تراجع أسعار الفائدة والنفط يساعد آسيا الناشئة

يواصل الدولار ارتفاعه أمام العملات الرئيسة في العالم، ومنذ تموز (يوليو) الماضي، بلغت نسبة الزيادة 25 في المئة تقريباً، كما وصل مؤشر الدولار إلى 100، وهو مستوى لم يسجله منذ عقد.

وأشار الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير إلى أن «هذا التحسن الذي طرأ على العملة في الأرباع الثلاثة الماضية جاء نتيجة توقعات الأسواق أن تشهد معدلات الفائدة ارتفاعاً في الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، خسرت العملات حول العالم كثيراً من قيمتها أمام الدولار». وأضاف: «تراجع اليورو والين الياباني في شكل كبير أمام الدولار خلال الأشهر التسعة الماضية، ولو أنه يتوافق مع أهداف السياسة النقدية لهذه المناطق، إذ يتخذ كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان سياسة نقدية أكثر تساهلاً بهدف تتنشيط اقتصاداتها الراكدة ومحاربة الضغوط الانكماشية التي تواجهها».

ولفت إلى أن «التضخم في آسيا، باستثناء اليابان وإندونيسيا، يسجل تراجعاً واضحاً، ويُتوقع أن يتعرض هذا الانخفاض إلى مزيد من الضغوط خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً بعدما طاول تراجع أسعار النفط منتجات وبعض السلع الأخرى، كما تزايدت توقعات الانكماش، في حين لا تزال مستويات التضخم الرئيس من دون معظم أهداف البنوك المركزية، وتم تخفيف شروط السياسة النقدية في المنطقة». وأشار إلى أن «سبعة بنوك مركزية آسيوية في الهند والصين وإندونيسيا وأستراليا وتايلاند وكوريا وسنغافورة، خففت منذ مطلع السنة سياستها النقدية، أما انخفاض معدل التضخم فسيبقى يشجع الدول على اتخاذ مزيد من السياسات التوسعية المالية والنقدية، ما سيفرض مزيداً من الضغوط على عملات هذه الاقتصادات نحو التراجع».

وأضاف عقاد: «مقارنة بتموز (يوليو) الماضي، تعد عملات دول آسيا الناشئة الآن أكثر ضعفاً أمام الدولار، ما ساعد في استمرار صعود الأسعار على اعتبار أن السلع المستوردة أصبحت أغلى. ومع ذلك، يعد تأثير انخفاض أسعار النفط أكثر من مجرد تعويض لأثر انخفاض قيمة العملات». ولفت إلى احتمال طرح سياسات أكثر توسعية، ولكن يبدو أن مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي بصدد رفع أسعار الفائدة مع تعافي الاقتصاد».

واعتبر أن «رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة قد يعزز التدفقات النقدية من آسيا الناشئة، وبالتالي يضغط على تراجع أسعار صرف عملاتها».

وأوضح أن «البنوك المركزية في دول آسيا الناشئة في وضع صعب، وعليها اتخاذ قرار ما بين تخفيف السياسة النقدية بهدف تتنشيط التضخم، وبين تقييد السياسة تحسباً لرفع مجلس الاحتياط أسعار الفائدة». ولفت إلى أن «هذا الاتجاه في المنطقة يعتمد بقوة على توقيت رفع مجلس الاحتياط الفيديرالي معدلاته، ومستوى أسعار النفط، وسيتباين بين دولة وأخرى. فالنشاط الاقتصادي في أميركا آخذ بالنمو عند وتيرة ثابتة، ولو أنه لا يزال بعيداً من الاقتصاد التضخمي، بينما يعيش قطاع التصنيع حالة انكماش، وسوق السكن لا يزال خاملاً، والتضخم عند أدنى مستوياته منذ خمس سنوات».

وبنـــاء على ذلك، وعلى رغم ما يتوقعه بعض المحللين من ارتفاع أسعار المعدلات في موعد أقصاه حزيران المقبل، يُستبعد أن يضحي مجلس الاحتياط بأي إمكان للنمو في مقابل انخفــاض خطر عودة الاقتصاد التضخمي في المدى القريب. ويتجلى ذلك أكثـــر عنـد أخذ توقعات انخفاض أسعـــار النفط في الاعتبار. ولا يزال نــمو المعـــروض النفطي الأميركي، العـــامل الرئيس وراء تخمة أسواق العالم التـــي خفضـــت أسعار الطاقة، مستمراً بتسجـــيل مستويات قياسية وذلك بعـــد ارتفاعــــه للأسبوع العاشر على التوالي.

وتابع عقاد: «نظراً إلى طول فترة أسعار الفائدة المنخفضة، وضعف أسعار النفط، ستحافظ البنوك المركزية في دول آسيا الناشئة على سياساتها المتساهلة. ومع ذلك، قد يُخّلف ضعف قيمة عملاتها أخطاراً إضافية على الاقتصادات ذات القطاعات المالية الكبيرة، إذ تعاني كوريا الجنوبية وماليزيا من تراجع كبير في قيمة عملاتها، أما هونغ كونغ وسنغافورة فستكونان الأشد تأثراً على رغم أن نظام صرف عملاتهما يحميهما من تقلبات أسعار صرف العملات الرئيسة».

وختم بأن العام الحالي لا يزال إيجابياً للاستثمار في آسيا، لا سيما في الدول الأقل تعرضاً لأخطار تغيرات أسعار النفط وتقلبات العملات مثل تايلاند والفيليبين.

+ -
.