الجلطة الدماغية… اهزمها بقوة الإرادة

image

 ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، التدخين، الرجفان الأذيني، ارتفاع الكوليسترول، الخمول والكسل، السمنة، تلوث الهواء، زيادة مستوى الهيموسيستيئين، حبوب منع الحمل (عند النساء). إذا كان لديك واحد أو أكثر من العوامل السابقة فعليك أن تضع في حسابك، أنك معرض لخطر الإصابة بالجلطة الدماغية، وكلما زاد عدد العوامل زاد الخطر.

تحدث الجلطة الدماغية عندما ينسد أحد الشرايين في المخ، فيؤدي إلى تخريب الجزء الذي يغذيه. وتفيد الإحصاءات العالمية بأن شخصاً واحداً من أصل ستة معرض للإصابة بالجلطة الدماغية في مرحلة معينة من حياته، وأن حوالى 15 في المئة من المصابين بالجلطة الدماغية يموتون بسببها في غضون الأيام الأولى من حدوثها.

وتعد الجلطة الدماغية السبب الثالث للوفاة عند النساء، والسبب الخامس عند الرجال على رغم أن معدلات الإصابة متساوية بين الطرفين. ويخطئ من يعتقد أن الجلطة الدماغية تقتصر على الطاعنين في السن، فصغار السن لا يسلمون من شرها، بمن فيهم فئة الأطفال والشباب. ففي ألمانيا، مثلاً، يصاب سنوياً 300 طفل بالجلطة الدماغية، ثلثهم حديثو الولادة. وتدل السجلات العالمية على أن الجلطة الدماغية مسؤولة عن وفاة 5 ملايين شخص حول العالم سنوياً.

إن أي شخص معرض للإصابة بالجلطة الدماغية في أي مكان وزمان، بصرف النظر عن عمره. وتحصد الجلطة الدماغية حياة شخص واحد كل أربع دقائق، ويقع تحت وطأتها شخص آخر كل 40 ثانية، وتزيد أخطارها كلما تقدم الشخص في العمر، ما يفرض الوقاية منها في وقت مبكر وقبل فوات الأوان.

وخير ما يمكن عمله على صعيد الوقاية من الجلطة الدماغية، هو محاربة العوامل التي تمهد الطريق للإصابة بها، وتضم خطة الوقاية هذه:

1- المحافظة على ضغط دم طبيعي، فالشخص المصاب بارتفاع ضغط الدم يكون أكثر عرضة بمرتين للإصابة بالجلطة الدماغية مقارنة مع الشخص السليم. من هنا، فإن التحكم بضغط الدم ليبقى في حدوده الطبيعية، يعد من أهم الخطوات للتقليل من فرص حصول الجلطة. وفي هذا الإطار أفاد باحثون من الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى الجلطة الدماغية والجمعية الألمانية لطب الأعصاب، بأن الحفاظ على المستوى الطبيعي لضغط الدم يبعد خطر الجلطة بنسبة 60 في المئة.

2- السيطرة على مستوى السكر في الدم. إذا كنت تشكو من الداء السكري، فإنك أكثر عرضة لزيارة الجلطة الدماغية بنسبة 2 إلى 4 مرات، وأظهر بحث علمي قام به علماء من جامعة كاليفورنيا أن الأشخاص الذين لديهم مستويات متوسطة من السكر في الدم (مرحلة ما قبل الداء السكري) معرضون بنسبة أكثر من 20 في المئة للجلطة الدماغية، مقارنة مع غيرهم ممن يملكون مستويات طبيعية من السكر في الدم.

3- معالجة الرجفان الأذيني الذي يعتبر من أخطر العوامل المسببة للجلطة الدماغية، وهو عبارة عن اضطراب في كهربائية القلب يسبب انقباضات سريعة وغير منتظمة في الأذين القلبي، ما يشكل بيئة خصبة لنشوء الجلطة التي يمكنها أن تسافر إلى أوعية الدماغ فتسدها محدثة الجلطة الدماغية. ويصيب الرجفان الأذيني شخصاً واحداً من أصل أربعة تخطوا عتبة الأربعين من العمر، ويقف خلف ثلاثة ملايين إصابة بالجلطة الدماغية في العام يؤدي ثلثها إلى إعاقات دائمة.

4- التوقف عن التدخين. يسبب التدخين تلفاً في بطانة الشرايين، ما يسهل تراكم المواد الشحمية في داخلها، خصوصاً في الشرايين السباتية التي تغذي المخ ما يؤدي إلى تضييقها أو إلى انسدادها.

ويعتبر هذا التضييق أو الانسداد من الأسباب الرئيسية لحدوث الجلطة الدماغية. إن تدخين أقل من علبة سجائر يومياً يزيد من احتمال الإصابة بالجلطة أربع مرات في حين أن تدخين علبة أو أكثر يرفع الاحتمال إلى 11 مرة. وتحصل 80 في المئة من الجلطات بسبب التدخين المفرط. وأظهرت البحوث أن خطر الإصابة بالجلطة الدماغية يتراجع في شكل ملحوظ بعد مضي سنتين على ترك التدخين، وأنه بعد مرور خمس سنوات يصبح الخطر مشابهاً لما كانت عليه الحال قبل التدخين.

