التوكسيدو.. رفيق الرجل للمناسبات المهمة

اجتهد صنّاع الموضة منذ أكثر من عقد من الزمن على كسر التابوهات المتعلقة بأزياء الرجل، إما بإدخال ألوان متوهجة أو تصاميم مبتكرة، أحيانا في غاية الحداثة إلى خزانته، إلا أنهم احترموا دائما التوكسيدو ولم يتجرأوا على إجراء تغييرات كبيرة عليه، لأنهم أدركوا مدى قوة تأثيره وتحديه تغيرات الزمن. لهذا لا يزال، ومنذ أن ظهر أول مرة في عهد إدوارد السابع، الذي طلب من خياطه الخاص أن يصمم له زيا مريحا خاصا بمناسبات المساء، الزي المفضل في مناسبات المساء والسهرة، والخيار الأول والمضمون للرجل. الجميل فيه أنه لا يستحضر صور جيمس بوند فحسب، بل يرقى بمظهر أي رجل ويدخله عالم المساء بأناقة وثقة بغض النظر عما إذا كان يتمتع بلياقة جيمس بوند أم لا.




ما يحسب للتوكسيدو أنه لم يخذل الرجل إلى حد الآن، فضلا عن أنه من القطع اليتيمة التي تتيح له استعراض أناقته بالكامل، أي كطاووس، من دون أن يتعرض لأي انتقادات أو نظرات استغراب. أكد مع الوقت أيضا أنه قطعة لكل المواسم، لأنه المفضل في الصيف، في مناسبات الأعراس والحفلات الكبيرة، وفي الشتاء في احتفالات رأس السنة وما يرافقها من سهرات ودعوات خاصة. ليس هناك أي اختلاف يذكر بين الصيف والشتاء، سوى فيما يتعلق بالأقمشة، التي تكتسب خفة الحرير مع ارتفاع درجات الحرارة، ودفء المخمل والصوف عندما تنخفض. لكن هذا لا يعني أن تصميمه لم يتعرض لبعض التعديلات البسيطة التي كان الهدف منها الزيادة من رشاقته، لاستقطاب شرائح جديدة من الشباب. وكانت نتيجة استهداف هذه الفئة العمرية أنه شهد عملية دمقرطة ملحوظة. فبعد أن كان حكرا على الطبقات الأرستقراطية في دعوات العشاء، أصبح الآن الزي الرجالي الرسمي في المساء، بغض النظر عن المركز والجاه أو الذوق. ويعترف الكثير من الرجال أنهم كلما تفاجأوا بدعوة إلى حفلة مسائية وأصيبوا بالحيرة عما يمكنهم ارتداؤه، لا سيما عندما يكون المطلوب هو «بلاك تاي» يلجأون إليه دائما، لما يضمنه لهم من تأثير إيجابي. والمضمون هنا هو سترة توكسيدو، من الحرير المخلوط بالصوف، مثلا، وطية صدر من الساتان أو من المخمل، ينسقونها مع قميص أبيض وربطة عنق «بابيون» وأزرار أكمام أنيقة. فرغم أن المظهر في غاية التأنق، فإنه يبقى ضمن الكلاسيكي المقبول، علما بأن كلمة كلاسيكي في هذه الحالة لها معنى واسع يترجمه كل واحد حسب هواه وأسلوبه. ففي حين يرى المصمم توم فورد أنها تعني بدلة من المخمل وبألوان مثل الوردي أو الأحمر القاتم أو البنفسجي أو الأخضر الزيتوني، فإن الأغلبية لا يتفقون معه ويرون ترجمته جريئة وحداثية لا تناسبهم، لا سيما عندما يتعدون الـ50. فالمخمل، رغم جماله وترفه ودفئه، لا يزال بالنسبة للبعض جريئا يميل إلى الـ«داندية» حتى عندما تكون البدلة بالأسود.
بالنسبة لهؤلاء، فإن مناسبة تحدد أن يكون الزي رسميا أو ما يعرف بـ«بلاك تاي» لا تتطلب أكثر من بدلة مفصلة ورفيعة المستوى، بصف أزرار واحد، وطية مميزة لصدر السترة، ربما من الساتان، وقميص بياقة تتميز بأجنحة حتى تفسح المجال لربطة عنق بعقدة «بابيون»، ولا بأس من وشاح من الحرير باللون الأبيض، بأهداب من الجوانب.
ويوافقهم خبراء الأزياء هذا الرأي، مؤكدين على ضرورة أن يحافظ المظهر على البساطة ويبتعد عن البهرجة الاستعراضية، وطبعا التركيز على الإكسسوارات، لأنها يمكن أن ترقى بالمظهر أو العكس. الحزام، مثلا، غير منصوح به على الإطلاق، وأزرار الأكمام يجب أن تكون بنفس لون الساعة أو المادة المصنوعة منها، وغير ذلك من التفاصيل التي تبدو صغيرة وبديهية، لكن يتناساها البعض عن قصد أو عن غير قصد. أكبر مثال على هذا، أن معظم الرجال يعرفون أن بدلة على المقاس هي المفتاح الأول للأناقة، إلا أن منهم من لا يزالون يقعون في مطب الضيق المشدود في محاولة لاستعراض عضلاتهم المفتولة، أو الواسع، بهدف الحصول على الراحة، ما يجعلهم يبدون وكأنهم استعاروها من شخص أكبر حجما منهم.
يقول توبي بايتمان من موقع «مستر بورتر» إنه عندما يتقن الرجل فن التوكسيدو فإنه يحصل على نتيجة مدهشة، لا تعني الارتقاء بالمظهر إلى أعلى مستوى من الأناقة فحسب، بل تعزز الشعور بالثقة بالنفس والراحة أيضا.

