العمل الليلي والساعة البيولوجية

يملك الإنسان ساعة بيولوجية تعتبر من الآليات المعقدة في الجسم، وهي تعمل وفق جداول زمنية يتم فيها تنسيق العمليات الحيوية في شكل منتظم على مدار 24 ساعة. ولهذه الساعة علاقة بإيقاع النهار والليل، ويتم ضبط إيقاعها دورياً بفضل مؤشرات داخلية في الجسم، ومؤشرات خارجية في البيئة التي نعيش فيها.

ويملك كل شخص ساعة بيولوجية خاصة به لا تشبه ساعة غيره، ويبدو أن للوراثة دوراً في هذا الأمر. وتتكيف الساعة البيولوجية مع تغيرات الوقت، لكن مع التقدم في السن تفقد مرونتها في التكيف مع هذه التغيرات.

ويعتبر العمل الليلي من بين أهم الأسباب التي تخرب الساعة البيولوجية، فهو يؤثر في طريقة تكيفها مع تغيرات الوقت، ويحد من انتاج هورمون الميلاتونين الذي يتدهور مستواه في شكل واضح، ويؤثر في العمليات الاستقلابية والكثير من الوظائف الفيزيولوجية الأخرى، وهذا كله يفسح المجال أمام حدوث أضطرابات ومشاكل صحية منها مرض السرطان والقرحة المعدية والأمراض القلبية الوعائية ناهيكم عن الآثار التي يخلفها في الناحية النفسية والعائلية والاجتماعية، فهو يشجع على ظهور تبدلات طارئة في الشعور والمزاج والعلاقات مع الأسرة والآخرين، فيعاني الشخص من مجموعة من المظاهر، مثل القلق، والتوتر، وسرعة الغضب، والكآبة، والتعب، والخمول، وقلة الحماس، ونشوء حياة عائلية واجتماعية مفككة تجعل المرء غير قادر على التواصل في شكل طبيعي مع أفراد عائلته وأقاربه وأصدقائه.

أكثر من هذا وذاك، كشفت دراسة حديثة أعدها علماء من جامعة ولاية أوريغون الأميركية أن تخريب إيقاع الساعة البيولوجية يمكن أن يؤدي إلى انهيار الخلايا العصبية وفقدان الوظيفة الحركية والموت المبكر، من هنا أهمية التنبه إلى العوارض المبكرة التي يسببها العمل الليلي والتي قد تكون مؤشرات الى مشاكل صحية.

+ -
.