النمسا… متعة طبيعية لكل الحواس ولجميع أفراد العائلة

عندما تقرر قضاء عطلة فريدة مع عائلتك، فلا بد أن تبحث عن وجهة سياحية تلبي أذواق ورغبات جميع أفرادها وتضمن المتعة والترفيه لهم. وهذا ما تؤمنه لك النمسا بكل تأكيد! فهذا البلد الرائع يخاطب كل الحواس بما يزخر به من مناظر طبيعية ساحرة وأماكن جذابة، سواء مصادر المياه العذبة التي تتمثل في 5000 بحيرة تحوي أعذب المياه الصالحة للشرب في العالم، أو الأنهار الجليدية المذهلة وأكبر الكهوف الجليدية في العالم وأعلى الشلالات في أوروبا، أو الرحلات الاستكشافية بواسطة القوارب وعوالم المغامرات المثيرة أو ممارسة الرياضات الشتوية المتنوعة وغيرها كثير. والجميل في الأمر أن النمسا تتيح للمرء القيام بكل هذه الأنشطة في أحضان طبيعة ساحرة وعمارة مذهلة.




إذا كنت تبحث عن بيئة مثالية توفر لعائلتك مزيجاً خلاباً من طبيعة الألب الوعرة ونمط الحياة المدني العصري، فلن تجد مكاناً أفضل من «إنسبروك»، عاصمة ولاية «تيرول». ففي هذه المدينة يمكن للأطفال القيام بالعديد من النشاطات كممارسة رياضة التزلج على الزلاجات الجماعية وغيرها. وتضم هذه المدينة الآسرة حديقة حيوانات تقع على ارتفاع 750 متراً، حيث يمكن رؤية أكثر من 2.000 حيوان، وما يزيد على 150 نوعاً من الحيوانات الألبية. ويوجد في المنطقة الواقعة فوق محطة التلفريك العليا أيضاً كثير من وجهات الجذب السياحي المناسبة للأطفال وكل أفراد العائلة، لعل أبرزها «المياه السحرية» و»البيوت الخشبية» وملعب المغامرات وقرية خيم الهنود الحمر. وباستطاعة الأطفال أيضاً القيام بمختلف الأعمال الحرفية والاستمتاع بألعاب «فن فور كيدز» الأولمبية، بينما يمكن للأطفال الأكبر سناً تمضية الوقت في ديسكو «كيدي»، ولعب الكرة الطائرة من نوع «سن سبلاش» في وقت متأخرٍ من الليل.

وعلى بعد 25 كيلومتراً شمال غربي مدينة «إنسبروك» تقع المنطقة الأولمبية «زيفيلد»، حيث تستقر على هضبة عالية محاطة بسلاسل جبلية مهيبة. وتنتمي «زيفيلد» إلى 12 منتجعاً كلاسيكياً في جبال الألب، والتي تعد بلا منازع «أفضل مجموعة في جبال الألب».

ولعل المشي على طريق «مضيق الأشباح» (غايستر كلَم) هو أشبه بالخروج من قصة خيالية. ويؤدي طريق «غوبلن»، البالغ طوله 1900 متر، إلى «مضيق لويتاش» حيث تخبرك «غوبلن»، وهي تماثيل صغيرة على هيئة بشر، عن جيولوجيا المنطقة على طول هذه الطريق. وفي نهاية الممر الضيق، وبالقرب من مدينة «ميتينفالد»، يؤدي طريق الشلال البالغ طوله 200 متر إلى شلال يبلغ ارتفاعه 23 متراً.

أما قرية «زولدن»، التي يبلغ ارتفاعها 1377 متراً فوق مستوى سطح البحر، فهي تمثل مكاناً معروفاً ضمن مشهد الرياضة الشتوية الدولي. وتشكل القرية خلال فصل الصيف أيضاً مكاناً مثالياً لقضاء العطلات المثيرة، حيث يوجد نحو 300 كيلومتر من الطرق المزودة بلوحات إرشادية يُعول عليها السياح عادةً في رحلاتهم المختلفة لاستكشاف هذه القرية الآسرة. وهناك أيضاً أكثر من 16 مطعماً، وما يربو على 30 كوخاً جبلياً تقدم كلها أفضل أنواع المأكولات النموذجية التي تُعرف بها تيرول. في حين تغص الجبال المحيطة بالقرية بأكبر منطقة أنهار جليدية ضمن جبال الألب الشرقية بأسرها. وتتمثل أعلى القمم هنا في: قمة «فيلد شبيتسه» (3772 متراً) وجبل «فايس كوغل» (3739 متراً)، والذي يُصنف في الوقت نفسه من بين أعلى قمم الجبال في النمسا.

