عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في مجتمعنا

ethar

عندما نزرع شتلاً ولا ينمو, لا نلوم الشتل لعدم نموه وإنما نفحص التربة التي لم تسمح له بالنمو, وكذلك الأمرعند التعامل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة, فالإعاقة هي شيء تحدده البيئة المجاورة والمحيط, وذلك بعدم سماحها للشخص بالتنقل بحرية, أو بفهم ما يحمل كلامه من مضمون. فشخص يعاني من إعاقة في مجتمع ما يمكن أن يعيش بشكل طبيعي بمجتمع آخر. هنا تكمن مسؤوليتنا كمجتمع, بإعطاء الحق لكل مواطن بان يعيش كشخص طبيعي بغض النظر عن الصعوبة التي يتعامل معها.

إعطاء الحقوق للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ليس بمجال جديد، ولطالما حاولت الدول المتقدمة أن توفر بيئة مناسبة لهؤلاء الأفراد الذين يشكلون جزءا لا يتجزأ من بناء كل مجتمع.

في سنة 1998 وضع قانون المساواة في الحقوق للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة, الذي يهدف إلى حماية كرامة وحرية الشخص الذي يعاني من إعاقة جسدية كانت أو نفسية، وإلى ترسيخ الحق في المشاركة المتساوية والفعالة في جميع مجالات الحياة، والجاهزية لإعطاء الاحتياجات الخاصة بحيث يتمكن الشخص أن يعيش أقصى حالة من الاستقلال في حياته اليومية. أحدث هذا القانون ثورة هامة في تعاطيه مع احتياجات الأشخاص ذوي الاعاقات المختلفة في جميع جوانب الحياة، وعلى أساس المساواة. من ضمن هذه الحقوق إعطاء الفرص والاعتراف بالمشاركة النشطة في المجتمع, ضمانا لحق في الوصول إلى جميع المباني، البيئة المناسبة, البنية التحتية والخدماتالعامة، القائمة والجديدة على حدسواء. من أهم حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة حسب هذا القانون هي “إمكانية الوصول” (נגישות) – خيار الوصول إلى مكان معين, إمكانية التحرك داخل المكان بالإضافة إلى التمتع بالخدمات التي يقدمها هذا المكان، الاشتراك في البرامج والانشطة بشكل آمن ومحترم واستقلالي.

يضمن هذا القانون دمج الأشخاص ذوي الاحتياجات في المجتمع، من خلال منح إمكانية الوصول للأماكن العامة وجعلها متاحة للجميع.

مصطلح “سهولة الوصول” يعني أولا وقبل كل شيء السماح بالوصول الفعلي للأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك باستخدام المصاعد والطرق والمداخل والتحويلات. ومع ذلك سهولة الوصول ليست مقتصرة فقط على ذلك بل تتخلل إمكانية الاتصال والتوجيه للأشخاص الذين يعانون من ضعف في البصر أو السمع, أوحتى لذوي الاحتياجات النفسية أو العقلية.

لسوء الحظ هناك فجوة واسعة بين ماينصه القانون وبين الوضع الحالي والواقع المرير، خاصة في منطقتنا. حسب ما ذكره أحد الأشخاص الذي حقق نجاحا باهراً على الصعيد المهني والاجتماعي من سكان قرى الجولان والذي يعاني من صعوبة تمنعه من استخدام رجليه بشكل دائم في التنقل. الأمورمختلفة تماما في مجتمعنا من ناحية المباني العامة والخاصة, التقبل الاجتماعي للشخص المصاب. هذا الشخص المحترم والداعم لمن حوله ولكل من يحتاجه, قدحاول على مدار سنوات ان يرفع مستوى الوعي في مجتمعنا لفهم حقوق أصحاب الحاجات المختلفة، بمساعدة مجموعة من الأصدقاء الذين يواجهون حالات مماثلة . لقدطلبوا من أصحاب الأماكن الترفيهية إجراء تعديلات في المداخل لكي يتمكن الأشخاص ذوي الاحتياجات من ارتياد هذه الاماكن للترفيه, بالإضافة إلى طلبات من السلطة المحلية لبناء موقف مناسب للاشخص ذوي الاحتياجات الخاصة في أماكن حيوية في قريتهم مجدل شمس. كل هذه الجهود هي جهود شخصية دون أي تدخل من جانب المؤسسات ذات الصلة.

