علي صالح يتصدر قائمة المتهمين بتقويض العملية السياسية

تصدر الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في تقرير للجنة في مجلس الأمن قائمة المتهمين بتقويض العملية السياسية في اليمن من خلال “استخدام عملاء في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لدعم عمليات اغتيال، ودعم الحوثيين مالياً وسياسياً”. وحمل التقرير الحوثيين مسؤولية مشتركة عن تقويض عمل الحكومة من خلال توسيع سيطرتهم العسكرية بشكل مضطرد من خارج سلطة الدولة. وأدرج عوامل أخرى تساهم في تقويض العملية الانتقالية بينها تفاقم الأزمة الجنوبية ونشاط تنظيم القاعدة والهجمات التي تشن على منشآت النفط.

ويبحث مجلس الأمن حالياً التقرير الذي أعده فريق خبراء لجنة العقوبات على اليمن الذي شكله المجلس بموجب قراره ٢١٤٠ الذي صدر تحت الفصل السابع وهدد فيه المجلس “المقوضين” في اليمن بفرض عقوبات عليهم تشمل حظر السفر وتجميد الأرصدة.

وقال ديبلوماسيون في مجلس الأمن إن “الأسماء المتداولة للمعرقلين يتصدرها صالح وعبدالملك الحوثي، ومسؤول آخر في القيادة الحوثية” لكن المجلس “لم يصل الى توافق بعد في شأن فرض العقوبات”. وأوضح مصدر في المجلس أن “الدول الغربية الثلاث الدائمة العضوية، بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، لا تزال في مرحلة التشاور حول إمكانية فرض العقوبات على صالح والحوثي، وتأثير ذلك على العملية السياسية”.

وأضاف أن “المجلس كان طلب من فريق الخبراء في وقت سابق إعادة كتابة التقرير بحيث يتضمن أدلة ووقائع على ضلوع هذه الأطراف بتقويض العملية السياسية وهو ما يعد انتهاكاً لقرار صادر تحت الفصل السابع”. وأكد أن التقرير الحالي “يتضمن كماً ونوعاً، أدلة ومعلومات مفصلة عن أنشطة المقوضين”.

وأبلغ فريق الخبراء في لجنة العقوبات على اليمن المشكل بموجب قرار مجلس الأمن ٢١٤٠، المجلس في تقرير من ٣٠ صفحة تفاصيل كاملة عن طبيعة الأنشطة التي يقوم بها صالح إما مباشرة أو عبر حزبه ومؤيديه في أجهزة الدولة “والقطاعين الأمني والعسكري”، والتي “أضرت بقدرة الرئيس عبدربه منصور هادي على قيادة الحكومة وتوجهيها في المرحلة الانتقالية التي جرى التفاوض بشأنها في إطار اتفاق مجلس التعاون الخليجي”.

وأضاف التقرير أنه “بمقتضى اتفاق مجلس التعاون الخليجي، كان على صالح أن يتخلى عن جميع سلطاته إلى الحكومة الانتقالية، ولكن ذلك يواجه صعوبات بسبب استمرار فرض صالح سيطرة قوية على حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتمتع بتمثيل ضخم في الحكومة الحالية”.

ونقل التقرير عن “الكثير من المحاورين” الذين التقاهم فريق الخبراء في اليمن أن صالح “طرف مفسد رئيسي للعملية الانتقالية، سواء بحد ذاته أو عن طريق أعضاء حزبه، حزب المؤتمر الشعبي العام، الموجودين في الحكومة وخارجها”. واضاف أن الادعاءات تتعلق بضلوع صالح في أعمال “التحريضَ وتنظيم تظاهرات ضد الرئيس هادي وحكومته تنشر أساسا رسالة مفادها أن العيش في ظل حكم الرئيس السابق كان أفضل بكثير من الحالة الراهنة”.

وقال فريق الخبراء إنه شهد هذه التظاهرات في صنعاء في حزيران (يونيو) الماضي حين “أوقفت إحداها موكب سيارات الفريق وهي تصيح بشعارات وتلوح برايات تعبر عن الولاء لصالح ومن بين ما ردّدته الأناشيد، سلام االله على عفاش، وهي عائلة الرئيس السابق” وفق ما جاء في التقرير.

