المرض المهني – الميكروتراوما

(لا يُغني هذا المقال عن استشارة قانونية خاصة.)

يأخذ العمل الحيّز الكبير من حياتنا اليومية لا بل من حياة الانسان المعاصر بشكل عام ما ينطوي عليه مخاطر صحية كبيرة. فالتّعرُض اليومي في العمل لمواد صناعية مُسِمّه او مُشعة على اختلافها قد يُؤدي لما يسمى بالمرض المهني. لا بل ان المرض المهني قد يَنْجُم عن اجهاد يومي لجزء جسدي معين، وتسمى هذه الحالة بالميكروتراوما.

 

تقوم نظرية الميكروتراوما على ان الاجهاد الجسدي الكبير لأعضاء جسدية معينة، قد يؤدي الى اصابات صغيرة متكررة في هذه الاعضاء، مما ينتج عنها تراكُمياً اصابة بمرض مهني.

 

من هنا فان المرض المهني هو اصابة عمل، ويعترف به من قبل التامين الوطني في ثلاث حالات :

أ‌-        دُوّن هذا المرض في لائحة الأمراض المهنية المعترف بها وتسمى “اللائحة المغلقة”[1]، وتشمل 26 حالة، معظمها حالات تَسَمُم نتيجة التعرض لما يسمى بالمعادن الثقيلة، كالزرنيخ، الالومنيوم، الكروم، الزئبق…الخ، وتشمل ايضاً امراض ناتجة عن التعرض للأشعة، ولنشارة الخشب، امراض سرطانية معينة وامراض مثل السل، شلل الأطفال، الحمّى الصفراء، التهاب الكبد، الكُزاز وغيره.

 

ب‌-    الميكروتراوما، وهي حالات مرضية ناتجة عن اجهاد جسدي كبير، أُعتُرِفْ او يمكن ان يُعترف بها قضائياً كمرض مهني، مع انها خارج نطاق “اللائحة المغلقة”.

 

ت‌-    تَفاقُم حالة مرضية سابقة (החמרת מצב)، اذا كان للعمل تأثير او خطورة بنسبة لا تقل عن 20%[2].

 

وللتوضيح- ليس كل عمل جسدي شاق يدخل ضمن الميكروتراوما، وبالمقابل هنالك مهن تعتبر سهلة اجمالاً لكنها تتطلب اجهادا جسديا كبيرا لجزء جسدي مُعين قد تشمله االميكروتراوما. كما ان الميكروتراوما لا تنطبق على الامراض النفسية.

اليكم بعض من حالاتكثيرة اعترف بها القضاء بعد ان رُفِضَت جميعها من قبل مؤسسة التامين الوطني :

قضية دادون فنينه[3] – عملت كحاضنة في حضانة اطفال لمدة 25 عاماً، طبيعة عملها تَطَلّبَت الانحناء بشكل متكرر يومياً لتحمل الأطفال وتلبي احتياجاتهم، اصيبت مع مرور الزمن بآلام اسفل الظهر (LBP)، وتفاقمت حالتها في اخر سبع سنوات لمزاولة عملها. دعم تقرير الطبيب المختص المُكَلف من قبل المحكمة ادعائها بناءً على الميكروتراوما، ما حذا المحكمة الاقرار بالمرض كإصابة عمل.

قضية زاغة غرشمان[4] – مساعِدة علاجِية لعجوز مُقعدة ” ثقيلة الوزن “،كانت تحملها تكراراً لتلبي احتياجاتها وعلاجها، أَقرَت المحكمة الاعتراف بإصابتها بآلام اسفل الظهر (LBP) كإصابة عمل.

قضية شمعون موسكل[5] – مِهنته القيادة وخلال سنوات طويلة كان يقود في طرق غير صالحة، ومليئة بالحفر. الشهادة الطبية دعمت ادعاء تعرضه لاهتزازات جمة خلال القيادة ولفترة طويلة، ما ادى الى أصابته بآلام اسفل الظهر (LBP).

قضية رحيل ايسكوب[6] – مهنتها الخياطة، كانت تعاني من مرض في مفصل كتفها الايمن، وخلال مزاولة مهنتها، تَفاقم مرضها ذاته، اقرّت المحكمة بتفاقم المرض كإصابة عمل.

قضية يوسف بلحسن[7] – عمل كآذن مدرسة لمدة ثلاث سنوات ونصف، بطبيعة عمله كان يغلق يومياً الكثير من الشبابيك العالية (ما فوق الكتفين)، اصيب مع مرور الوقت بكتفه الايمن – ثَبُتَ- ان اغلاق الشبابيك الكثيرة العالية وبشكل يومي، أدى تراكمياً للإصابة العظمية التي يعاني منها في الكتف الايمن.

قضية هلفرن يسرائل[8] – ميكانيكي، تعرض ابّان عمله في ورشة لضجيج ماكينات قوي، مثل ماكينات ضغط هواء، فرد هواء وماكينة جلخ. أقَر القضاء ان تعرضه اليومي والمتكرر لهذا الضجيج احدث اضرار صغيرة متكررة أدّت تراكمياً لضعف في السمع وعليه فأصابته هي اصابة عمل.

