الحصاد الطبي لعام 2014

شهد عام 2014 عدة قفزات، أبرزها على صعيد الأجهزة الطبية كانت سيارة إسعاف للتعامل معالسكتة الدماغية ومنظم لاسلكي لضربات القلب. أما على صعيد العلاجات فشملت عقاقير جديدة لتخفيض الكوليسترول في الدم وسرطان الجلدالغامق “الميلانوما”، وقصور القلب والتليف الرئوي. أما جائزة نوبل في الطب فقد فاز بها ثلاثة علماء بسبب اكتشافهم خلايا “نظام تحديد المواقع الداخلي” في الدماغ.
تطعيم لحمى الضنك:
طورت شركة الأدوية الفرنسية سونافي تطعيمالحمى الضنك، وهي نوع من الحمى تنتقل عن طريق بعوضة الزاعجة. إذ أظهرت تجارب سريرية أن التطعيم الجديد يقلل احتمالية الإصابة بالمرض بنسبة 60%، ويعد هذا التطعيم الأول ضد حمى الضنك. وتقول شركة سونافي إنها ستتقدم للحصول عل ترخيص للتطعيم في الربع الأول من عام 2015.

وتصيب حمى الضنك من خمسين مليون إنسان إلى مائة مليون سنويا، وهي مرض فيروسي. وتقول منظمة الصحة العالمية إن نصف سكان الكرة الأرضية معرضون لهذا المرض، ولا يوجد له علاج. وفي بعض الحالات يتطور المرض إلى حمى نزفية تقود للوفاة. ووفقا لمراكز التحكم بالأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأميركية فإن حمى الضنك تؤدي لحوالي 22 ألف وفاة سنويا غالبيتها بين الأطفال.

عقار جديد لتخفيض الكوليسترول في الدم:
تعمل عدة شركات للأدوية مثل سانوفي وأمجين وريجينيرون على مجموعة جديدة من الأدوية لخفض نسب الكوليسترول في الدم، ويطلق عليها “مثبطات (PCSK9)”، وهي أجسام مضادة تقوم بقمع بروتين (PCSK9) مما يساعد الجسم على تخفيض الليبيدات المنخفضة الكثافة (LDL) أو ما يعرف أيضا باسم الكوليسترول السيئ، والذي يرتبط ارتفاعه بزيادة مخاطر أمراض القلب والشرايين.

ويقول الأطباء إن هذه العقاقير ستشكل أكبر اختراق في علاج أمراض القلب منذ اكتشاف عقار الستاتين الذي يخفض الكوليسترول في الدم. ومع أن العقار الأخير فعال في تقليل مخاطر الوفاة بأمراض القلب، إلا أن 20% من المرضى الذين يتعاطونه يظهرون عدم تحمل له، وتشمل الأعراض ألما في العضلات وتعبا واضطرابات في الجهاز الهضمي وحتى مشاكل في الكبد.

لذلك فإن عقاقير “مثبطات (PCSK9)” ستشكل خيارا لهؤلاء. ويعتقد أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ستعطي الموافقة على أول مجموعة من هذا العقاقير في عام 2015.

عقار جديد لعلاج سرطان الجلد “الميلانوما”:
صادقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في سبتمبر/أيلول الماضي على عقار “كيترودا” واسمه العلمي (pembrolizumab)، والذي يستخدم لعلاج سرطان خلايا الجلد الغامقة “الميلانوما” الذي يعد أكثر انواع سرطان الجلد فتكا وتسببا بالموت. ويستهدف العقار جهاز المناعة لدى المريض.

و(pembrolizumab) هو أول عقار تتم المصادقة عليه ويقوم بقمع المسار الخلوي المعروف باسم “مسار موت الخلية المبرمج 1” (pd 1)، والذي يمنع جهاز المناعة لدى المصاب من مهاجمة الخلايا الصبغية. وعندما يتم إعطاء المريض هذا العقار فإن جهاز المناعة يعمل على هذا المسار.