تصرفاتنا كمجتمع ممكن أن تضيع كل هذه الجهود سدى

مثال على ذلك عندما رمم مدخل البنك وأصبح بالإمكان الدخول إليه من قبل شخص على كرسي متحرك, وخصص موقفاً خاصاً, لم يمتنع سكان القرية عن ركن سياراتهم فيه، وذلك أدى إلى عدم تمكن الأشخاص أصحاب الحق أن يدخلوا إلى البنك، لذلك الوعي الاجتماعي في كثيرمن الأحيان أهم من تخصيص الميزانيات لترميم البنى التحتية.

حسب ادعاء هذا الشخص فإن معظم المباني العامة في بلدتنا غير مؤهلة لاستقبال أشخاص ذوي احتياجات خاصة مثل مبنى الشام أو المجلس المحلي، ومن منا لا يعرف أهمية الوصول إلى هذه الأماكن، إن كان الهدف المشاركة في العزاء, أو في التواصل الاجتماعي ومعرفة ما يدور في الاجتماعات العامة. وأما المجلس المحلي، فهل دخوله مقتصر على الأصحاء فقط؟

عدم تلاؤم القوانين مع ما يحدث في الواقع يمكن أن يكون لعدة أسباب

عدم تلاؤم القوانين مع ما يحدث في الواقع يمكن أن يكون لعدة أسباب,من اهمها قلة الوعي من قبل المواطنين لأهمية الأمر، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث معظم المواطنين لا يعرفون مستحقاتهم من المؤسسات الموجودة وما هي المتطلبات التي يمكن ان يحصلوا عليها من الدولة. بالإضافة إلى تعامل مؤسسات الدولة مع هذه القضية، حيث المعلومات التي تتضمن حقوق الإنسان ليست متاحة للجميع بشكل واضح. بالإضافة إلى ذلك، وفق تقرير صادرعن جمعية “سيكوي” ، والذي يفحص الفجوات بين القطاعين العربي واليهودي، وجد نقصاً حاداً في فروع مؤسسة التأمين الوطني (ביטוח לאומי)، مقارنة مع الوسط اليهودي, وهذا يزيد من صعوبة الوصول إلى هذه المكاتب للمطالبة بالحقوق, إضافة إلى ذلك فإن عاملاً اجتماعياً واحداً في هذه المؤسسة مسؤول عن الاهتمام ب 350 حالة من المجتمع العربي, مقابل 180 حالة في المجتمع اليهودي.

______________________________

* إيثار عويدات: طالبة  سنة ثانية في كلية  “العلاج الوظيفي” (ריפוי בעיסוק)

 

تعليقات

  1. لكِ كل الشكر والتقدير حبيبتي ايثار على طرحكِ واهتمامكِ لهذا الموضوع فعرفتكِ التلميذة الذكية المثابرة وأتمنى الكثير من امثالكِ لأن المؤسسات لن تتطرق بوعي لهذا الموضوع ونحن بحاجة ماسة الية وبسبب عدم اكتراثهم كان كثير من الضحايا في مجتمعنا.

  2. شكرا للشابه ايثار على اللفتة الكريمة لطرح هذا الموضوع لاننا بحاجه دائمة لطرحه لكي يتعود مجتمعنا على تقبل هكذا طروحات ولمساعده للوصول لحلول ترضي الجميع …وليس لدي اي شك باننا مجتمع متتطور ودائما نجاري اي طرح لحل اي مشكله..ومجرد ان هناك فتاة مثل ايثار تدرس هكذا موضوع هذا يعني اننا في الف خير ..اتمنى لك النجاح بدعم من المجتمع والمؤسسات العامة والرسميه واامجلس المحلي الذي يحاول دائما بلمساعده بهكذا طروحات ….فبقي لدينا قليل من الموؤسسات التي بحاجه لتجهيزها لذوي الاحتيجات الخاصة واتمنى الدعم من المجلس لنبني مجتمع متحضر ينصفنا جميعا…

  3. خلق الكون بالتكامل ومن نقص منة شي لا يعوضة عنة الا الخالق سبحانة وتعالى

التعليقات مغلقة.

+ -
.