المكملات الغذائية.. أغلبها مرفوض طبيا أو غير مثبت

المكملات الغذائية لا يمكنها أبدا أن تقوم مقام الأدوية التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية من حيث المعايير المطلوبة. وتشير الأدلة إلى أن القليل من هذه المكملات يحمل قدرا معتبرا من الفعالية، والكثير منها لا فائدة منه ولا طائل من ورائه، والبعض الآخر قد يكون ضارا بالصحة بالأساس.

* مكملات غذائية رائجة
تقدر صناعة المكملات الغذائية – بما في ذلك الأعشاب، والفيتامينات، والمعادن، وغيرها من المنتجات – بمبلغ 37 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها، وهناك 60 في المائة من النساء يتناولن تلك المكملات بصورة منتظمة. وفي الأثناء ذاتها، تشير الأبحاث المتوالية إلى أن المكملات الغذائية – وحتى المكملات الأساسية منها مثل الكالسيوم – قد تسبب أضرارا عند تناولها بجرعات عالية.
يعود استخدام المكملات الغذائية والعلاجات البديلة الأخرى للأدوية التقليدية إلى قرون مضت، ولكن الدكتور ديفيد ايزنبرغ، الأستاذ المساعد في كلية تشان للصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد، كان أول من عمل على توثيق الاستخدام واسع النطاق للعلاجات البديلة في الولايات المتحدة. وفي مقالة نشرت عام 1993 في دورية «نيوإنغلاند» الطبية، ذكر الدكتور ايزنبرغ برفقة زملاء له أن أكثر من ثلث المواطنين الأميركيين كانوا يستخدمون العلاجات البديلة غير التقليدية إلى حد كبير فيما يتعلق بالأمراض المزمنة، والأكثرية منهم كانت تفعل ذلك من دون إطلاع أطبائهم على الأمر. واشتمل ذلك التقرير الطبي كذلك على العلاج بالوخز بالإبر، والمعالجة النخاعية، والتدليك، واليوغا، ولكنه ركز أيضا على اهتمام الجمهور بكافة أنواع العلاجات غير التقليدية الأخرى، بما في ذلك الاستخدام المتزايد للعلاجات بالأعشاب، وغير ذلك من المكملات الغذائية الأخرى. وفي عام 1998، أعيد تنظيم مكتب الطب البديل الملحق بالمعاهد الصحية الوطنية إثر تكليف المركز الوطني للطب التكميلي والبديل بتمويل الدراسات الدقيقة في مجال السلامة وفعالية العلاجات البدنية البديلة إلى جانب المكملات الغذائية الشعبية وطب الأعشاب.

* منتجات الأعشاب
تشمل الممارسة التقليدية للعلاجات العشبية الجمع ما بين مختلف أنواع الأعشاب واستخدامها في مجموعة متنوعة من الاستعدادات. والعلاجات العشبية المطروحة في الأسواق اليوم تتضمن المساحيق أو المستخلصات المستمدة من أوراق، أو سيقان، أو جذور النباتات. ولقد أخضعت الكثير من الدراسات، والممولة إلى حد كبير من جانب المعاهد الصحية الوطنية، الكثير من العلاجات بالأعشاب والموصى بها إلى النساء على وجه الخصوص، قيد الاختبار. وفيما يلي تلخيص للنتائج المتوصل إليها.
* الكوهوش السوداء Black cohosh: من النباتات التي استخدمت ولفترة طويلة كعلاج منزلي لالتهاب المفاصل، ولقد أوصي بذلك النبات في علاج الالتهابات الشديدة، والجفاف المهبلي، وغير ذلك من أعراض سن اليأس الأخرى. ولقد جاءت نتائج الدراسات حول فعالية هذا النبات مختلطة. ومع ذلك، فهناك أكثر من 50 تقريرا بشأن تلف الكبد لدى من يستخدمون ذلك النبات كعلاج، على الرغم من عدم معرفة ما إذا كان النبات أو غيره من المواد المتضمنة في عملية الإعداد هي السبب الرئيسي في ردود الفعل السيئة للكبد.
* البابونج Chamomile: يبدو هذا النبات مفيدا وفعالا في تخفيف حدة القلق والتوتر. على الرغم من فعاليته الطفيفة من بعض الأدوية الأخرى، فإن كوبا من شاي البابونج قد يسبب تهدئة الأعصاب فعلا. ونظرا لأن نبات البابونج هو من طائفة الأعشاب الغليظة، مثل نبات القطيفة، والأقحوان، فقد يؤدي على ظهور أعراض الحساسية إذا كان المريض مصابا بالربو أو لديه حساسية نحو تلك النباتات.
* القنفذية Echinacea: ليست هناك أدلة قاطعة على أن هذا النبات يمنع البرد أو يقلل من أعراض البرد. وهو قد يسبب ردود فعل عكسية لدى الناس من ذوي الحساسية لطائفة النباتات الغليظة، أو عائلة نباتات القطيفة أو الأقحوان.
– الجينسينغ Ginseng: على الرغم من توصيف ذلك النبات كعلاج لكل شيء من البرد وحتى الإرهاق والنسيان. فإنه قد يسبب ردود فعل عكسية لدى الناس من ذوي الحساسية لطائفة النباتات الغليظة، أو عائلة نباتات القطيفة أو الأقحوان.
– الجنكه بيلوبا Ginkgo biloba: انتشرت الشائعات بأن مستخلصات أوراق شجرة الجنكه تعمل على تحسين الذاكرة وتمنع وتعالج الخرف والهذيان. ومع ذلك، وفي دراسة حول تقييم تأثير ذلك النبات على الذاكرة، فإن التجربة التي اشتملت على 3000 رجل وامرأة ممن تجاوزوا 75 عاما من العمر أفادت بأن النبات لم يساعد في إبطاء التدهور الإدراكي أو الحد من حالات الخرف عبر فترة بلغت 6 أعوام كاملة. كما أن النبات قد يزيد أيضا من احتمالات حدوث النزيف.
– الحليب الشوكي Milk thistle: تشير الدراسات المخبرية إلى أن هذا العشب، والمعروف أيضا باسم سيليمارين، له تأثيرات وقائية على خلايا الكبد، ولكن الاختبارات السريرية لم تؤكد أي فوائد له. لا يُنصح بالتعويل على الحليب الشوكي لتعويض آثار بضعة أقداح إضافية من النبيذ.
– نبتة سانت جون St. John›s wort: تشير بعض الدراسات المبكرة إلى أن هذه النبتة قد تخفف من آثار الاكتئاب، ولكن الاختبارات السريرية الموسعة فشلت في تأكيد هذه النتائج. كما أن هذه النبتة تتفاعل مع عدد كبير من الأدوية الموصوفة طبيا.

