سالينا ابو صالح :عيادة التغذية الصحية في المجمع الطبي

سالينا أبو صالح - أخصائية تغذية
سالينا أبو صالح – أخصائية تغذية

(الجزء الاولى )سلسلة مقالات ولقاءات عن التغذية الصحية في المجمع الطبي

انتهى ” عمر النملية ” من البيوت الجولانية ، حيث كانت هي الفريزر والبراد ” في الأيام الخوالي، تٌحفظ فيها كل أنواع الطعام ،ولم تعد تصارع على البقاء سوى في بعض المنازل التي تقتنيها وترممها من اجل المحافظة على ما تبقي من تراث جولاني، ومن بعض غرف “المونة ” القديمة في بيت الأهل او الجدة .

ولو قُدر اليوم لجيل الاجداد ان يراقبوا انماط حياتنا وعاداتنا المستجدة ،وتلك الانظمة الغذائية والسلوكية التي نتلقاها او نتبعها اليوم للحفاظ على لياقتنا وجمال اجسادنا واناقتها، لانفجروا ضحكاً علينا وعلى ما فقدناه من نعم وفوائد غذائية وصحية كانت لهم قبل عصر التكنولوجيا، وعصر الوجبات السريعة من شوارما وهمبورغر وبرجر كنج وكنتاكي وبيتزا وغيرها من المأكولات والمشروبات التي تحمل فوائد كبيرة لمن يحب مراكمة الدهون والكروش والأجسام السمينة وتعريض نفسه لسعرات حرارية زائدة عن احتياجاته الطبيعية.” وعليه ان ينأي بنفسه بعيدا عن علم التغذية وتفاصيله، ومتطلبات الحياة الصحية الطبيعية والسليمة في فوضى الطعام والمأكولات هذه ، وبالطبع سوف يمتعض من وجود عيادات تغذية صحية وأخصائيات وأخصائيين في علم التغذية الذي اصبح اليوم علما بحد ذاته ،يدرس تفاعلات الغذاء داخل الجسم وتخزينه، ويعتبر من العلوم الاساسية الحديثة التي يلزم الانسان الالمام فيها خلال فترة حياته، وهو ايضاً بمثابة خط الدفاع الأول لصحة الإنسان، حيث لا تختلف اختصاصية التغذية سالينا ابو صالح كثيرا عن تلك الرؤية وتقول ان ” للمطبخ القديم والمأكولات القديمة نكهه خاصة من ناحية الطعم والنكهة، فالمأكولات القديمة اعتمدت اكثر على الخضار والحبوب والقليل من الزيوت واللحوم (دهون) وهذا يزيد من جودة الطعام وتاثيره يكون ايجابيا أكثر، بينما للمطبخ الجديد تاثير كبير على اولادنا اليوم، لاحتوائه على مأكولات سريعة “خفيفة” وسريعة التحضير بالنسبة للام العاملة خاصةً. وتترك تأثير سلبي على صحة اولادنا خاصة اذا تكررت كثيرا – كونها تزيد من خطر السمنه وتسبب الأمراض، لهذا يسعي البعض الى الحفاظ على المطبخ القديم ونكهته المميزة التي تواجه “جديدنا ” بصعوبة لان تأثيره كبيرا في عصر السرعة وزيادة المنتوجات الاستهلاكية في المحلات والسوبرماركت ودور الاعلانات التجارية في ازاحة المطبخ القديم من حياتنا ومن ثقافتنا ايضاً…

ومن هذا الالتزام افتتحت جولان للتنمية عيادة التغذية في مجمع العيادات الطبية بإشراف طاقم أخصائي مكون من روز عويدات ورولان ابراهيم /ابو جبل، وسالينا ابو صالح، وهي واحدة من عيادات المجمع الطبي وتقدم علاجات صحية لا تقل أهمية عن باقي العيادات الطبية الأخرى، حيث يتم تقييم الحالة الصحية ومعرفة حالة المريض الصحية وتاريخه العلاجي والدوائي ، وتحاليله المخبرية ان كان هناك ضرورة، وعلى ضوء ذلك يتم وضع مخطط تفصيلي للبرنامج الغذائي المناسب لكل حالة على حدة، ومواكبة هذا البرنامج وتعليم وتدريب المريض على أفضل الأساليب والطرق لاختيار برنامجه وتغير أنماط حياته ومتابعته داخل العيادة بشكل منظم حسبما تقتضيه الحالة. “.

“في كل عيادة طبية في الجولان، تعمل أخصائية تغذية، وتؤكد سالينا ابو صالح بثقة كبيرة ” ان هناك نتائج ايجابية ونجاحات كبيرة لعمل هذه العيادات الأمر الذي انعكس على زيادة أعداد المرضى الذين يزورون هذه العيادات، وخاصة من الجيل الجديد،الذي يبدى اهتماما خاصاً في هذا العلم، ورغم ان عدد الاخصائين في مجال التغذية في الجولان لا يتجاوز الـثلاثة الا ان هناك وعي ومعرفة وإدراك بأهمية موضوع التغذية على الصحة الجسدية والنفسية والفكرية . وهناك حاجة ماسة للاستمرار في نشر الوعي، وتخصيص ورشات وجلسات توعية صحية لطلبة المدارس وطواقم المعلمين والمعلمات والاهالي، واقامة حوارات ولقاءات مشتركة بين الطواقم الطبية وبين الاخصائيين والنوادي الرياضية، وتخصيص اعمال تحفيزية كالمسابقات وورش العمل في النوادي خاصة، كل هذه الامور تساهم في صحة سليمة.

