الدراما السورية تفقد عميدها ‘المضحك المبكي’

فقدت الدراما السورية رائدا من روادها السبت، حيث فارق الممثل السوري تيسير السعدي الحياة في دمشق، عن عمر يناهز الـ97 عاماً.

سجّل الممثل السوري الراحل آخر ظهور تلفزيوني له عبر برنامجٍ “المضحك المبكي”، الذي بث خلال شهر رمضان الماضي، وروى فيه تجربته على حلقات، وكان بمثابة الشهادة الأخيرة.

وبدأت مسيرة السعدي الفنية منذ أن كان طالبا، وحصل على دبلوم معهد التمثيل في القاهرة عام 1947.

وشارك إلى جانب سيدّة الشاشة العربية فاتن حمامة بفيلم “الهانم” 1947، ثمّ عاد إلى الشام ليؤسس الفرقة السوريّة للتمثيل والموسيقى، وضمّت آنذاك مجموعة من الفنانين الرواد امثال معتز الركابي ورفيق شكري وحكمت محسن وانور البابا ورفيق سبيعي وفهد كعيكاتي ومصطفى الحلاق، وقت كان الفنّان لايزال يعاني من نظرةٍ اجتماعيةٍ دونية.

وتعرّف الراحل إلى جماليات فن المسرح، في مدرسة “اللاييك” بدمشق، خلال ثلاثينيات القرن الماضي، وقاده شغفه بهذا الفن إلى دراسة التمثيل بالقاهرة مطلع الأربعينيات، وانضم هناك إلى فرقة نجيب الريحاني بدار الأوبرا المصرّية.

ويعتبر تيسير السعدي مؤسس الدراما الإذاعية السوريّة، عبر ما أخرجه عن نصوص لحكمت محسن، وشارك به ممثلاً في الإذاعة، لاسيما شخصيتي “صابر” و”صبرية”، الثنائي الذي شكّله السعدي مع زوجته الراحلة الممثلة صبا المحمودي.

ويطغى الرصيد الإذاعي على المسيرة الفنيّة للممثل السوري الراحل تيسير السعدي، وتحسب الأعمال التي قدّمها للإذاعة السوريّة بالآلاف.

ولم يتعّدَ حضوره في السينما سوى المشاركة بأفلام سينمائية تجارية قليلة، وكانت له مشاركات بالدراما التلفزيونية منذ أيّام الأبيض والأسود، ولعلّ أكثر ما تتذكر له الأجيال الحاليّة، دور المنجد “أبو ضاهر” في مسلسل “أيّام شاميّة” الشهير في العام 1992، كشيخ كار يحرص على تلقين أجيره المتدّرب المشاكس تقاليد المهنة.

وبدأ السعدي في هذا الدور حارس التقاليد الشاميّة الأصيلة، وبما يتمتّع به من نبرةٍ صوتيةٍ خاصّة تليق بحكواتي أصيل؛ ولعبَ السعدي دور الراوي لأحداث مسلسل “الزير سالم” 2000 أحد أبرز الإنتاجات التلفزيونية السورية.

كما قدم الراحل عددا من الأعمال السينمائية والتلفزيونية منها فيلم “الرجل” للمخرج العراقي فيصل الياسري، كما عمل مع الثنائي دريد ونهاد في “صح النوم”، فضلا عن مشاركاته فى مسلسلات “الدنيا مضحك مبكي” و”زواج على الطريقة المحلية” و”تجارب عائلية”.

وغابَ بعدها تيسير السعدي عن الواجهة، وعاد ليشهد على تجربة جيله من بوّابة “نادي الذاكرة” إحدى فعاليات احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، وقدمّت الاحتفالية ضمن إصداراتها، كتاباً خاصّاً عن تجربته بعنوان “تيسير السعدي.. ممثل بسبعة أصوات” من تأليف ميسون علي.

ودخل السعدي بعد هذا التكريم مجدداً في دائرة الغياب، وسط انتقادات كثيرة طالت الممثلين السوريين لتقصيرهم بحّق روّاد الفن السوريّ، ووقتها توجّه وفدٌ منهم لزيارته، ضم جمال سليمان، وأيمن زيدان، وآخرين، وكان ذلك مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2010، وأواخر الشهر ذاته كرمّته جائزة “أدونيا” السوريّة بنسختها الأخيرة.

وتميز الراحل في مسرح خيال الظل عبر أدائه شخصيتي كراكوز وعيواظ والذي انتقد فيه الظواهر الاجتماعية السلبية واعطى هاتين الشخصيتين الفلكلوريتين طابعا معاصرا.

+ -
.