سافر إلى ناميبيا وابدأ عامك بسفاري

ربما لا يعرف البعض الموقع الجغرافي لدولة ناميبيا ولا ما تقدمه هذه الدولة الأفريقية من مزايا لسياحها الذين يفدون إليها كل عام من أجل الاستمتاع برحلات السفاري الطبيعية التي تبدو في أجمل صورها الأفريقية. ويعتبر البعض أن ناميبيا هي آخر معاقل الطبيعة كما يجب أن تكون في القارة الأفريقية ولذلك يبذلون الجهد في الوصول إليها بدلا من الوجهات الأفريقية المعتادة.

https://www.youtube.com/watch?v=4wpgULZS3wA

الموقع

تقع ناميبيا في الجنوب الغربي للقارة الأفريقية على شاطئ المحيط الأطلسي ويحدها من الشمال زامبيا وأنغولا ومن الشرق بوتسوانا ثم جنوب أفريقيا من الجنوب. وهي مستعمرة ألمانية سابقة قبل أن تنتدب عصبة الأمم جنوب أفريقيا عليها بعد الحرب العالمية الأولى. وحصلت ناميبيا على استقلالها من جنوب أفريقيا في عام 1990. وهي الآن دول مستقلة متعددة الأحزاب ونظام سياسي ديمقراطي.
السياحة في ناميبيا هي أحد مصادر الدخل الرئيسية في البلاد وتدر على البلاد نحو 500 مليون دولار سنويا. ويزور ناميبيا سنويا نحو مليون سائح ثلثهم من جنوب أفريقيا والبقية من دول أوروبية أهمها ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا. وتعتمد ناميبيا على سياحة السفاري البيئية التي تسمى «إيكو توريزم» والتي يفضلها الأجانب حاليا كبيئة طبيعية مستدامة.
وتقع ناميبيا في المركز الخامس عالميا وفق تصنيف «لونلي بلانيت» كأفضل وجهات سياحة السفاري من حيث القيمة. وفيما يقبل العرب على رحلات السفاري في دول أفريقيا متعددة من المغرب وحتى كينيا وجنوب أفريقيا إلا أن القليلين هم من يتوجهون إلى ناميبيا لأن المعلومات المتوفرة عن هذا البلد ليست كافية لاتخاذ القرار ولاعتقاد البعض أنها قد تمثل مخاطر على السائح وهو انطباع غير صحيح. فهي من أكثر الدول الأفريقية استقرارا وأمنا.

زيارة أهم المواقع

ويصل السائح أولا إلى العاصمة ويندهوك، حيث مطار هوسا كوتاكو الدولي. ويمكن للسائح أن يقضي بضعة أيام في العاصمة يستكشف فيها مدينة أفريقية حديثة بها بعض المنتجعات والفنادق الفاخرة مثل «ويندهوك كونتري كلوب ريسورت» الذي افتتح في عام 1995 واستضاف في ذلك العام مسابقة ملكة جمال العالم. وأحدث الفنادق التي افتتحت في المدينة كان فندق هيلتون ويندهوك في عام 2011 وهو الفندق رقم 50 الذي يتبع مجموعة هيلتون في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من المواقع التي يتعين زياراتها قبل مغادرة العاصمة منتجع «زو بارك» الذي يماثل الأندية الاجتماعية مع حدائق للأطفال ومناخ مريح لتناول الوجبات والمشروبات. ويعتبر «زو بارك» وجهة النخبة في ناميبيا وملتقى مجتمع العاصمة خصوصا في أيام العطلات.
بعد العاصمة يمكن زيارة المدينة الثانية في ناميبيا وهي «والفيس باي» وهي أيضًا أكبر ميناء في البلاد وتطل على بحيرة وميناء وتجمع بين الماء من ناحية والصحراء من ناحية أخرى. وهناك مطار دولي في المدينة لمن يريد الطيران إليها مباشرة وهي ملتقى لتجمعات سياحية تأتي خصيصا إلى المنطقة من أجل التمتع بالرياضات البحرية والصيد ومشاهدة الحيتان وأسماك القرش. وفي البحيرة تنتشر الكثير من الأحياء البحرية والطيور ويتمتع السياح بالسباحة والطيران الشراعي والتزلج على الماء.
وعلى الجانب الآخر من المدينة يتم تنظيم رحلات إلى الصحراء بالسيارات الرباعية وتنظيم نشاطات الطيران الشراعي والتزلج على الرمال والانطلاق بالدراجات الرباعية «كواد» على الرمال. ويطلق الأهالي على الصحراء اسم «صحراء البيئة الحية» لكثرة الكائنات الحية التي تقطنها كالسحالي والثعابين والحيوانات الصغيرة والحشرات.
من أقدم وأرقى المنتجعات في ناميبيا سواكوبموند الذي يعود إلى حقبة الاحتلال الألماني في عام 1892، وهو أيضًا ميناء يطل على المحيط وعلى نهر اسمه سواكوب. وتشتهر المنطقة بالرياضات العنيفة وبها الكثير من المزارات السياحية مثل مزرعة للبعير وقطارات بخارية والقطار السياحي السريع الذي ينطلق من العاصمة إلى سواكوبموند. ويمكن ممارسة القفز بالمظلات من طائرات تقلع من المطار المحلي، حيث يمارس نادي القفز المظلي نشاطه منذ عام 1974.

