الدروز وكابوس الزواج المختلط

z
زواج مدني يجمع رودي (شاب لبناني درزي) ويوهانا (شابة من الطائفة المسيحية) في قبرص

بينما كنت أتحدث مع قريبتي في إحدى المناسبات الاجتماعية، سألتها عن أخيها مستفقداً حاله بعد الزواج، فأجابت أنه “منيح” متجهمة الوجه ومكسورة الخاطر غير راغبة باستكمال الحديث عنه، وذلك طبعاً بسبب زواج أخيها الدرزي بفتاة “من خارج الملّة” كما يُصطلح أن يُسمى الزواج المختلط في المجتمعات الدرزية.

لم أقف عند هذا الحد فعبرت لها عن فرحتي لأنني أراهما سعيدين من خلال منشوراتهما وصورهما على وسائل التواصل الاجتماعي.

كانت هذه الجملة بمثابة ضوء أخضر لها لتقلب تعابير وجهها وتتحول للدفاع عن خياره وعن أحقيته بتقرير مصيره، ودار الحديث في هذا المحور.

لا يزال زواج الفتاة والشاب الدرزي من غير دين محل رفض في المجتمعات الدرزية المحافظة والمعتدلة، ولا يزال تأثير المجتمع كبيراً جداً على قرار الارتباط عند الأفراد ويذهب هذا الضغط الديني والاجتماعي إلى ما بعد زواجهم وانجابهم بعزلهم ووضعهم في خانة المنبوذين.

عند حدوث حالة هروب فتاة درزية للزواج بشاب درزي أو ما يعرف “بالخطيفة”، من الشائع أن تسمع الأقارب يواسون الأهل بجملة شهيرة: “اشكروا الله أنها ذهبت مع درزي وليس مع أحد آخر لاقدر الله”.

هذا الكلام ما هو سوى دليل من الدلائل على أن زواج الدروز من غير دين لا يزال من كبائر المحرمات. المجتمع الدرزي قاسٍ جداً في هذا السياق (مثله مثل العديد من المجتمعات العربية)، يضع الأفراد بين خياريين: إما الزواج من درزي أو درزية، أو العيش في عزلة اجتماعية مبعدين عن بيئتهم ومحيطهم.

هذا الواقع ينعكس حتى على الأفراد غير المتدينين والمنفتحين والمتحررين من القيون الدينية نوعاً ما، إذ يجدون أنفسهم مكرهين على الذهاب إلى الحل الأسهل، ألا وهو الانفصال عمن قد تكون جمعتهم بهم قصص حب وعلاقات جميلة.

نشطت في السبعينات والثمانينات حركة هجرة الشباب الدروز إلى دول الاتحاد السوفياتي للتخصص في الجامعات، بحكم وجود منح دراسية قدمتها أحزاب ناشطة في المنطقة مقربة من الاتحاد السوفياتي. فعاد الشباب بشهادات طب وهندسة، وغالباً مع زوجات من روسيا وأوكرانيا، مسيحيات بطبيعة الحال.

تعيش أولئك النساء حياة طبيعية وهانئة جداً داخل جدران منازلهن فقط.

وفي هذا السياق، شهدت على أحاديث متكررة ومتشابهة دارت ولا تزال تدور بين بعض النساء عن قدرة زوجة فلان وشطارة زوجة فلان الروسية أم الأوكرانية وعن مدى تفانيها كزوجة وأم، أحاديث مترافقة بدهشة واستغراب، فغالباً ما يختتم الحديث بجملة “أحسن من بنات الدروز”…

هذه الواقعة تدل على الحالة النخبوية الدينية التي يعيشها بعض الدروز، والتي يتشربها الفرد من صغر سنه بمعزل عن معرفته بالدين أم جهله به.