5- ضبط مستوى الكوليسترول في الدم. المعروف أن هناك نوعين من الكوليسترول، نوعاً ضاراً وآخر جيداً، وارتفاع النوع الأول يؤدي إلى تصلب الشرايين، ويزيد من احتمال حدوث الجلطة الدماغية. وإذا أخذنا بنتائح دراسة فنلندية أجريت على أكثر من 4300 شخص تراوحت أعمارهم بينن 3 إلى ١٨ سنة وتمت متابعتهم حتى بلغوا 45 عاماً، فإن الوقاية من خطر الكوليسترول يجب أن تبدأ من عمر تسع سنوات وليس بعد سن الأربعين، كما هو متعارف عليه.

6- محاربة الخمول والكسل. بينت دراسة فنلندية شملت أكثر من 47 ألف شخص من الرجال والنساء أن احتمال الإصابة بالجلطة الدماغية، ينخفض في شكل لافت لدى ممارسي الأنشطة البدنية المعتدلة، فالنشاط الرياضي يساهم في خفض الشدة النفسية، وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وإنزال ضغط الدم المرتفع، والتقليل من احتمال التعرض للسكري، ورفع مستوى الكوليسترول الجيد الحامي للشرايين.

7- السيطرة على تلوث الهواء. إن الهواء الناتج من عوادم السيارات والمصانع يعبق بجسيمات دقيقة من الكربون والنيترات والمعادن ومواد أخرى ارتبطت على مدار سنوات بمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية، من بينها تجلط الدم، وبالتالي خطر نشوء الجلطة الدماغية. وفي هذا الإطار كشفت دراسة تايوانية عن وجود علاقة بين ارتفاع معدلات التلوث وارتفاع نسبة تعرض الإنسان لاحتمال الإصابة بالجلطة الدماغية، إذ لاحظ العلماء من كلية طب كاوشيونغ تزايد عدد الأشخاص الذين يدخلون مستشفيات المدينة للعلاج عندما تكون نسبة تلوث الهواء مرتـــفعة، وأكدوا أن هذه المشكلة تتفاقم عندما تتجاوز درجة حرارة الجو حاجز العشرين درجة مئوية.

8- مراقبة مستوى الهيموسيستيئين في الدم. إن الهيموسيستيئين هو نوع من الأحماض الأمينية المتوافرة في شكل طبيعي في الدم، لكن الدراسات بينت أن ارتفاعه ضار، إذ إنه يخدش الأوعية الدموية ويؤدي إلى تصلب الشرايين وانسدادها، ما قد يسبب الجلطة الدماغية. وبينت بعض البحوث أن الهيموسيستيئين مادة سامّة للدماغ. وذكرت تقارير عدة أن ارتفاع تركيزه في الدم يسبب ضعف الذاكرة، وحتى الخرف أحياناً.

9- حبوب منع الحمل، إن تناول هذه الحبوب يعرض المرأة لأخطار صحية إضافية ناجمة عن تسبب تلك الحبوب في زيادة تجلط الدم، وبالتالي نشوء الجلطات الوعائية ومن بينها الجلطة الدماغية.

إن السيطرة على العوامل التي أشرنا إليها يبعد خطر الإصابة بالجلطة الدماغية، وإذا ما اقترنت هذه مع النصائح الغذائية الآتية أعطت نتائج مبشرة على صعيد الوقاية:

– تناول السمك من 2 إلى 3 مرات أسبوعياً وبانتظام.

– تناول البرتقال، أو عصيره يومياً.

– شرب 3 أكواب من الشاي الأخضر، أو الأسود كل يوم.

– استهلاك زيت الزيتون والعنب بانتظام.

– شرب كوب واحد من الزنجبيل كل يوم.

أخيراً، لا بد من كلمة تتعلق بالجلطة الدماغية الصغرى التي تحدث نتيجة جلطة صغيرة تسبب انقطاعاً مفاجئاً في وصول الدم إلى جزء معين من الدماغ، لكن خلايا هذا الجزء لا تموت، لأن الدم يتم ضخه من جديد. فقد كانت الجلطات الدماغية الصغرى تعتبر في الماضي عابرة، ولا خطر منها أو أن خطرها ضئيل، لكن الدراسات الحديثة تفيد بأنها تشكل ناقوس خطر ينذر بقدوم ما هو أعظم، أي الجلطة الدماغية الكبرى التي يمكن أن تترك مضاعفات لا تحمد عقباها، من هنا، يجب عدم إهمال الجلطة الدماغية الصغرى، بل من الضروري جداً أخذها على محمل الجد وتدبيرها في مراكز مختصة من أجل الحد من احتمالات وقوع الجلطة الدماغية الكبرى، وكلما بدأ العلاج مبكراً، كان ذلك أفضل.

+ -
.