رساله الى أم آلان الكردي

z
الممثلة آمال قيس \أبو صالح

أحاول أن أتخيل  ألأحلام التي إقتحمت نومك إن كنت قد استطعتِ النوم  في الليله الاخيره قبل إعتلائك البحر …أحاول أن أتخيل وضعية نومك بجانب آلانْ  في تلك الليله ،كيف حضنته بكلتا يديكِ ،أرى اليسرى  تحت رأسه ،ووجهه مدفون في صدرِك.. ونفسٰكِ كان بنفس إيقاع نفسه.
أحاول أن أنسج كلمات القصه المليئه بتفاصيل الغد التي رويتها له قبل أن يغفو والبسمه تلوّنْ حلمه،أحاول أن أستشعر درجة حرارة جسمه بين يديك ..أحاول أن أحزر قاموس الكلمات القليله التي تعلم أن يقولها في عمرٍ كهذا في زمن الإباده هذا الذي وُلِدٰ  فيه … أحاول أن أعود وإياك لتلك اللحظه اللعينه التي عرفت فيها أنك حامل به في زمن ما وُلِدٰ فيه أكثر من الموت. أحاول تصور لحظة ولادته ،ماذا قلتِ في تلك اللحظه !هل بكيت !هل ولدتِهِ في سيارةٍ قديمه كاد أن ينفذ وقودها ! أو على رصيفٍ ما في ظل قذيفه! في خرابةٍ ! ببيت جدرانه مثقوبه بصاروخٍ!؟ كيف اخترتِ اسمه ! ما معناه! هل ظننتِ عندما وضعته للمره الاولى على صدرك بأن عمره سيكون قصيرا ! أم شعرت به كوجهِ خيرٍ على ربيع الموت !؟؟
في ذالك الصباح الاخير لكما معاً ، أحاول أن ألبس ارتباكك في اختيار نوعية ولون وكمية الملابس التي ستلبسيه اياها في رحلة هروبكما من الموت…
أحاول وأحاول وأحاول وأح….ا…ول …اللعنه! إني فقط أظن أني أحاول.. وأخيراً أحاول ..أحاول  تخيل كيف حضنته  عندما صعدت  لقارب اللعنه .. ماذا قلتِ له .. هل بكى ! هل كانت هذه أول مره يركب بها البحر أو البحر يركبه!!! هل ابتسم وانفعل بسذاجة الاطفال في البحر  !؟؟ هل كذبت عليه وقلت له أنه سيرى سمكه ملونه ! وأن دولفينا ملونا سيقفز مع كرةٍ صغيره حوله  !  وهل صدّق أنّ حورية البحر ستطل ثم تغوص مره أخرى وتلقاه عند الشاطئ!؟؟  هل خاف أم أنه قد اكتفى بحضنك كطوق نجاه من كل أصوات الموت التي رافقته منذ ولادته اللعينه..
يخترق أذناي صوتك عند انقلاب القارب بكما…حاولتِ جاهدة الامساك به حاولتِ رفعه من على  الماء ليتنفس… حاولت  عبثاً الاستنجاد بالله الذي ربما  أخذ قيلوله طويله وثقيله في تلك اللحظات.. .أحاول أن أشعر كم ندمتِ في تلك اللحظات  حين قررت الهرب وإياه  بأي طريقه طالبةً الحياه لأجله… كم عتبتِ على نفسك وجٰلٰدْتِ نفسك أنك أنثى ولست قويه بما يكفي لتحميه وتمنعي عنه شراسة البحر…
كيف لك ! ولم يكن أمامك سوى البحر وخلفك لا يوجد سوى الموت ويداه أطول من حقبةٍ تاريخيه لعينه..!
لقد اخترت التمسك بموجةٍ  على أن تستسلمي لذالك الموت ، أو ربما الموجه اختارت التمسك بكما لكي تحافظ على هويتها البحريه ….
أحاول ان أتخيل طريقة صراعك مع هذا الموج ،هل حاولت التغلب عليه! هل حاولت الاستسلام له ظناً منكِ أنه سيرأف بإمرأه ضعيفه وطفلها!؟
لقد صرخ آلانْ “أمّا ..أمّا أم ماما ماما أم يوووم يووووم” ومزقّ قلبك أكثر .. أو هل بكى بكوة طفل يشعر بالخطر وقد خنقته أمواج صغيره كثيره … بعد أن حاول عبثاً البصق في وجه ذالك البحر..!
في اللحظات  الاخيره التي فصل البحر بينكما أحاول أن أشعر بنشوٰتة البحر وهو يحمل آلان بين أمواجه موصلاً إياه للشاطئ  تماماً كمن يقتل القتيل  ويمشي بجنازته بعد أن امتص عرقه.
وأما أنت  أحاول تقمص روحك وهي ترفرف فوق هذا البحر أو تحته ، تبتسم من عالمٍ آخر وبسمتها بطول أيادي ذالك الموت  اللعين! … نعم أحاول  وأريد أريد لكِ  أن أراك مبتسمه لقد نجوتِ من الموت ومُتِّ  ميتةً اخترتيها بنفسك لنفسيكما…لقد علّمْتِ آلانْ درسه الاول والاخير في هذا العالم اللعين! إخترْ مصيرك بيديك ولا تستسلم لواقعٍ فُرِضٰ عليك ..
حتى اللون الأحمر  الذي ارتٰدٰاه  بلون الدم كان فقط لونا أحمرا . أحمر  جميل زاهي نظيف من كل قرف وجبن وذل هذا العالم …
فابتسم لحظة الموت كي لايشعر الموت بنشوته وانتصاره عليك..!!
وليبكِ البحر .

تعليقات

  1. انت حاولت واستطعتي أن تجدي الكلمات، انا حاولت ولم أجدها، لترحمهم السماء.

  2. انا اعتقد بل متاكد من ان ام هذا الطفل البريء كانت تدعو لو انها لم تكن لتولد وتلده في هذه البقعه البائسه على الارض

  3. كتابة رائعة جدا لطالما اثر بي المشهد لؤ لؤة قذفها اليم الى الشاطئ فما ان سمعت الجدران صرخاتها حتى سحقت تحت اقدام الموت فقذفت مع زبد البحر فوحوش البحر ارحم من هؤلاء الاوغاد الذين يدعون الدين اي شريعة يقفون تحت غطائها
    سهم طباش

التعليقات مغلقة.

+ -
.