يُمارس الاضطهاد على النساء غير الدرزيات في يومياتهن الاجتماعية ولعل أكثرها فظاظة الطلب منهن الخروج من قاعات الصلاة أثناء مراسم الدفن على سبيل المثال، في حين يتوجّب شكرهن على انخراطهن ومواساتهن الآخرين بالمصائب.

لا يعاني من تزوجوا أو ارتبطوا بغير الدروز فقط، بل تنتقل المعاناة إلى الفتيات الدروز من غير أم درزية، فغالباً ما يجدن صعوبة في الزواج من درزي؛ فالدروز أيضاً لا يحبون الزواج من فتاة أمها غير درزية.

ومن المفارقة أن الزواج المختلط يتقبله المجتمع الدرزي فقط اذا حصل في عائلات ذات سلطة ونفوذ وغالباً إذا ما حصل في عائلات سياسية أو اقطاعية مرموقة.

وقف المجتمع الدرزي مذهولاً أمام جريمة بتر العضو الذكري لرجل غير درزي لإقدامه على الزواج من فتاة درزية، وهي واقعة حصلت منذ فترة وأثارت الكثير من الجدل.

لاقت هذه الحادثة استنكاراً كبيراً لوحشية الجريمة المرتكبة وفظاعتها. ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح: هل من قام بالفعل الجرمي مذنب وحده أم أن هذا الكم من الضغط الديني والاجتماعي هيّأ الأرضية؟ وهل هي هذه الجريمة الوحيدة التي ارتكبت؟ ألا تعتبر أفعال الاضطهاد والتمييز التي تحصل يومياً جرائم، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الآثار النفسية والتبعات الأخرى؟

بعد هذا السرد السريع، أعتقد أن كابوس الزواج “من خارج الملّة” لدى الدروز سيستمر كموروث اجتماعي وديني له خصوصياته ومفاهيمه الخاصة. كابوس يلاحق الطوائف والمذاهب كافة في العالم العربي، إلى حين تكريس الحرية الشخصية وحق الفرد بإدارة خياراته.

تعليقات

  1. لكل طائفه عادتها وتقاليدها المختصه بهم والدروز يوجد لهم قوانين ومنها الزواج فقط من بعضهم البعض ومن يخالف فلقد خالف قوانين الدروز وذلك يعبر انه خرج منهم

  2. المحافظه على العادات والتقاليد ضروري جدا ولكن نحن وفي مجتمع بداء ينفرط ، لكل إنسان حرية التعبير ، ولكن يوجد أشياء التي نأتي الي دنيا ونسمع انها حرام حسب ديننا ، كل طائفة لها عادات وتقاليد وعلينا احترامها .دين درزي سهل لخروج منه ومستحيل دخول إليه ونحنو دروز هذا شيء الذي يميزنا عن غيرنا .كل انسان له حق تعبير وتصرف لكن ضمن حدود معقوله.انا شخصيا ضد زواج من غير دروز مع العلم أن اليوم دروزنا اصبحو مثل الاجانب .حتى في أمور اخرى صبح من يفعل العيب هو من ناس المفتخر بهم ومن يعمل في احترام واخلاق هو المنبوذ .

  3. الدين شو ما كان يكون هو سبب تراجع المجتمعات وسبب في قلة الابداع والحياة السعيدة

  4. كل هالانفتاح والتحضر والعيشة الاوروبية الموجودة عم يتغاضو عنها وها الموضوع عندهن جريمة لا تغتفر !!

    1. لانو كل شي بيتصلح وبيرجع لأصلو الا الزواج من غير دين حتي لو صار في طلاق الشخص ذاتو بيضل برات المله الدرزيه هيك حسب ديننا

  5. هذا مش كابوس هذا دين الدروز وهيك من يوم يومنا اللي بيتجوز غير درزي او درزيه بطلع من دينو فكرت المقال رح يقنع شبابنا وشاباتنا يتراجعو عن هيك غلطه بس للاسف من العنوان المقال كثير غلط

  6. اصبحنا على حافة الهاويه بسبب المفهوم الخاطئ للحريه …نحن شعب طغى عليه الفساد والكراهيه والعمى الى درجة لم نعد نرى الخطأ ولم نعد نتفاجأ بشيء واصبح كل شيء(عادي) لنرى الي اين سنصل بعد هذا الوضع المُزري.

