عكا تفتح أبوابها لقمر على باب الشام

قدم مسرح عيون -جولان للتنمية- مساء امس الأحد عرضاً شيقاً وناجحاً لمسرحيته قمر على باب الشام، من تمثيل جابر ومجدي أبو جبل وإخراج أمال قيس أبو صالح وسيناريو معتز أبو صالح، بينما تستمر العروض مساء اليوم الاثنين ومساء غد الثلاثاء، ضمن فعاليات مهرجان مسرحيد الثالث عشر في مدينة عكا، وذلك في بستان الباشا في عكا القديمة، بحضور عدد كبير من محبي الفن والمسرح.

الفنان اسامة مصرى منظم مهرجان مسرحيد
الفنان أسامة مصرى منظم مهرجان مسرحيد

وقد قال الفنان أسامة مصري منظم المهرجان في لقاء مع موقعنا:

مسرحية قمر علي باب الشام تقاتل لاحتلال مكان لها في مقدمة الأعمال الفائزة، قتالاً من نوع أخر: أنيقاً، جميلاً ،رائعاً، يُبكيك ألما من ماضي الذاكرة وما تختزنه من أسرار دفينة، ويٌفرحك لأنك أمام هامات شابة (ممثلين وطاقم مهني وإداري) تخط طريقها إلى الأمام بثقة وقوة، وتصر على أن تخوض المعركة بقتال فيه علاقة تبادلية بينهم وبين النقاد. أبطال العمل  أتقنوا وأبدعوا لأسباب عديدة وكثيرة، وكان العرض الأجمل والأكثر إثارة وتأثيراً، وكيف لا يكون حين تحتضن أمواج بحر عكا دموع وحكايات الجولان بوابة فلسطين إلى الشام…

سقطت عكا كباقي أجزاء فلسطين رهينة بين يدي المشروع الصهيوني في أعوام النسيان العربي، لكنها لا زالت تتحدى التهويد والنسيان، وتتحدث العربية، وتغني بالعربية، وتستعيد بقوة وفخر المشهد العربي في فضاء المدينة، التي أصبحت اليوم عكا القديمة وعكا الجديدة، وتتهاوي بفعل التهويد الإسرائيلي للمدينة وسكانها العرب صور من كانوا هنا عبر التاريخ، ووحدها رمال البحر الحارة في عكا لا زالت تحتفظ بذكريات الكنعانيين والفينيقين، ووجوه وصور الغزاة الرومان والفرس والصليبيين، ولا زال اسم شرحبيل بن حسنة منقوشاً بين تلك الجدران، كأول رجل عسكري يمنح المدينة رادعاً امنيا يحميها الغزو والاحتلال، ولا تزال ذاكرة بحر عكا، تهدر باسم معاوية بن سفيان، كأول من أقام فيها دورا لصناعة السفن، وأبحر منها إلى شواطئ العالم.. وهنا صوت احمد باشا الجزار لا يزال يسكن جدران القلعة ويعلو على صوت القذائف الفرنسية التي هاجمت لاقتحام القلعة والمدينة، لكنها بقيت وخبا صوت المدافع وتلاشت أحلام نابليون أمام قلاع واسوار عكا..

أصبح الفن والفنان خلال عصر الثورات العربية كلمة مبتذلة، خاصة حين ابتعد القسم الأكبر منهم عن هموم وأوجاع شعبه، وابتعد عن المرآة التي يجب ان يعكس خلالها واقع مجتمعة، لكن هنا في عكا يسكنها بريقا أخر، نوع أخر من الفنانين، نوع يحمل قيماً جمالية ووجدانية مختلفة، فنانون ومسرحيون وموسيقيون وممثلون ومهرجون، راقصون ورسامون، مخرجون ومساعدو انتاج وكتاب ومثقفون، شباب لا زالو فتية وكهولا مخضرمون بالفن والعشق لا زالو شبابا، وبينهم نساء هن الأجمل حين يتمايلن كلما مال أحد أغصان هذه الأشجار الهرمة، التي تدل جذوعها على أنها هنا منذ مئات السنين، فتستعرض قوتها امامنا بتحدٍ ذكوري.. أولئك اجتمعوا من كل فلسطين التاريخية بين أحضان عروستهم العكاوية، لم يرفعوا الراية البيضاء أمام مشروع التهويد الاسرائيلي، الذي يأكل ويقضم المدينة تدريجياً، ولم ينتظروا حتى تمر نكبتهم الثقافية، فحملوا احزانهم وغضبهم واحساسهم وحبهم وعشقهم لعروس بحرهم في عكا، وانتزعوا أحقية وجودهم الثقافي والتاريخي في بستان الباشا في عكا، فكان لهم المنبر والمسرح والمعرض الذين يطلون خلاله على الفضاء الثقافي الذي يغطى كل فلسطين وحتى ابواب الشام…

+ -
.