* أنواع المكملات
استمر التسويق ولفترات طويلة أن المكملات الغذائية من الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية التي لا غنى عنها من أجل الصحة الجيدة. ومع ذلك، فقد خضع القليل نسبيا من هذه المكملات للاختبارات السريرية. وتلك التي خضعت، أو تخضع حاليا، للتدقيق العلمي تشمل ما يلي:
– الكالسيوم: أشارت الأبحاث الطبية أن الجرعات المرتفعة من الكالسيوم في المكملات الغذائية ليس لها تأثير كبير على كثافة العظام وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتكون حصوات الكلى. وإذا لم تكن تتناول 500 إلى 700 مليغرام على الأقل من الكالسيوم في نظامك الغذائي اليومي، فإنك في حاجة إلى مكمل غذائي من الكالسيوم. ولكن أفضل الأفكار الجيدة هي التقليل من محتوى المكملات الخاص بك يوميا حتى مستوى 600 مليغرام في اليوم.
– الغلوكوزامين والكوندروتين Glucosamine and chondroitin: تستخدم هذه المواد، وهي من مكونات الغضاريف، في منع التهاب المفاصل وتخفيف آلامها. ولقد أظهرت الاختبارات السريرية أن تأثيرها محدود للغاية.
– الميلاتونين Melatonin: وهو النسخة الصناعية من الهرمون الطبيعي، ويستخدم في علاج اضطرابات الزمن بعد الرحلات الجوية الطويلة، واضطرابات النوم، والأرق. ولقد أظهرت الدراسات أنه يمكن أن يكون فعالا كذلك في جرعات مصغرة حتى مستوى 0.5 مليغرام. وإذا ما كنت تفكر في تناوله، عليك التحدث مع طبيبك حول الجرعة والتوقيت المناسب.
– فيتامين دي Vitamin D: نظرا لأن أغلب الناس الذين يعيشون في مناطق خطوط العرض الشمالية لا يحصلون على ما يكفي من فيتامين دي من التعرض اليومي لأشعة الشمس، قد يكون المكمل الغذائي ضروريا لتغطية المتطلب اليومي من 800 وحدة دولية من الفيتامين. وسواء كانت الجرعات عالية حتى مستوى 2000 وحدة دولية التي تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، أو السكتات الدماغية، أو السرطان، فإن ذلك يتحدد من خلال الاختبارات التي تشمل تناول 25 ألف شخص لفيتامين د وأوميغا – 3 (الدراسة الحيوية) والتي سوف يتم الإعلان عن نتائجها في عام 2017.
– أحماض أوميغا – 3 الدهنية Omega – 3 fatty acids: على الرغم من أن الدراسات ربطت ما بين تناول الأغذية التي تضم نسبة عالية من أحماض أوميغا – 3 لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والالتهابات، فإن من المشكوك في صحته ما إذا كانت المكملات الغذائية من تلك الأحماض – والتي تتوافر بالأساس في أقراص زيت السمك – تمنح نفس التأثير. ولسوف تساعد الدراسة الحيوية المشار إليها في الإجابة على هذا السؤال أيضا.
* المكملات الغذائية لأغراض أخرى: تكتظ أرفف المتاجر بالكثير من منتجات المكملات الغذائية التي تعد المستهلكين بسهولة ممارسة التمرينات الرياضية وتحسين فقدان الوزن. وتلك التأثيرات هي الأخرى غير مثبتة صحيا، وقد يحتوي بعض منها على المنشطات التي تسبب أضرارا جسيمة عند تناولها لفترات طويلة.