  7. الدروز،مسلمون،لا ليسو من اهل السنة،هم شيعة,لا هم من الخوارج,ابراهيميين،لا قبائل تطرية,عرب،لا بقايا بريطانيين
    هذا حال مواقع التواصل الاجتماعية في الاونة الاخيرة وشغل شغل الصحافيين الذين يبحثون عن مقالات تعبي لهم الجيوب وبعض رجال الدين المتعصبين الحاقدين على الشعوب المسالمة كالموحدين الدروز
    في زخم هذا العصر التكنلوجي والانفتاح الذي نعيشه اليوم لحق مجتمعنا الديني التوحيدي ما لحق حياتنا جميعاً من هذا الانقلاب الراس على العقب ونشر خصوصياتنا امام “الرايح والجاي”على مواقع التواصل وكان الحصة لبعض الكتب التوحيدية كما كان الحصة لغيرها
    فسارعو لها المتعلمون قبل المتدينون وكلن لغاياته فلاول يحاول بان يستعمل خطة”من فمك ادينك” ولاخر يحاول باي طريقة التكفير والتهميش فسارعو الى البحث بهذا المجتمع الديني المسالم لتصدمهم بساطة تلك المعتقدات وشيمها وثباتها ورسوخها رسخ الصخر وليس انزلاق الرمال كما كانو يظنون وصدمهم انفتاحها فلم يجدو فيها لا فواحش ولا اباحات كما كانو يتشوقو ان يروه ولا غايات وابعاد سياسية ولا ابعاد استعمارية ولا توسعات ولا استقطاب ولا امر بقتل ولا امر بهدم فخاب املهم لان هذي شيمهم
    وذنب هذه الطائفة القليلة العدد الكثيرة الايمان انها بقيت رغم كل الظروف فيها مجتمع ديني متماسك له عادات وتقاليد حافظ عليها رغم كل الظروف التي مرت عليه من ازمان طويلة ولو علم بعضنا ما عليه نحن الان كم دفع سلفنا ثمنه لعرفنا حق ما بايدينا
    واما الحقدة الذين يحاولون اظهار الدروز بالمتخلفين وغيره فليبحثو بمادة غيرها لتعبي جيوبهم فنحن لسنا مادة صحافية ولا دراسة يجروها علينا نحن جزء ثابت وقوي وموجود ولنا ثوابت دينية واجتماعية ومرت بنا ظروف اصعب من تلك التي نمر بها اليوم وما توقفنا عندها لان المؤمن الحق يعلم ان الله تعالى يسدد خطواطه ويرعاه وبأذنه تعالى ما دام المجتمع متمسك بقيمه ومباديه رب الارباب لن يخلي طرفة عينه عنهم ومتى انزلق المجتمع بهاوية التنازلات التي انزلقت فيها اغلب مجتماعات العالم فليعزي الانسان نفسه ببعده عن الغاية القصوى للوجود
    ومن حولنا امثلة كافية لمن ينظر ويعتبر
    ومن راق له كلام الحقدة بهذا المقال فليعلم على من هو محسوبب

  8. ان كنت انت, او ان كان لديك قريب متديّن, فبالتأكيد سمعت ولو لمره واحده على الاقل, أن اخر الوقت تضعف النفوس وتكثر المحرمات ويسقط الحياء.
    والجاهل ومرتكب الحرام, يعلو صوته على صوت الحق والحلال, ويؤثر على الخلق ليتبعه ضعيفي النفوس معدومي الشخصية.
    انتبه ان تكون انت منهم 🙂

التعليقات مغلقة.

+ -
.