الرمان.. رمز الخصوبة وعنوان الريجيم الصحي

من أهم الميزات الغذائية للرمان أنه يحتوي على مضادات أكسدة تحافظ على الصحة العامة كما أنه يخفض من الكولسترول الضار الذي يمكن أن يؤدي إلى صدمات قلبية. وفي دراسة نشرت حديثا في بريطانيا جاء أن تناول نصف كوب من الرمان يوميا مع ثلاث تمرات يمكن أن يقي من أمراض القلب ومن تصلب الشرايين. ويخفض الرمان من نسبة الكولسترول بنحو 28 في المائة عند تناوله المتكرر.

ويحتوي الرمان أيضا على عدة فيتامينات منها فيتامين سي وفيتامين إي وكثير من الأملاح والمعادن المفيدة. ويعد الرمان مصدرا جيدا للألياف والحديد، واستخدم الرمان عبر آلاف السنين ليس فقط كطعام وفاكهة وإنما أيضا لعلاج بعض الأمراض. وعبر عصور استخدم الرمان لعلاج أمراض ضغط الدم العالي وأمراض القلب، بل وبعض أنواع السرطان مثل سرطان البروستاتا.

وهناك دراسات متعددة عن فوائد الرمان منها واحدة أجريت في عام 2006 وأشارت إلى فوائد الرمان في المحافظة على صحة العظام. ولكن الدراسة أجريت على فئران وليس على آدميين ولذلك لم تتأكد نتائجها.

وفي دراسات أخرى جاء أن تناول كوب صغير من عصير الرمان يوميا يمكن أن ببطيء من تطور مرض سرطان البروستاتا، ولكن مجال الدراسة المحدود يحتاج إلى المزيد من الإثبات، ولذلك لا يعتد بها الخبراء حتى الآن.

ولكن تأثير تناول الرمان يوميا على صحة الشرايين ومنع الكولسترول مثبت في أكثر من دراسة، منها دراسة شملت 45 مريضا مصابين بأمراض القلب تناولوا كوبا من عصير الرمان لمدة ثلاثة أشهر. وكانت النتيجة هي سريان أفضل للدم وتراجع خطر الصدمات القلبية.

ومع ذلك كان تعليق خبيرة الأغذية البريطانية اليسون هورنبي أن الدراسات التي أجريت حتى الآن لا تعطي دليلا قاطعا حول فوائد الرمان الصحية، وإن كانت احتمالات الفوائد قائمة. وهي تعتقد أن الرمان له فوائده الصحية مثل أنواع الفاكهة الأخرى التي يجب تناول خمس قطع منها يوميا. كما نصحت بتناول عصير الرمان دون إضافات سكرية له. ويمكن أيضا إضافة حبوب الرمان إلى السلاطة لزيادة قيمتها الغذائية.

وبدأت شجيرات الرمان من منطقة الشرق الأوسط قديما وانتشرت منها إلى بقية أنحاء العالم. ويزرع الرمان في المنطقة منذ الزمن القديم، وانتشر شرقا إلى الهند ومنها إلى بقية أنحاء آسيا. ولم يصل الرمان إلى أميركا إلا في القرن الثامن عشر وتحديدا في عام 1769 عندما استورده مزارع في كاليفورنيا.

وينمو الرمان على أشجار تصل إلى طول ستة إلى عشرة مترا. وتعيش أشجاره لعقود طويلة، وهناك شجرة رمان في فرنسا يعود تاريخها إلى قرنين من الزمان. ويشتهر الرمان بأزهاره الحمراء براقة اللون. وهناك بعض الأنواع التي لا تثمر وتزرع فقط من أجل إزهارها.

وتختلف ثمار الرمان من موقع لآخر ويصل عدد الحبوب في كل ثمرة من 200 حبة إلى 1400 حبة. وكل حبة مغطاة بغشاء يحجب سائل محيط بالبذرة، وتتراوح ألوانه ما بين الأبيض والأحمر القاتم.

وتنمو أشجار الرمان في مناخ البحر المتوسط وهي تتحمل الجفاف ويمكن أن تعيش على أمطار الشتاء وحدها. وفي المناطق الرطبة يمكن أن تتعرض الأشجار إلى عطب في جذورها. وهي أشجار تتحمل أيضا درجات الحرارة المنخفضة إلى ما دون الصفر مئويا أثناء الشتاء.

ويمكن زرع الرمان من البذور ولكن أفضل أنواعه تكون بزراعة أغصان مقطوعة من الشجرة. وهنالك كثير من الفصائل منها أشجار صغيرة الحجم تزرع في الحدائق للزينة.

وقبل وصول الطماطم من الأراضي الأميركية إلى العالم القديم كان الرمان يدخل في كثير من الوجبات الشرق أوسطية وما زال يستخدم حاليا في وجبات تقليدية في الدول العربية وإيران.

وفي الهند وباكستان تستخدم حبات الرمان المجففة كنوع من التوابل في الوجبات وأنواع الكاري. كما تستخدم حبوب الرمان المجففة في صناعة الحلوى ويمكن أن تضاف إلى الزبادي والآيس كريم والبقلاوة.