قضية موشيه كورين[9] – مهندس كيميائي، “مُدخن ثقيل” (HEAVY SMOKER)،يعاني أصلاً من سرطان في الرئتين، ومع ذلك اعْتَرف القضاء بتفاقم مرضه نتيجة عمله كإصابة عمل، اذ قَدّرَ الاخصائي الطبي ان لطبيعة عمله مع مواد مسرطنة تأثير %20 على تفاقم مرضه.

قضية يسرائل مدليش[10] – عَمَلَهُ كان بَرْدَخَة يدويه لألواح صاج حديدية، يتطلب عَمَله اجهادا كبيرا لكفي اليدين، أُصيب مع مرور الزمن بعوارض مرضية في كفي اليدين، الاخصائي الطبي اكد ان الاصابة ناتجة عن طبيعة العمل.

قضية يهودا فلدمن[11] – مهنته طبيب أسنان. لمعالجة المرضى في عيادته، يجلس دوماً على كرسي عالي امام المريض، ويضطر للقيام تكراراً بحركات دائرية للضهر ما أدى لإصابته بآلام اسفل الظهر، اعترف القضاء بإصابته تلك كإصابة عمل.

قضية تاباك[12]- مُدّرِسة رياضة ولياقة بدنية، أُصيبت بالتهاب مُزمن في الاوتار الصوتية نتيجة اضطرارها الصراخ بشكل دائم خلال عملها مع طلاب المدرسة، أُعتُرِفْ قضائياً بإصابتها كإصابة عمل.

* قضية راحيل الدان[13] – مُعلمة ثانوي، تعرضت تكراراً لأذى نفسي كبير نتيجة اهانات، شتائم وتحقير دائم من قبل طلاب معروفون “بصفوف شقية” يصعب السيطرة عليها، أدى هذا الاذى المتكرر لأصابتها بمرض نفسي دائم (اكتئاب وقلق مزمن) وتفاقم لدرجة كبيرة اضطرت اثرها الاعتزال كلياً عن مداولة عملها. دعواها للاعتراف بإصابتها النفسية كإصابة عمل، رُفضت حتى قضائياً، مع ان حالتها ثَبُتَتْ واقعياً وطبياً. يعود هذا الإجحاف لقانون التامين الوطني وللسوابق القانونية التي لا تعترف بالمرض النفسي كإصابة عمل. يقول القاضي حييم ارمون في نهاية قرار الرفض[14] – “مع أسَفِنا الشديد والتعاطف الذي نشعر به اتجاه المدعية، التي عملت سنوات طويلة كمعلمة والتي- كما يظهر – بسبب شروط عملها في السنوات الاخيرة أصيبت بمرض نفسي- لا يمكننا قبول دعواها “، ويضيف- “المفتاح لأكثر عدالة، يَكمن بيد المُشَرِعْ او بيد محكمة العمل القطرية. لطالما لم يُعَدّل القانون ولم تتغير السوابق القانونية- نرى انه لا يوجد مفر من رفض دعاوى من قبيل دعوى المدعية، رفض- حسب رأينا لا يتماشى مع القانون المطلوب, ولكن يُلزِم بحسب القانون الموجود”.

نلخص: بان الميكروتراوما هي حالات مرضية ناتجة عن احداث متكررة وليس عن حادث عمل محدد، وبناءً عليها يتم الاعتراف قضائياً بأمراض مهنية، الا انها ما زالت لا تشمل الامراض النفسية.

________________________________

المحامي كميل مراد – مجدل شمس
[1]הפרק השביעי, התוספת השנייה, חלקים א ו ב לתקנות הביטוח הלאומי (ביטוח מפני פגיעה בעבודה), תשי”ד- 1954.
[2]עב”ל 521/05 משה קורין- המוסד לביטוח לאומי, (07/10/2007).

واضاً עב”ל 659/06 המוסד לביטוח לאומי –חיןעפיףטנוס, (10/03/2008).
[3]בל 581/06, דדון פנינה – המוסד לביטוח לאומי, (14/08/2007).
[4]בל 2951/09, זגה גרשמן– המוסד לביטוח לאומי, (19/01/2011).
[5]עב”ל 342/09, שמעון מוסקל– המוסד לביטוח לאומי, (09/03/2010).
[6]בל 4200/07, רחל איסקוב– המוסד לביטוח לאומי, (11/04/2010)
[7]בל 17807/10, יוסף בלחסן – המוסד לביטוח לאומי, (16/02/2012).
[8]בל 3469/06, הלפרין ישראל – המוסד לביטוח לאומי, (10/01/2010).
[9]עב”ל 521/05, משה קורין – המוסד לביטוח לאומי, (07/10/2007).
[10]בל 872/09, ישראל מידלש– המוסד לביטוח לאומי, (21/06/2012).
[11]דב”עמז/0-128, דר’ יהודה פלדמן – המוסד לביטוח לאומי, פד”עיח, 100.
[12]בל 20/69, טבק – המוסד לביטוח לאומי, פס”מ, כרך ע”ג, 288.
[13]בל 1930/06, רחל אלדן – המוסד לביטוח לאומי, (06/01/2008).
[14]סעיפים 22 و 23 שם ב 14.

+ -
.