الجولان.. والجلاء… \ حامد الحلبي

z
هذه الصورة لآخر من كان حياً من هؤلاء المجاهدين ، وهم من اليمين ، المرحومون : (المجاهد قاسم اليوسف – المجاهد صالح الحلبي ” والدي ” – المجاهد قاسم السيد احمد – المجاهد سليم القضماني)

– كان يوم الجلاء في 17/ نيسان / 1946 ، يوما مميزا في تاريخ سورية .. وقد أجاد في وصفه الشاعر / بدر الدين الحامد / قائلا:

 

يومُ الجلاءِ ، هو الدنيا وزهوتُها
لنا افتخارٌ ، وللباغينَ إرغامُ
لو تنطق الأرضُ قالت : إنني جـَدَثٌ
فيَّ الميادينُ ،أسادُ الحِمى ، ناموا

 

– لقد صنع آباؤنا وأجدادنا هذا اليوم الأغر، وشهدوا ثمرة جهادهم وتضحياتهم تتحقق فيه.

– وكان لجولاننا الحبيب سجل مشرف في صنع هذا اليوم المجيد ، إذ ساهم أبناؤه في الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي بكل بسالة منذ اليوم الأول لذلك الاحتلال .. وكانت المواجهات الأولى في جنوبي لبنان ، وفي سهل الحولة ،وفي واسط ، وغيرها من مناطق الجولان .

حامد الحلبي
حامد الحلبي

– ولكن ذروة المواجهات كانت خلال /الثورة السورية الكبرى / التي امتدت بين عاميّ : / 1925 – 1927 / ، وشملت سورية كلها، ومنها الجولان ، الذي قام ثواره بصدّ حملات فرنسية عديدة أرادت القضاء عليهم والسيطرة على مناطقهم ، ووسّع الثوار سيطرتهم ومعاركهم خارج الجولان ، فامتدت إلى طريق / دمشق –القنيطرة / حيث كانت معارك دورين وخان أرنبة ، ومعارك جبل الشيخ في قطنا وقلعة جندل وغيرهما ، والى سهل البقاع ( معارك الفالوج وغيرها ) وفي جنوبي لبنان ( في معارك مرجعيون وراشيا وبُرغـُز وغيرها ) …، وتصدى الثوار للجيوش الفرنسية التي تفوقهم عدّة وعددا ،والمدعومة بالطيران الحربي …. وخاضوا معارك عديدة في شمالي الجولان، من أهمها معارك في مناطق بقعاثا ومسعدة وعين قنية وسحيتا ومعارك مجدل شمس وغيرها…. ومعركة جباثا الخشب التي استشهد فيها المجاهد البطل
أحمد مريود .

– وكانت معركة مجدل شمس الأولى، التي حصلت في الأسبوع الأول من كانون الأول عام / 1925/، مثالا رائعا للبطولة والبسالة والدفاع المستميت ، ودحر وهزيمة قوة عسكرية نظامية هائلة التسليح والتدريب على يد مجموعة من الثوار بأسلحتهم البسيطة … وقد استشهد في هذه المعركة البطل العقيد فؤاد سليم من لبنان الشقيق ، الذي كان العقل العسكري المدبر والقائد الميداني لهذه المعركة … وقد دفن في قرية سحيتا القريبة من مجدل شمس … وقد روى لي المرحوم المجاهد / زيد الأطرش / – قائد الحملة التي وجهها القائد العام للثورة سلطان باشا الأطرش لدعم الثوار في الجولان – ، كيف وصل إلى المرحوم فؤاد سليم بعد إصابته القاتلة ،ورفع رأسه عن الأرض بذراعه ،وكلّـمه ، فرفع فؤاد نظره إليه ثم أسلم روحه بين يديه …. وكان قائد الثورة في الجولان المجاهد البطل المرحوم أسعد كنج أبو صالح قد طلب من سلطان باشا الدعم فأرسل حملة بقيادة أخيه زيد وكان فؤاد سليم رئيس أركانها …

– لم تستطع القوات الفرنسية احتلال مجدل شمس ، إلا بعد ستة أشهر من القتال والهزائم التي حلت بالفرنسيين ، الذين استطاعوا – بتفوقهم العسكري ومساعدة الطيران وبعد نفاذ الذخيرة من الثوار – أن يحتلوا قرية مجدل شمس بعد قتال غير متكافئ استمر ثلاثة أيام وذلك في معركة مجدل شمس الثالثة والأخيرة ،التي جرت في أوائل شهر نيسان / 1926/ ، وقام الفرنسيون بعدها بتدمير وإحراق مجدل شمس والقرى المجاورة لها …. وكان الثوار قد اخرجوا نساءهم وأولادهم من قراهم ، وساروا إلى مناطق الثورة الأخرى ومنها جبل العرب ، ومنهم من ذهب إلى فلسطين ولبنان … وبقوا أشهرا عديدة حتى استطاعوا أن يعودوا إلى قراهم ، ويعيدوا بناء بيوتهم من جديد وسط معاناة وضيق شديدين . وقاموا بدفن جثامين شهدائهم الذين لم يستطيعوا دفنهم خلال مجريات المعركة … وقد قدّم أهالي قرانا الصامدة في الجولان أكثر من / 150 / شهيدا في هذه المعارك وهي قرى ( مجدل شمس – مسعدة – بقعاثا – عين قنية – سحيتا ) … ( وكانت المرحومة والدتي من أولئك النازحين … وكم كانت روايتها مؤثرة عن رحلة العذاب تلك .. والتي تحتاج إلى صفحات طويلة لروايتها ..)

– إن هذه الروح الوطنية الوثابة عند أهلنا في الجولان –الروح التي حققت الجلاء – ….هي التي عادت إلى الظهور مجددا عندما دعا إليها الداعي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ، منذ بدايته في عام / 1967 /، و التي ستستمر حتى يزول ذلك الإحتلال ، ويتحقق الجلاء الثاني عن أرض جولاننا الحبيب .

– في يوم الجلاء العظيم .. تحيةً إلى شعبنا السوري ،وإلى أرواح الأبطال الذين حققوا استقلالنا ، وتحية إلى أهلنا الصامدين في جولاننا الحبيب وفي فلسطين الغالية ، على أمل اللقاء بكم وقد تحررت أرضنا الجولانية … ونرجو أن يتحقق الهدوء والسلام في سورية الحبيبة .

= ملاحظة : لقد كرّم أهلنا في الجولان ، المجاهدينَ الذين ساهموا في الثورة ضد الاحتلال الفرنسي ، وذلك بالاحتفاء بهم ،وقيام هؤلاء المجاهدين بوضع أكاليل الورود على النصب التذكاري لشهداء الثورة السورية الكبرى في الجولان.

تعليقات

  1. شكراً لك على هذا المقال . الجلاء الحقيقي هو جلاء التعصب الديني وتربيتنا الدكتاتورية . أنتظر جلاء هذا ألأستعمار من داخل أنفسنا ..

    1. تحية يا إبن / مجدل شمس /.. و شكرا لك على مرورك الكريم ….. ما ذكرتـَهُ ، يتحقق في مناخ الديموقراطية ،…تحياتي ..

التعليقات مغلقة.

+ -
.