ويصنع العقار من قبل شركة “ميرك آند كو” في نيوجرسي في الولايات المتحدة الأميركية، وسيعطى لمرضى الميلانوما الذين بلغوا مراحل متقدمة من استفحال السرطان، أو المرضى الذين لا يمكن علاجهم جراحيا، أو المرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات الأخرى.

وينتمي عقار كيترودا إلى عائلة من العقاقير الواعدة من علاجات السرطان والتي يطلق عليها اسم ( immune checkpoint inhibitors ) وتعطى عن طريق الحقن الوريدي وتقوم بقمع بروتينات أو خلايا تثبط جهاز المناعة، مما يمكن الأخير من استهداف وقتل الخلايا السرطانية.

دواء جديد لقصور القلب:
يموت الملايين في العالم نتيجة قصور القلب، ولكن دواء جديدا أطلق عليه ARNI (for angiotensin-receptor neprilysin inhibitor)  أظهر نتائج جيدة للمرضى، إذ قلل الوفيات لدى مرضى القصور القلبي بنسبة 20%، وقلل معدل الدخول للمستشفى بنسبة 21%، مقارنة مع العلاجات التقليدية السائدة لمرض قصور القلب.

وحاليا يتم تطوير هذا العلاج -الذي يطلق عليه اسم LCZ696- من قبل شركة نوفارايتس، ومن المتوقع أن يطرح في الأسواق العام القادم.

سيارة إسعاف للتعامل مع السكتة الدماغية:
تعد السكتة الدماغية من الطوارئ الطبية التي كثيرا ما تكون قاتلة، إذ يتطلب التعامل الطارئ معها إعطاء المريض علاجات بصورة سريعة لزيادة احتمالية نجاته، ولكن الدقائق القلية التي يقضيها المريض في سيارة الإسعاف حتى وصوله للمستشفى قد تجعل العلاج الذي يعطى له في الطوارئ بعد وصوله هناك متأخرا وبعد فوات الأوان.

لذلك هذا العام بدأت مراكز في ألمانيا والولايات المتحدة تشغيل وحدة متنقلة للتعامل مع السكتة الدماغية، والتي تشبه سيارة الإسعاف ولكنها تحتوي على وحدة تصوير طبقي وجهاز اتصال مباشر مع طبيب أعصاب في المستشفى مما يوفر له إمكانية التشخيص السريع للسكتة الدماغية، بالإضافة لعقاقير السكتة الدماغية المنقذة للحياة والتي تقوم بفتح الشريان المسدود في الدماغ، وتعطى للمريض في الوحدة المتنقلة فور تشخيصه بالسكتة.

اما العقار الذي يعطى للمريض فهو (tPA, tissue plasminogen activator)، ويعطى لمرضى السكتة الدماغية الإسكيمية -التي تشكل قرابة 90% من حالات السكتة الدماغية- ويقوم بتحليل الخثرة الدموية في الوعاء الدموي مما يعيد فتح مجرى الدم.

والأشخاص المصابون بالسكتة الذين يتلقون هذا العقار خلال ساعة من السكتة تتضاعف لديهم احتمالية التعافي من السكتة الدماغية مقارنة بمن يتلقونه خلال ست ساعات.

منظم لاسلكي لضربات القلب:
جهاز تنظيم ضربات القلب هو أداة تقوم بإيصال نبضات كهربائية للقلب لدى الأشخاص الذين ينخفض لديهم معدل نبضات القلب أو يرتفع أو يعانون من عدم انتظامه. وهو صغير الحجم ويزرع في داخل صدر الشخص ويوصل بالقلب عبر أسلاك توصل إليه النبضات الكهربائية لتنظيمه.

والمشكلة هنا أن هذه الأسلاك يمكن أن تتمزق، أو أن تتكون عدوى حولها بالإضافة إلى أن احتمالية تبلغ 2% أن تحدث عدوى في شق الصدر الذي يجرى بالجراحة التقليدية لزراعة منظم نبضات القلب في مكانه في الصدر.