* همسات جانبية
*- تذكر أنه ليس للحزام أي دور هنا، لأن المفترض أن يكون البنطلون مفصلا على المقاس، وبالتالي لا يحتاج إلى ما يشده ويحافظ عليه في مكانه. إذا لم يكن كذلك، فإن الاستعانة بخياط تصبح ضرورية.
– الزر الأسفل من السترة يجب أن يبقى دائما مفتوحا.
– الجزء الوحيد من القميص الذي يجب أن يظهر من تحت التوكسيدو هو الياقة والجزء الأعلى من الصدر. فالسترة يجب أن تكون مفصلة على الجسم وفي الوقت ذاته سخية ومنسدلة بحيث تغطي الخصر والجزء الأسفل من القميص بالكامل، عندما تكون واقفا. هذا يعني أيضا أن القميص يجب أن يكون مفصلا على الجسم حتى لا يؤثر على مظهر السترة وعلى رشاقتك.
– ليس كل واحد يستطيع أن يعقد ربطة العنق بشكل جيد، خصوصا البابيون، ما يجعل البعض يستعيض عنها بربطة عنق عادية، مع أن هناك ربطات تأتي معقودة وجاهزة. وعموما هناك 3 أنواع من الربطات: الأولى تكون معقودة بالأساس ولا تتطلب منك أي جهد، والثانية «بابيون» أيضا، لكن عليك أن تعقدها بنفسك، وهو ما يحتاج منك إلى خبرة وتدريب وصبر. أما الثالثة فهي ربطة عنق عادية باللون الأسود، وهي تناسب رجلا شابا في مقتبل العمر، أو متوجها إلى حفلة شبابية أكثر.
– مهما كان جسمك رشيقا أو مفتولا يجب ألا تكون بدلتك ضيقة. كما يجب ألا تبرر اختيارك لها واسعة بحجة الراحة، لأن الأناقة والراحة لا تتعارضان ويجب ألا تأتي الواحدة على حساب الثانية.
– من المهم أن تربطك علاقة طيبة بخياطك الخاص، لا سيما إذا كان ماهرا في إجراء التعديلات المطلوبة ويفهم تضاريس جسدك جيدا. وتذكر أنك لن تحتاجه لتقصير طول البنطلون أو الأكمام فحسب، بل أيضا لتضييق السترة من عند الخصر أو رفع الأكتاف بعض الشيء وغيرها من التفاصيل التي يمكن أن تغير من مظهرك تماما.
– القليل من الرجال يأخذون بعين الاعتبار حجم العنق، فهو مهم جدا لمعرفة نوع القميص الذي يناسبهم، لهذا لا بأس من السؤال عن الياقة المناسبة التي يمكن أن تموه عليه إذا كان ضخما قبل شرائه.
– تغيرت بعض التصاميم باسم العصرية والشبابية في الآونة الأخيرة، لكن عندما يتعلق الأمر بطول البنطلون، فمن المفضل أن يجلس فوق الحذاء ولا يغطي على الكعب
– رغم أن أحذية الموكاسان واللوفر هي المفضلة لدى بعض الشباب، فإن حذاء بأحزمة لا يتعارض مع التوكسيدو، على شرط أن يكون من الجلد الطبيعي، وإذا كان لماعا فهذا أفضل، حسب رأي المصمم توم فورد الذي يعشق التوكسيدو ويرتديه في كل المناسبات الكبيرة. بالنسبة له فإن كل الإكسسوارات قابلة للتغيير إلا الحذاء، الذي يجب أن يكون من الجلد اللماع.
– ساعة بعلبة من الفولاذ أو الذهب أو البلاتين وحزام من الجلد الأسود هي المناسبة، مع أن البعض يميل مؤخرا إلى الأحزمة المرصعة بالماس، وخصوصا إذا كانت من شركة ساعات معروفة مثل أوديمار بيغيه، وكأن اسمها يمنحها الشرعية لدخول عالم الرجل من باب المناسبات الكبيرة والتوكسيدو.

+ -
.