وتشتهر قرية «كيتسبوهل» بنمط الحياة البسيط والمناظر البانورامية المذهلة لجبالها. كما تشتهر القرية في فصل الصيف ببحيرة «شفارتس زي» الرائعة، والتي تعتبر واحدة من أجمل البحيرات في جبال الألب، حيث يحب الزوار والسكان المحليون التنزه والتمتع بالمناظر حول شواطئ البحيرة أو القيام برحلة بالقارب أو الغوص في مياه البحيرة المنعشة والهادئة والمجددة للشباب. ويمكنهم أيضاً الاسترخاء في أحد الكهوف المجاورة للبحيرة، والتمتع بالمناظر الساحرة لجبال الألب وراءهم. ومن السهل الوصول إلى قرية «كيتسبوهل»، حيث تقع على مقربة من «إنسبروك» و»سالزبورغ»، وتبعد بمقدار ساعة ونصف ساعة فقط عن مدينة «ميونيخ».

 

عوالم مائية فريدة

وفي الحقيقة، فإن قائمة الأماكن والوجهات التي تجذب العائلات تكاد لا تنتهي في النمسا. فهناك مثلاً منجم الملح الواقع في جبل «دورنبيرغ» بالقرب من قرية «هالاين»، والتي تبعد مسافة 20 كم فقط عن مدينة سالزبورغ، حيث يعد منجم الأملاح هذا أقدم منجم في العالم يُسمح بدخول الزوار إليه. وتعتبر الآثار الماثلة هنا خير دليل على أن السلتيين كانوا يستخرجون الملح منذ أكثر من 2.500 سنة. ولا ريب في أن زيارتك هذا المكان العجيب ستكون بمثابة دعوة حقيقية للبحث عن الكنز، حيث ستمشي في أنفاق المنجم القديمة لكيلومترات عدة لتصل في نهاية المطاف إلى أطلال ذلك الجبل الغامض. كما أن القيام برحلة قصيرة على متن قارب في البحيرة المالحة القابعة في قلب الجبل، والنزول بممرات عمال المنجم المنزلقة، يمثلان متعة لا توصف.

كما تمثل بحيرة «فولفجانج زي» التي تبلغ مساحتها 13 كليومتراً مربعاً وتحيط بها جبال «سالزكامرغوت» من كل جوانبها تقريباً، وجهة تستحق الزيارة. فعلى الجهة الشمالية يقع جبل «شافبيرج»، حيث تأخذك سكة حديدية مسننّة لأعلى قمته ليجد الضيوف أنفسهم عند ارتفاع 1.782م. كما تصبح المنطقة الساحرة التي تحيط ببحيرة «فولفجانج زي» قريبة جداً عند قيامك برحلة بالقارب عبر البحيرة، حيث ستمر بمواقع عدة جديرة بالاهتمام لعل أبرزها: قرية القديس «غيلغن» الريفية، المنزل الذي ولدت فيه والدة الموسيقي الشهير موزارت، «سانت فولفجانج» وتلفريك جبل «شافبيرج» والذي يصعد إلى جبل «شافبيرج»، ويوفر هذا الأخير إطلالة ساحرة على بحيرات المناظر الطبيعية المحيطة بجبال «سالزكامرغوت». وهناك خيارات عدة للتنقل هنا، إذ يوجد في المكان خمسة قوراب لتختار منها، أحدها قارب يتميز بطرازه القديم الذي يحمل في تفاصيله عبق الماضي الجميل.