ولذلك قامت شركة “سانت جود ميديكال” (St. Jude Medical) بتصنيع منظم لاسلكي لنبضات القلب، والذي يتميز بصغر حجمه الذي يعادل حجم بطارية “AAA”، ولا يحتاج لجراحة لغرسه في القلب، بل يوضع عبر عملية قسطرة بسيطة.

واسم الجهاز (The Nanostim pacemaker)، وهو الآن في طور التجارب ولم يحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية بعد، وهو يستعمل فقط للمرضى الذين يحتاجون لتحفيز قلبي لحجرة واحدة فقط، أي عندما يكون هناك بطين واحد في القلب بحاجة لتنظيم النبض.

عقاقير جديدة للتليف الرئوي:
التليف الرئوي الأيدوباثي هو مرض يصيب الرئة ويؤدي لحدوث تندبات في الأنسجة وزيادة في سماكتها، مما يقود إلى حدوث ضيق في التنفس. ويؤدي هذا المرض لموت الشخص ما لم تتم زراعة رئة له من أحد المتبرعين، ولا يوجد له علاج.

ولكن حاليا يجري تطوير عقارين جديدين، هما: بيرفينيدون وننتيدانيب يعدان بنتائج مشجعة. إذ خفضا في التجارب السريرة احتمالية الوفاة بنسبة 48% للأول. أما الثاني فقد خفض معدل التراجع السنوي في وظائف الرئة لدى المصاب بنسبة 55%.

ويجري تطوير عقار بيرفينيدون من قبل عدة شركات دوائية، وهو متوفر بالفعل في أوروبا واليابان وكندا. أما ننتيدانيب فيجري تطويره من قبل شركة “بورنغير إنغلهايم”، وهي شركة تصنيع أدوية يقع مقرها في ألمانيا.

جائزة نوبل في الطب لعام 2014:
تم منح جائزة نوبل للطب أو الفسيولوجي لثلاثة علماء، وهم الأميركي البريطاني جون أوكيف -الذي حصل على نصفها- والنرويجية ماي بريت مويزر وزوجها إدفارد مويزر -اللذان منحا النصف الباقي- بواقع ربع قيمة الجائزة لكل منهما. وتبلغ قيمة جائزة نوبل ثمانية ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار).

العلماء فازوا بجائزة نوبل للطب بسبب اكتشافهم خلايا “نظام تحديد المواقع الداخلي” في الدماغ (رويترز)
وفاز العلماء بالجائزة بسبب اكتشافهم خلايا “نظام تحديد المواقع الداخلي” في الدماغ، الذي يعطي الشخص القدرة على توجيه نفسه في الأماكن. ويعمل أوكيف مديرا لمركز سينسبري ويلكام للدوائر العصبية والسلوك في جامعة لندن. أما الزوجان مويزر فيعملان في معاهد علمية في بلدة تروندهايم النرويجية.

ووفقا لموقع الجائزة فإن أوكيف اكتشف في عام 1971 أن خلايا عصبية معينة في دماغ الجرذان تم تحفيزها عندما كان الجرذ يتموضع في مكان معين، فيما كان يتم تحفيز خلايا عصبية أخرى عندما كان يتموضع في مكان آخر. ولذلك افترض أن هنالك “خلايا مكانية” ترسم خريطة داخلية للبيئة المحيطة بالجرذ. أما الزوجان مويزر فقد اكتشفا في عام 2005 أن هنالك خلايا عصبية أخرى في “إنتورهينال كورتيكس” في الدماغ، والتي تم تنشيطها عندما مر الجرذ في أماكن معينة.

وقالت جمعية نوبل في معهد كارولينسكا بالسويد في بيان إن هذه الاكتشافات حلت مشكلة شغلت الفلاسفة والعلماء لقرون، مضيفة أن التعرف على نظام التموضع في المخ قد يساعد في فهم الآلية وراء فقدان الإدراك المكاني المدمر الذي يؤثر على الذين يعانون من مرض ألزهايمر.

+ -
.