وفي هذا الصدد يجب الاشارة الى تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية حول امراض سوء التغذية يحدد ” ان الدول الاكثر استهلاكاً للدهون بها اكثر عدد من الوفيات بينما تقل بدورها في دول كالصين واليابان لاعتمادهم على الاعشاب الطبيعية وزيت الزيتون في الطعام. وأضاف التقرير أيضا” أن الاعتماد على الوجبات السريعة تسبب فى انتشار الكثير من الأمراض مثل السمنة والتشحم الكبدي وهشاشة العظام وتكيسات المبيض عند النساء وهي واحدة من اشد اضطرابات الغدد الصماء، وغيرها،فضلاً عن أن شرب المياه الغازية يصيب العظام بالهشاشة داعياً إلى اتباع نظام غذائي صحي يعتمد على السلطة والخضراوات وزيت الزيتون وعدم الإسراف فى تناول الجبن والقشدة والمثلجات والبيتزا والمقليات”.

وهنا قد نجد الجواب في أسباب ارتفاع معدل الوفيات بين جيل الشباب على خلاف ما كنا نعهده من انخفاض معدل الوفيات في العشرين عاما الاخيرة في مجتمعنا . الامر الذي جعل الحاجة الى اتباع نظام غذائي صحي مهمة جدا ، نظام يستند على أسس ومعرفة علمية ومهنية لتجنب الكثر من المشاكل المتعلقة بالصحة .

نحن هنا في الجولان تقول سالينا نحتاج اكثر من اي وقت مضى الى نظام غذائي لان هذا العلم لا يتناول فقط علاج مشاكل الوزن الزائد و انما ايضا هناك مشاكل وامراض معقدة متعلقة بالطعام ونتاثر بنوعية الماكولات التي نعتمد عليها، من المهم جدا التوجه الى شخص يعرف الية عمل الجسم من ناحية بيولوجية وكيميائية، وتاثيرات الادوية علي الجسم ودراسة حالة المريض، وايجاد بدائل للوصول الى العلاج الصحيح. وعليه نستند الى بناء نظام غذائي كامل لكل شخص على حدة ، لانه لايوجد نظام واحد ينطيق على الجميع ، هناك قواعد عامة رئيسية في هذا العلم تنطبق على الجميع لكن لكل شخص برنامجه ونظامة الخاص، هناك بديهيات معلومة للجميع بان الطعام السيئ غالبا مُضر، ولكن الطعام الصحي هذا لا يعني انه صحي للجميع، لنفرض العسل على الرغم من فوائده الصحية، لكن ينصح بتخفيفه عند مرضى السكري والمرضى الذين يعانون من نسب دهون عالية في الدم. ان تحديد نظام غذائي يتعلق بكل شخص على حده مهم جداً ويأخذ بالحسبان : الوضع الصحي , فحص الدم (دهون – سكر – حديد – فيتامينات الخ) , الوزن الطول ،والعمر , والماكولات المعتاد عليها وغيرها من الأشياء المهمه. فالنظام الغذائي لشخص وزنه 70 كيلو يختلف عن شخص وزنه 100 كيلو .

وتعتبر سالينا ابو صالح ان ” الفرق بين موضوع التغذية العلاجية وموضوع التغذية العامة هو ان التغذية العلاجية علم يدرس العلاقة بين الغذاء وتاثيره على الجسم والصحة في جميع الحالات – ليس فقط على الوزن انما ايضا على وضع الشخص الصحي منذ الولادة حتى سن الشيخوخة. هذا العلم يتضمن معرفة العلاقة بين انواع الطعام والدواء , ووظائف الجسم والية عمله وتاثير العلاجات الغذائية على امراض مختلفة : السكري – ضغط الدم المرتفع – كولسترول – امراض كبد, كلى- ورئتان …. وهناك دور مهم جدا للتوعية الغذائية ،ودور كبير للرياضة والحفاظ على صحة جيدة وتجنب الاصابة بالامراض .خاصة للجيل الجديد .

ولان الجولان يعارك منذ سنوات زحمة الحياة ويعيش ازماتها على كل الصعد، فانه يفتش عن مكان له في كل الصُعد، فهناك إخفاقات وفشل، وهناك نجاحات وإبداعات على المستوى الفردي والجماعي، وبمراجعة سريعة لحالة التطور الذي شهده المجتمع الجولاني، فانه عبارة عن ثورات متتالية في المجتمع والثقافة والعلم والتكنولوجيا، ولو توفرت سُبل الدعم والإسناد الضرورية والمبنية على متطلبات وحاجيات المجتمع الجولاني في تلك المجالات لكان الواقع والمستقبل أكثر اشراقاً وأكثر اماناً… ولن تنتهي تلك الزحمة ولن تقف هنا عند حدود النظام الغذائي الصحي.. على امل ان نترجم في سلوكنا الحديث الشريف نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع….

______________________________________________

سالينا ابو صالح: خريجة كلية تل حاي 2011 تحمل اللقب الاول في الهندسة الغذائية، ومرشدة مجموعات لعلاجات التغذية .

 

تعليقات

التعليقات مغلقة.

+ -
.