وفي سوريا وتركيا يتم خلط عصير الرمان المركز مع الفلفل الأحمر المشوي والثوم والمكسرات في خلطة تسمى «المحمرة». كما يستخدم عصير الرمان في اليونان في كثير من الوجبات وتطلى به قطع اللحم التي تتكون منها وجبة الكباب. وهو يضاف أيضا إلى أنواع بابا غنوج.

* تاريخ حافل

يمكن القول إن الرمان كان منتشرا في كل منطقة الشرق الأوسط منذ العصور القديمة ومنها تم تصديره إلى بقية أنحاء العالم. وتوجد آثار كربونية للرمان في كثير من المناطق مثل الضفة الغربية وقبرص ومصر القديمة تعود إلى العصر البرونزي.

وعرفت مصر القديمة الرمان واعتبرته رمزا للخصوبة والرخاء. ووجدت الكثير من ثمراته في قبور قدماء المصريين منها رمانة جافة وجدت في قبر جيهوتي كبير طهاة الملكة حتشبسوت. كما جاء ذكر الرمان في بردية طبية مصرية يعود تاريخها إلى 1500 سنة قبل الميلاد تذكر فيها بعض الاستخدامات الطبية للرمان في التخلص من ديدان الأمعاء ومن الكثير من الأمراض المعدية.

وخلطت اليونان القديمة بين الرمان وبين أساطيرها المتعددة وظهر الكثير من الشخصيات الأسطورية وهي تحمل الرمان في يد والسيف في يد أخرى كدليل على الخيار بين السلام والحرب. وما زال الرمان يحتل مكانة في المناسبات الدينية اليونانية حتى اليوم، حيث يؤكل في الأعياد وأيام الحصاد.

واستمرت الدلالات الأسطورية مع الرمان في العصر اليوناني وظهرت في كثير من الرسوم التاريخية التي يبقى بعضها محفوظا في المتاحف حتى اليوم. وفي آسيا كان الرمان يصدر من أفغانستان إلى الهند وباكستان وروسيا وأوروبا. كما أن الرمان يعد أحد الفواكه الرئيسية في أرمينيا، وتتخذه البلاد شعارا ورمزا للخصوبة. وكان الرمان يستخدم شرابا في مراسم الزواج التقليدية.

وتحتفل الثقافة الفارسية أيضا بالرمان ويدخل في مكونات كثير من الوجبات التقليدية حتى اليوم. وهناك مهرجان سنوي للرمان يعقد كل أكتوبر (تشرين الأول) في طهران لعرض وبيع أنواع الرمان ومنتجاته.

ويحمل الرمان في الثقافة الهندية القديمة معاني الرخاء والخصوبة، وله أيضا معنى طريف في ثقافة قبائل التاميل، حيث تشتق كلمة الرمان من كلمة تعني «عقل المرأة» وتحمل معاني الحبوب المتعددة وصعوبة تفسير ما يجري في عقل المرأة.

وفي الصين، يعود تاريخ الرمان إلى زمن مملكة تانغ في القرن السابع الميلادي، وفيها كان الرمان يرمز أيضا للخصوبة وكانت صوره تعلق في المنازل لجلب هذه الخصوبة المهمة في الثقافة الصينية.

عرف العرب الرمان بعد الفتوحات الإسلامية وزرعوه في الشام وشمال أفريقيا، وكانت أفضل أنواعه تنمو في الأندلس. وقد أطلق عليه العرب في الأندلس اسم «تفاح غرناطة» واتخذوه شعارا للمدينة التي كانت تصدر أفضل أنواعه لأنحاء أوروبا والشرق.

وحمل العرب معهم ثمار الرمان في تجارتهم مع جنوب شرقي آسيا، ومنهم وصل الرمان إلى أفغانستان التي اكتشفت أن التربة الغنية بالحديد بالقرب من قندهار تنتج أفضل أنواع الرمان ذي اللون الأحمر الأرجواني. ونجحت تجارة تصدير الرمان من أفغانستان إلى كثير من الدول المجاورة.

وفي العصر الحديث يزرع الرمان في بعض الولايات الأميركية وفي إسبانيا والشرق الأوسط والهند والصين. وهو يستخدم على نطاق واسع في الصناعات الغذائية ويعتبر أحد الأغذية السوبر التي تدخل في الريجيم الصحي.

ولأنه يزرع في مناطق مختلفة من العالم يمكن الحصول على الرمان على مدار العام. ويمكن حفظه لمدة أسبوعين في البرادات وتناوله على صورته الطبيعية أو بعد عصره. وتستخدم حبوبه في كثير من الوجبات أو السلاطة وأحيانا يدخل في تحضير بعض الطبخات الشرقية التي تشمل الدجاج والبط والأسماك ولحم البقر.

ويجب توخي الحذر عند تحضير الرمان لأن البقع التي يتركها على الملابس من الصعب إزالتها. وأسهل طريقة لاستخراج الحبوب هي بفتح الرمانة إلى نصفين والضرب على قشر الرمانة بملعقة خشبية لاستخراج الحبوب بسهولة.

+ -
.