رياضات

من الرياضات العنيفة التي نظمت في ناميبيا العدو الماراثوني لمسافة 250 كيلومترا والتي جرت عام 2009 وشارك فيها 213 عداءً من 37 دولة. وجرى السباق على مدار سبعة أيام في ست مراحل ولم يستطع بلوغ خط النهاية فيها سوى 167 عداءً فقط.
ثم هناك الكثير من المحميات الطبيعية أقدمها وأشهرها اسمها «إيتوشا» وتقع في الشمال الغربي من البلاد وهي محمية طبيعية منذ عام 1907 أثناء الاحتلال الألماني، وكانت حينذاك ثاني محمية في ناميبيا بعد المحمية الأولى المسماة «وست كابريفي».
وتمتد محمية «إيتوشا» على مساحة 22 ألف كيلومتر مربع وهي تضم مئات الأنواع والفصائل لحيوانات وطيور وزواحف. ومنها بعض الأنواع المهددة بالانقراض مثل وحيد القرن الأسود. وتضم المحمية معهدًا لدراسة البيئة الطبيعية وإدارة شؤون المحمية. وتقع المحمية في منطقة سافانا وأعشاب وبها 114 نوعًا من الثدييات و340 نوعًا من الطيور و110 أنواع من الزواحف، بالإضافة إلى 49 نوعًا من الأسماك والمخلوقات البرمائية.
من المناطق الأخرى التي اكتشفها هواة التزلج على الماء الساحل الشمالي الغربي الذي يعرف باسم «سكيليتون كوست»، وهو شاطئ رملي يمتد لمئات الكيلومترات وكان في الماضي مقبرة للسفن العابرة بسبب اتجاه الرياح والضباب الذي يسود المنطقة معظم فترات العام.