ولا ينبغي على الزوار أيضاً تفويت فرصة زيارة بحيرة «تسيل أم زي»، التي تعتبر أكثر البحيرات سحراً في العالم، وهي تقع في ذلك الوادي الرائع الذي يفصل بين قمة جبل «جروسجلوكنر»، وهو الأعلى في النمسا، وجبل «كيتسشتاينهورن» المغطى بالثلج. فقد أصبح وادي «تسيل أم زي» القابع في جبال الألب منتجعاً صحياً منذ العام 1961. وتعدُّ بحيرة «تسيل» خزاناً طبيعياً للمياه، إذ تتسع لما يربو على 175 مليون متر مكعب من الماء، وتزّد المدينة بأنقى مياه الشرب. كما يشكل سطح البحيرة أيضاً مكاناً مثالياً لممارسة مختلف الرياضات المائية خلال فصل الصيف والرياضات الجليدية في الشتاء. وتدعوك البحيرة التي تبلغ مساحتها 4.7 كليومتر مربع للقيام بنزهة ممتعة على متن قارب مهيب. ويوجد أربع عَبّارات بخارية مختلفة وممتعة تُبحر عبر بحيرة «تسيل». وسوف تأخذك الرحلة على متن عبارة «إم إس شميتنهوه» على سبيل المثال إلى شواطئ «زونهوف» و»تومرسباخ»، وكذلك تتافر خدمة تقديم مختلف أنواع الطعام على متن العبّارة.

وبالوصول إلى عالم العجائب المائية وشلالات كريمل سوف يدخل الزوار الصغار والكبار على حد سواء إلى عالم مائي متفرد. فزيارة مركز «العوالم المائية المدهشة» تمثل نقطة البداية لزيارة شلالات كريمل، التي تعتبر الأعلى في أوروبا، ويحظى هذا المركز بأهمية خاصة بفضل المبنى الحديث الخالي من العوائق والمتميز بإطلالته المميزة على شلالات أوروبا الوسطى الأكثر ارتفاعاً وتصميمه الفريد. ويكمن قلب «العوالم المائية المدهشة» الجديد في «مركز الشلال» الحديث، وقد جهز بالعديد من العناصر السمعية والبصرية والوسائط المتعددة. ويقدم معرض «البيت المائي» النشاطات المائية المدهشة في الهواء الطلق، وشلالات كريمل فرصة مثالية أمام الأطفال لاستكشاف الحياة المائية بطريقة ممتعة ومسلية.

 

استجمام وإثارة

أما نهر الدانوب فيكتنفه السحر من كل جانب، حيث يُعد الوجهة المثلى لأغراض السباحة ومختلف الرياضات المائية. وينقسم هذا النهر الرائع إلى ثلاثة أقسام: الدانوب الرئيسي والدانوب القديم والدانوب الجديد. فالدانوب الرئيسي هو حيث تُبحر سفن الرحلات النهرية. أما الدانوب القديم فمحاط بالحدائق والمتنزهات والمطاعم ذات التراسات المُطلة على المياه والمتنزهات ذات ممرات المشاة والدراجات الهوائية. في حين ينفصل الدانوب الجديد عن الدانوب الرئيسي بواسطة جزيرةٍ من صنع الإنسان يبلغ طولها 21 كيلومتراً، وتُعدُّ بحق جنةً استجماميةً حقيقية، إذ تزخر بالكثير من الشواطئ، فضلاً عن 180 هكتاراً من المساحات الخضر الساحرة والعديد من البارات والمطاعم والمقاهي. وتستضيف هذه الجزيرة كلَّ عامٍ أكبر حفلة في الهواء الطلق في أوروبا، تتمثل في مهرجان جزيرة الدانوب المجاني الذي يستقطب 3 ملايين زائر على مدى 3 أيام.

كما تكمن الإثارة الحقيقية عند زيارة حديقة حيوانات شونبرون، إذ تعد بلا منازع أقدم حديقة حيوانات في العالم، وهي تقف مثالاً حياً على روعة الهندسة المعمارية في عصر الباروك (أسلوب أوروبي في الهندسة المعمارية والموسيقى والفن يعود إلى القرنين الـ 17 والـ 18 ويتسم بتفاصيل مزخرفة ومنمقة). واليوم تصنف هذه الحديقة ضمن أكثر حدائق الحيوانات حداثة في ما يتعلق بتربية الحيوانات والبحث العلمي. وتكمن المتعة الحقيقية هنا في الذهاب في جولة خاصة لاستكشاف أغوار الحديقة ومراقبة الحيوانات الغريبة خلال الليل، وذلك برفقة دليل سياحي، وباستخدام مناظير تعمل بالأشعة تحت الحمراء.

+ -
.