الذاكرة عندما تخونك… نشّطها بالتمارين الذهنية

يتميز الدماغ بقدرته الهائلة على تخزين المعلومات وحفظ الوجوه والأسماء والأشكال والألوان والأرقام، لكن في بعض الأحيان قد يخوننا فنقع في فخ بعض الحوادث اليومية، كنسيان المفتاح أو المحفظة أو بعض الأوراق أو حتى نسيان اسم شخص صديق وعنوانه.

رب قائل إن ما يحصل هو أمر طبيعي بسبب التقدم في السن، لكن الذاكرة لا تضعف بالضرورة مع التقدم في العمر، وهي ليست ميزة يتمتع بها بعض الأشخاص من دون سواهم، وتفيد البحوث العلمية بأن في الإمكان التقليل من تأثير التقدم في العمر في الذاكرة من خلال التدريب والممارسة ما يحسّن أداء الذاكرة في شكل ملموس وفي أي عمر. وهنا أهم ثلاثة أمور تعترضنا في حياتنا اليومية والحلول لها:

> نسيان الأسماء. جميعنا مررنا بمواقف حرجة للغاية، مثل نسيان اسم شخص قريب جداً منا، لكن متى عُرف السبب بطُل العجب، فثمة منطقة معينة في الدماغ مخولة حفظ الوجوه، لذا نتذكر أننا رأينا هذا الوجه حتى لو مضى على ذلك سنوات، أما الأسماء فلا توجد منطقة خاصة لتخزينها في الدماغ، لذلك ننساها، وبالطبع فإن هناك أسباباً أخرى لصعوبة الاحتفاظ بالأسماء في الدماغ من بينها سماع اسم الشخص لمرة واحدة حين الالتقاء به، وأن أسماء كثيرة لا معنى لها وبالتالي فهي لا تعلق بالذاكرة بالسهولة التي نتوقعها، فما السبيل الى تقوية القدرة على تذكّر الأسماء؟ هنا بعض الاقتراحات:

– التمعن في الاسم، فالغالبية العظمى من الناس لا تنتبه إلى الاسم، وتفسير ذلك أن عملية التعارف غالباً ما تتم خلال الاجتماعات أو في الحفلات أو في أماكن مكتظة بالناس يكون فيها الذهن مشتتاً ومنشغلاً بأمور شخصية أو عائلية أو دراسية أو اجتماعية أو مهنية أو حتى صحية، وفي مثل هذه الظروف يكون العقل غير موجه كلياً لسماع الأسماء لتسجيلها في دهاليز الذاكرة.

ما الحل؟ الإنصات جيداً الى الاسم لترسيخه في الذاكرة. ولا ضير في الطلب من الشخص تكرار ذكر الاسم في حال لم يتم استيعابه في شكل واضح. وحبذا لو جرى التدرب على كتابة الاسم مرات عدة من أجل ايداعه في خزان الذاكرة.

– تكرار الاسم، فمن منا لم يقع في ورطة عند تقديم صديق ما الى شخص آخر، لكن فجأة نكتشف أن الاسم طار من الذهن فنصاب بحرج.

ما الحل؟ يقوم الحل على ترداد الاسم مرات من أجل أن يظل حياً في الذهن.

– ربط الاسم بصورة ذهنية، ان دمج الاسم مع علامة فارقة مثل أنف كبير، أو وجود شامة، أو آذان ضخمة، أو ذقن مضاعفة، أو لحية مميزة، يمكن أن يساعد على تسجيل الاسم في المخ. وإذا صدف أن فشلت محاولة تذكّر الاسم فلا ضرورة للجزع، بل المطلوب الاسترخاء قليلاً ومحاولة تذكّر الموقف أو المكان أو الظرف الذي تم فيه التعارف، وعلى الأرجح سيعود الاسم.

> نسيان المفاتيح، قد يصدف أنك تهم بالخروج من المنزل أو من المكتب، لكن فجأة يناديك شخص أو يرن هاتفك أو يُقرع بابك فيتشتت الذهن في هذه الزحمة ويتم نسيان المفاتيح في مكان ما، وعندما تغادر البيت أو المكتب تكتشف أن المفاتيح ليست معك. ويرجع السبب في نسيان المفاتيح هنا الى القيام بعمل ما بينما يكون التفكير مركزاً على شيء آخر.

ما الحل؟ وضع المفاتيح في مكان مناسب بحيث تراها عندما تهم بالخروج من البيت أو من مكان العمل.

> نسيان حقيبة الأوراق، وهي مشكلة متفشية، فالمشاغل المتعددة، وتشتت الانتباه بين أمور كثيرة، والتفكير في أكثر من شيء في الوقت نفسه غالباً ما تدفع الى نسيان حقيبة الأوراق أو المحفظة التي نحملها.

الحل هو بأن تتعود على وضع الحاجات والأوراق في مكان ثابت لتجدها بسهولة من دون أن تكلف النفس عناء البحث عنها. وإذا كنت في مطعم ومعك حقيبة الأوراق فحاول أن تضعها مثلاً بالقرب من مكان جلوسك، أو في مكان يجعلها تنقلب على الأرض عندما تهم بالنهوض فتنتبه اليها ولا تنساها.

إن نسيان الأسماء والأشياء والمفاتيح وحقيبة الأوراق ما هي إلا أمثلة حية من بين أشياء كثيرة تحصل لنا في حياتنا اليومية. إن الذاكرة وفية لصاحبها، لكنها في بعض الأحيان تخون، وقــــد يكون نمط الحياة المليء بالإرباكات والهموم والمشاكل، هو الذي يدفع الذاكرة إلى الخــيانة، وأفضل ما يمكن عمله لمنع عصيان الذاكرة هو اتباع أسلوب حــياة بســيط يساعد في الحفاظ على الذاكرة بعيداً عن المــسبـبات التي تــقود إلى تــشتتها.

هل من دواء يقوي الذاكرة؟

ليس هناك من دواء فعال لتنشيط الذاكرة، وما يتم الترويج له من عقاقير يقال انها تنشط الذاكرة هو هرطقة كلامية أو مجرد دواء وهمي. ولعل أفضل دواء لتنشيط الذاكرة هو أن تجعلها في عمل ذهني مستمر طوال الوقت قدر المستطاع.

doctor.anwar@hotmail.com

+ -
.