أنشطة سياحية

السائح في ناميبيا يمكنه القيام بالكثير من الأنشطة منها القيام برحلات سفاري بسيارات رباعية أو عادية. وهناك الكثير من الطرق والمحميات التي يمكن استكشافها مع عدم ازدحام على الطرق بسبب عدد السكان المحدود وعدم ملكيتهم لسيارات.
ويمكن بداية الرحلة من العاصمة ويندهوك والانطلاق شمالا إلى محمية ووتربريغ التي تبعد 280 كيلومترًا. ويمكن الحصول على خرائط من مركز المعلومات في المحمية والقيام برحلات منفردة مع الحياة البرية فيها.
من المعالم السياحية الأخرى مدينة كولمانزكوب المهجورة، وهي مدينة قديمة أقيمت للتنقيب عن الماس ثم هجرها سكانها وتركوها لزحف رمال الصحراء عليها. ويحتاج الزائر إلى تصريح خاص يشمل جولة سياحية يومية بمعالم المدينة ومتحفها الدائم.
وفي أقصى الجنوب يوجد الأخدود الجبلي المسمى «فيش ريفر كانيون» وهو الثاني حجما في العالم بعد «غراند كانيون» الأميركي. ويتم تنظيم جولات سياحية خلال فترة الشتاء فقط بين شهري مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول) من كل عام نظرا لحرارة الطقس الشديدة خلال فترة الصيف. وتحتاج الجولة السياحية التي تستمر لمدة أسبوع على الأقل إلى شهادة لياقة طبية بالإضافة إلى حمل كل الأمتعة والمياه اللازمة خلال فترة الزيارة.
وهناك بعض المناطق التي يمكن فيها القيام برحلات جوية بالبالون فوق الوديان والصحراء لتصوير بعض المشاهد الطبيعية الرائعة. كما يمكن مشاهدة شلالات مياه إيبوبا بالقرب من الحدود مع أنغولا. ونظرا للمسافات الشاسعة التي ينبغي قطعها للوصول إلى الموقع يمكن السفر والعودة في يوم واحدة بواسطة رحلات طيران. وتستغرق الرحلة نحو ساعتين ونصف الساعة وتطير فوق أعلى جبال في ناميبيا واسمها براندبيرغ والكثير من المحميات الطبيعية التي يمكن مشاهدة الحيوانات فيها. وأثناء رحلة العودة يمكن المرور على شواطئ ناميبيا المطلة على المحيط.
وفي الصحراء الناميبية يمكن مشاهدة الكثير من المخلوقات الغريبة مثل الزواحف التي تقفز على قدمين من خلاف لتجنب حرارة الرمال الشديدة، بالإضافة إلى زواحف أخرى تشبه الديناصورات المصغرة. ويمكن المشاركة في الكثير من رحلات السفاري الصحراوية التي يستغرق بعضها ثلاثة أيام.

التأشيرة

تتيح ناميبيا السفر من دون تأشيرات دخول لمواطني بعض الدول، ولكنها تشترط التأشيرة المسبقة على جوازات سفر سارية المفعول لمدة ستة أشهر من المسافرين إليها بجوازات سفر عربية. ويمكن الحصول على التأشيرات من سفارات ناميبيا في الخارج.
تكاليف المعيشة في ناميبيا مرتفعة بعكس بعض الدول الأفريقية الأخرى ويكتشف السائح أن ميزانيته سوف تستهلك سريعا. ولكن انفراد ناميبيا بجمال الطبيعة الأفريقية يبرر الإنفاق السخي في البلاد.

السفر إلى ناميبيا بالتأشيرة.. والإقامة ليست رخيصة

المسافر من الدول العربية إلى نامبيا يحتاج إلى تأشيرة دخول يمكن الحصول عليها من سفارات ناميبيا في الخارج. وتشترط ناميبيا أن تكون جوازات السفر سارية المفعول لمدة ستة أشهر على الأقل.
وهي ليست رخيصة مثل بعض الدول الأفريقية الأخرى، حيث معظم الأغذية والمواد الاستهلاكية فيها مستوردة كما تسودها بعض الاحتكارات التي تجعلها من أغلى الدول الأفريقية في تكاليف المعيشة.
وتعتبر ناميبيا من الدول الصحراوية نادرة الأمطار ويسكنها نحو 2.2 مليون نسمة يعيشون على الزراعة والرعي والتعدين والسياحة. وهي تحوي بعض المعادن الثمينة مثل الذهب واليورانيوم والفضة، وبها أيضًا صناعة لتعدين الماس. وتعد ناميبيا من أقل الدول الأفريقية تعدادًا.
وبعد حصول ناميبيا على استقلالها من الحكم العنصري لجنوب أفريقيا تحولت إلى ديمقراطية برلمانية. ويسيطر على البرلمان حزب سوابو الذي فاز في كل الانتخابات منذ الاستقلال وحكم البلاد الرئيس سام نوجوما لمدة 15 عاما حتى عام 2005 وانتقل الحكم بعده إلى الرئيس هيفكبروني بوهامبا.
وتنضم ناميبيا إلى مجموعة جنوب أفريقيا للتنمية وهي تنادي بالمزيد من الاندماج والتكامل بين المجموعة. وانضمت ناميبيا إلى هيئة الأمم المتحدة في عام 1990 وهي تتبع أيضًا مجموعة الكومونولث.
وما زال عدة آلاف من الفلاحين البيض يملكون معظم الأراضي الزراعية في ناميبيا وتسعى الحكومة إلى إعادة تأهيل المواطنين السود لملكية الأراضي بدعم من بعض الحكومات الأوروبية.

+ -
.