية ويقفو يرضو ولادن باشياء سهيفة بس لانو عند فلان في منا، اكثر من مرة قريت انو كثير مهم الولد يشعر بالملل لانو بس يمل الولد بيشتغل الابداع، وبدل ما نسكت الولد بايباد او كمبيوتر لازم نوجهو عشي يشغل مخو في.
    طبعا اسهل شي انو نسكت الولد باكلي او ايباد منشان ينزل عن ظهرنا ويبطل النق، بس للاسف اليوم شغل الاهل هو משמרת قانية اللي بتطلب كثير صبر وكثير تعب

  7. موضوع كثير حلو وبتمنى عطول نشوفك استاذ عبتكتبلنا اكثر وتساعدنا اكثر ويكون في بمقالاتك تطرق لمواضيع اخرى متل التعامل مع الولاد من عمر 3 سنين وفوق ومشاكل الاهل من الضغط والهم والمسؤوليي يعني نحنا كلنا بحاجتك كبار وصغار لتقوى افكارنا وتتوسع

  8. حبيت كثير هالمقال اللي بيساعد كثير ناس مش عارفي كيف تتعامل مع ولادها وخاصة جيل اليوم صعب حدا يفهمو .. بتمنى عطول تزيدنا معلومات من خبرتك بالحياة ومن كل النواحي مش بس التعامل مع الاولاد

التعليقات مغلقة.

+ -
.