وأضاف فريق الخبراء أن “عدداً من المحاورين أكد أن صالح، بالرغم من شنه ستة حروب ضد الحوثيين سابقاً، إلا أنه أصبح يدعمهم بتقديم التمويل والدعم السياسي وكفالة عدم قيام أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام بأي شيء يعرقل تحقيقهم لأهدافهم”. وأعطى مثالاً على أن “عضوا في حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظة عمران منح ولاءه إلى الحوثيين بين عشية وضحاها بعدما كان ولاؤه للواء ٣١٠ الذي زوده سابقا بالأساسيات مثل الغذاء والمعدات والحماية”. وأُوضح أن “هذا التصرف لم يكن ليبدر من صاحبه دون تلقي تعليمات من قيادة حزبه”.

وأفاد التقرير أن “مزاعم تفيد أن صالح يستخدم عملاء من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لتنفيذ عمليات اغتيال ضد أفراد وشن هجمات ضد منشآت عسكرية لزيادة إضعاف الرئيس هادي، وإثارة الاستياء في صفوف الجيش ولدى السكان”.

وعن مسؤولية الحوثيين عن تقويض العملية السياسية أشار التقرير الى أن “الحكومة اليمنية أصبحت مرغمة على التعامل مع قوة عسكرية كبيرة بعد سقوط مدينة عمران وإحكام الحوثيين سيطرتهم على المنطقة بحكم الأمر الواقع”.

وأضاف أن الحكومة تسعى جاهدة الى “استعادة سيطرتها على قوات الجيش والأمن. ويُعد سقوط اللواء المدرع ٣١٠ في عمران من الأمثلة الأخيرة على هذا التحدي” وهو ما يزيد الضغط الشعبي على الرئيس هادي “لممارسة سلطته كاملة لكي تتمكن الحكومة من الاضطلاع بمسؤولياتها ومن حماية السكان المدنيين من أعمال العنف التي ترتكبها الجهات الفاعلة غير الحكومية”. وأكد التقرير أن “الجماعات المسلحة والجهات الفاعلة غير الحكومية تمكنت من السيطرة على كميات كبيرة من الأسلحة خلال النزاعات المسلحة في أبين وعمران والجوف خلال الأشهر القليلة الماضية” وهو ما يشكل “إلى جانب استمرار انتشار الأسلحة، تهديداً خطيراً للسلام والاستقرار في اليمن”.

وشدد التقرير على خطورة الانقسام العميق بين الشمال والجنوب ونقل عن أطراف التقاها خبراء لجنة العقوبات أن رئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض “يقيم في لبنان وينشط عبر قناته التلفزيونية ويتلقى التمويل من حزب الله وإيران” لكن الفريق لم يثبت “صحة تلك المزاعم”.

وأضاف أن “أطرافاً مهمين في الجنوب يعتبرون أن تأييد الجنوبيين للانفصال يصل الى ٩٨ في المئة”. ونقل عن “محاورين” التقاهم فريق الخبراء في الجنوب أن “أهل الجنوب يأملون أن يتم صرف مبلغ ٣٥٠ مليون دولار المقدم من حكومة قطر بالكامل للمساعدة في دفع التعويضات لسكان الجنوب”.

أما التحدي الآخر للعملية السياسية فيتمثل وفق التقرير بالهجمات المتواصلة ضد المنشآت النفطية التي تقوم بها قبائل محلية لأغراض ابتزازية والتي “كلفت اليمن نحو ٥ بلايين دولار بين عامي ٢٠١١ و٢٠١٣”. وحذر من أن “استمرار النقض في الغاز والوقود والكهرباء الفترة الانتقالية التي يتولى رئاستها الرئيس هادي، وهو ما يعمل على تقويض قدرة الحكومة الحالية على إدارة البلد ومساءلة الجناة”.

ودعا التقرير مجلس الأمن الى الطلب من الحكومة اليمنية “سن القانون المقترح لاسترداد الأموال المسروقة في أقرب وقت ممكن ودون مزيد من التأخير، حيث إنه يشكل جزءا هاما من التشريعات ويبين بوضوح العزم على المضي قدما بنتائج مؤتمر الحوار الوطني”.

+ -
.