رحيل سميح القاسم – قصيدة رثاء

غيّب الموت شاعر الأبجدية وهو منتصب القامة دون ان يخافه. وما كان من الشاعر الكبير إلا أن يرضى بالحق بنفس رضية مؤمنة.   “انا لله وانا اليه راجعون”

إن قلتُ شعري ، ولم يرثيك أعتذرُ
فالشعرُ أنت ، فكيفَ الشعرُ يُحتضرُ؟
هذي البلاغةُ كم تسقي فصاحتَها
من بحرِ حرفك هل أسرى بها القدرُ
فالأبجديةُ تنعي اليومَ بيرقَها
إذ فارق الضّادُ من في حرفه الدرر
إنّ الكبارَ إذا في عمرِها قِصرٌ
يا قامةَ القرنِ فيك الرّوحُ والكِبَرُ
أمليت شعراً وأنت الشعرُ موئله
كنت المحجةَ إذ حجّت لك البشر
سميحُ وجهٍ وفي الأسماع نغمته
طلقُ المحيّا وفي إبداعه العبر
خلّدت ذخراً إلى الأجيال تذكره
عبر الدهور فترقى فيهمُ الصور
ها أنت ترحل للعلياء منتصباً
في قامة الفخرِ حيث المجدُ يفتخر
ودعت أرضك كم غنيتها طرباً
يا ابن القصيدة في عنوانها الخبر
أفنيت عمرك للقرطاس تنسجه
حتى ازدهى ألقاً للحق ينتشر
مداد حبرك ما جفت مآقيه
يشتاقه فَطِنٌ والقلب يعتصر
أثريتَ قافيةَ الآدابِ من قيم ٍ
حتّى غدت مرجعاً للحرف تُعتبرُ
هذي المرابعُ والأصقاعُ شاهدةً
إبداع نهجك في أعطافهِ عطر
هذي الحروفُ التّي في طيّها عبرٌ
رويتَها أدباً في ريعه الثمر
لكم تغنّى على أوتارها نَغمٌ
فيض المعاني فنعم القولُ والوتر
في الخلقِ مبتسمٌ يسمو تواضعه
للحقّ مطلبهُ إبداعه زخِرُ
في صوته عملٌ ، في شعره أملٌ
في فقده مللٌ ، يرقى به الأثر
في يوم فقدك قد غابت لنا جسدٌ
لكنّ شعرك فيه الروحُ تنتصر
هذا سميحُ الذي في الأرض شهرتُهُ
ضيف السّماءِ دعتهُ الأنجمُ الزُهرُ
لبّى النّداءَ لأمرِ الحقِّ ممتثلاً
لله أنتَ ، ونعم الشّاعرُ الوقرُ


 

نصر الدين موسى

قرية الغجر –  الجولان

تعليقات

  1. ابدعت استاذ نصر , يستحق شاعر المقاومه الرثاء والبكاء,رحيله غير وجه السماءوحزن التراب والزيتون ,وعبق الفيجن يصرخ مفجوعا على صدر القصيدة ,تحن الحروف و اليراع,ليذيب القيود ويزيل الحدود ويدحرالاعداء ولكن….. يذبل الكلام….ويذوي…

    1. اشكر كل من يشجع اليراع ، وجزيل امتناني الى كل من يسكب عطره نقياً بكلماته الصافية ليعطي املاً للمستقبل .
      وتحية عاطرة للأخت مدللة والى كل من أفاض بمعروفه وقرأ قصيدتي المتواضعة وهي لا تفي الكبير حقه
      ولكن البلاغة في التلميح لا في التصريح .

التعليقات مغلقة.

+ -
.