جراحات خفض الوزن… الحسنات والسيئات

عندما تفشل الطرق التقليدية في خفض الوزن، مثل الحمية الغذائية الصحية والنشاط الرياضي، وعندما تكون البدانة عبئاً على الصحة بسبب مضاعفاتها الخطيرة، تصبح الجراحة لإنقاص الوزن خياراً لا مناص منه.

ويستطب العلاج الجراحي للبدانة عندما يصل مؤشر كتلة الوزن، أي حاصل تقسيم الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر المربع، إلى 40 أو أكثر، أو إذا كان المؤشر أقل من هذا، لكنه يترافق مع مضاعفات مثل الإصابة بالداء السكري أو مرض في القلب أو الاختناقات المتكررة أثناء النوم.

لقد لاقت جراحة خفض الوزن رواجاً واسعاً في السنوات العشر الأخيرة، لأنها من جهة تساعد على خفض الوزن، ومن جهة أخرى تساهم في تجنّب المضاعفات التي تتمخض عن البدانة، خصوصاً ارتفاع ضغط الدم والداء السكري والتوقفات التنفسية أثناء النوم، وهي من جهة ثالثة تحسّن جودة الحياة، وتبعد شبح الاكتئاب، وتزيد الثقة بالنفس، وتعزز العلاقات الاجتماعية، وتحسّن الأداء المهني.

لقد أجريت الجراحة الأولى لخفض الوزن عام 1954 على يد الدكتور كيرمين ومساعديه من جامعة مينيسوتا الأميركية، وقام صلب العملية على عمل وصلة معوية بين الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة والجزء الأخير منها، وقد أطلق على العملية اسم المجازة (الوصلة) الصائمية اللفائفية، وبذلك لا يمر الطعام إلا في جزء بسيط من الأمعاء الدقيقة المسؤولة عن هضم معظم العناصر الغذائية وامتصاصها. وعام 1963 ابتكر الطبيبان باين ودي ويند جراحة أخرى اسمها التحويلة القولونية الصائمية التي تصل بين بداية الأمعاء الدقيقة والقولون.

ومنذ إجراء أول جراحة لخفض الوزن تم ابتكار طرق عدة وجرى تطوير تقنيات متنوعة، وفي السطور الآتية نظرة على أهم الطرق المستعملة لعلاج البدانة مع التذكير بحسنات وسيئات كل منها:

1- جراحة ربط المعدة، وتعرف أيضاً تحت مسمى آخر هو تدبيس المعدة، وتتم بوضع حزام خاص حول الجزء العلوي من المعدة من خلال المنظار من دون حاجة إلى شق البطن، وبذلك يجري تحويل المعدة إلى جيبين علوي وسفلي تصل بينهما قناة صغيرة يمر الأكل عبرها من القسم العلوي إلى القسم السفلي للمعدة، ما يقلل من كمية الطعام التي يستطيع المريض تناولها. وهناك ثلاثة شروط لا بد من توافرها للاستفادة من عملية الربط وهي: أن يكون مؤشر كتلة الوزن 40 في المئة وما فوق. وأن لا يكون المريض مصاباً بفشل في الكبد أو الكلية. وأن يكون عمر المصاب بين 18 سنة و60 سنة. وتمتاز جراحة ربط المعدة بالحسنات الآتية:

– لا تؤثر على تركيبة المعدة ولا على شكلها.

– لا تعرّض المصاب لسوء التغذية بسبب الحفاظ على تشريح المعدة ووظيفتها.

– يمكن التحكم بالحزام بحرية كما يمكن نزعه إذا اقتضت الضرورة من دون المساس بشكل المعدة الطبيعي.

أما السيئات فهي:

– الفشل في خسارة الوزن بسبب استمرار المصاب في استهلاك الأغذية والأشربة ذات السعرات الحرارية العالية.

– خسارة الوزن تتم ببطء على عكس التقنيات الأخرى.

– حدوث بعض المضاعفات، مثل التهاب المعدة، وتوسع الجيب العلوي للمعدة، والتقرحات، وانزلاق الحزام وتآكله.

– إمكانية تعرّض أجهزة المريض الحيوية لأخطار التخدير بسبب السمنة.

– انسداد الأمعاء بسبب الندبات.

2- جراحة المجازة المعدية المصغرة، ويقوم فيها الطبيب الجراح بتشكيل جيب صغير في أعلى المعدة يتم فصله عن باقي المعدة ووصله بالجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة، وفي هذه العملية يبقى جزء من الأمعاء لا يمتص الطعام، ما يساعد في الحد من امتصاص الدهون والطاقة. وتتم الجراحة بواسطة المنظار من خلال أربع فتحات في أعلى البطن، وهي تتطلب مكوث المصاب في المستشفى من ثلاثة إلى أربعة أيام.

وتعتبر جراحة المجازة المعدية من أكثر العمليات الرائجة في الولايات المتحدة ، لكنها كغيرها من العمليات الجراحية لها محاسن وسيئات، أما المحاسن فهي:

– تقلل من مستوى هرمون الجوع الغريلين، وبالتالي تعطي الإحساس بالشبع بسرعة.

– يهبط الوزن بسرعة بعد الجراحة.

– لا تحتاج العملية للكثير من الوقت لتنفيذها.

– كلفتها المنخفضة مقارنة بغيرها.

– تحقق نتائج شفائية عالية طويلة الأمد.

أما سيئات العملية فهي:

– كثرة المعاناة من التقيؤ عند تناول كمية من الطعام تفوق مقدرة الجيب العلوي للمعدة على استيعابه.

– سوء الامتصاص بسبب تحويل مجرى المعدة، ولهذا يعاني المريض من نقص في الفيتامينات والأملاح المعدنية التي يتوجب تعويضها.

– الحساسية على الأدوية.

– فقر الدم.

– جلطات الساق.

– المشكلات التنفسية.

– النوبات القلبية والدماغية.

– التعرض للعدوى بالميكروبات.

3- جراحة قص المعدة الطولي، وتتم بالمنظار، ويجري فيها استئصال القسم الجداري للمعدة وتشكيل معدة على شكل أنبوبة صغيرة تشبه الموزة، يسمح بمرور الأكل لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع استيعاب الكثير من الطعام الأمر الذي يقلل من كمية السعرات الحرارية وبالتالي يخفض الوزن.

ومن حسنات جراحة قص المعدة:

– خسارة الوزن بنسبة 50 إلى 60 في المئة في السنة الأولى بعد الجراحة.

– التخلص من مضاعفات السمنة والوقاية منها.

– الأنسب للبدناء الذين لا تنفع معهم الوسائل الأخرى.

أما سيئات قص المعدة فهي:

– الإصابة بفقر الدم الخبيث نتيجة نقص الفيتامين ب12.

– إمكان فشل الجراحة ما يستدعي عملها مرة أخرى.

– مضاعفات ناتجة عن العملية الجراحية.

مهلاً، على كل شخص يرغب في خوض غمار تجربة خفض الوزن عن طريق الجراحة أن يعلم أن الأخيرة ليست الحل السحري للبدانة. صحيح أنها تساعد على خفض الوزن، لكنها لا تضمن خسارة كل الوزن الفائض، كما أنها لا تضمن الوصول إلى الوزن المثالي على المدى الطويل. وإلى جانب هذا وذاك، فإن خفض الوزن بعد الجراحة يعتمد على التزام المريض إجراء تغييرات في نمط حياته، وفي عادات أكله، وفي تمارينه الرياضية.

+ -
.