* خلاصة المخاطر
القيمة المؤكدة لأغلب الأعشاب والمكملات إما أنها مرفوضة طبيا أو غير مثبتة. والقليل منها يستحق الأموال التي تنفق على شرائها. وعلاوة على ذلك، ليس هناك من ضمان بأن تلك الحبوب، أو الكبسولات، أو الأقراص تحتوي على كل – أو حتى بعض – من المكونات المدرجة على أغلفة العبوات.
والأهم من ذلك، فإن تناول المكملات قد يكون خطيرا، فهناك دراسة نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015 في دورية «نيوإنغلاند» الطبية خلصت إلى أن الأعراض الجانبية للمكملات الغذائية كانت مسؤولة عن متوسط 23 ألف حالة زيارة لأقسام الطوارئ في المستشفيات في العام الواحد.
وإذا كنت قلقا أن نظامك الغذائي اليومي لا يوفر لك كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، فلا تنطلق لشراء المكملات الغذائية قبل استشارة طبيبك الخاص أولا. وإذا ما كنت في حاجة حقيقية إلى أحد الفيتامينات أو غير ذلك من المكملات الغذائية، يمكن لطبيبك أن يوصي بمنتج معين وبالجرعة المناسبة. وإذا ما كنت تتناول أحد الفيتامينات في الوقت الحالي أو غيره من المكملات الغذائية الأخرى، فعليك إبلاغ فريق الرعاية الصحية الخاص بك عن الأمر.
يجري تسويق بعض المكملات الغذائية وبصورة مكثفة في ظل غياب الأدلة الموثوق منها المتعلقة بالفعالية أو السلامة والتي قد تتفاعل بصورة سيئة مع الأدوية الموصوفة طبيا. وعلاوة على ذلك، قد يقرر بعض الناس تأخير البدء في العلاجات الطبية المؤكدة بسبب اعتمادهم الخاطئ على المكملات الغذائية. وبعض من هذه المنتجات يكلف أموالا باهظة، كما يقول الدكتور ديفيد ايزنبرغ من جامعة هارفارد.
تخضع المكملات الغذائية المستخدمة في الدراسات السريرية الممولة من الحكومة لاختبار النقاء ومعايير الجرعات المتناولة. ويُطلب من منتحي هذه المكملات الغذائية إجراء مثل تلك التحاليل وتسليم النتائج بعد ذلك إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية. ومع ذلك، ووفقا لأحد التقارير المنشورة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام بواسطة سلسلة «فرونتلاين» التلفزيونية الاستقصائية من إنتاج مؤسسة «بي بي إس»، فإن القليل من آلاف منتجي المكملات الغذائية ينفذون ذلك، كما تفتقر الإدارة إلى الموظفين وإلى الموارد الكافية المطلوبة لتحليل المكملات الغذائية أو لإجبار الشركات المنتجة على الامتثال لطلبات الهيئة الحكومية المعروفة.
نتيجة لذلك، قد لا تحتوي كبسولة المكمل الغذائي على المحتويات الموضحة على غلاف العبوة. وخلص الباحثون الكنديون، الذين عملوا على تحليل عينة عشوائية من 44 منتجا من إنتاج 12 شركة لتصنيع المكملات الغذائية في عام 2013. إلى أن 60 في المائة من المنتجات تحتوي على مواد غير مدرجة على نشرات العبوات، وبعض من هذه المواد يحتمل أن تكون من قبيل الملوثات الضارة بصحة الإنسان. وخلص تحقيق أجري في عام 2015 من قبل مكتب المدعي العام في نيويورك إلى أن 21 في المائة فقط من عينة عشوائية من المكملات الغذائية ذات الشعبية التجارية، والمنتشرة في مختلف مراكز التسوق الكبيرة والشهيرة، تحتوي بالفعل على المكونات وبالتركيزات المدرجة والمذكورة في نشرات العبوات. وبعض منها لا يحتوي بالأساس على أي أثر للمادة الفعالة المعلن عنها، والبعض الآخر يتألف أساسا من «الحشوات»، بما في ذلك القمح وفول الصويا، والتي قد تثير الحساسية لدى بعض الناس. وكشف محققون آخرون النقاب عن بعض المكملات الغذائية المغشوشة التي تحتوي على هرمونات الستيرويدات.
عندما يتعلق الأمر بالمكملات الغذائية، فإن التحذير القديم «احذروا الشراء!»، يعتبر أكثر أهمية من أي وقت مضى.
* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» خدمات «تريبيون ميديا»

+ -
.