قلب سريع… حياة سريعة؟

يبدأ القلب رحلة النبض منذ اليوم الثامن عشر من الحمل ليستمر بعد ذلك مدى الحياة. وينبض القلب الطبيعي في أوقات الراحة الذهنية والبدنية من 60 إلى 100 ضربة في الدقيقة الواحدة، وبالطبع هذا الرقم ليس ثابتاً عند الجميع بل يختلف من شخص إلى آخر تبعاً لعوامل جسدية ونفسية ومرضية.

ولا يشعر الشخص بنبض قلبه في الحال العادية، لكن يمكن سماعه بوضوح في بعض الحالات، كالخوف والركض والانفعال. ويزداد عدد ضربات القلب أو ينقص تبعاً لحاجة الجسم إلى الأوكسجين.

وعندما يزيد عدد ضربات القلب عن 100 نبضة في الدقيقة الواحدة يكون الشخص يعاني تسرّعاً في القلب ناتجاً عن أسباب طبيعية أو مرضية.

ويمكن لتسرّع القلب ألا يتسبب في أي عوارض أو مضاعفات في بعض الحالات، إلا أنه في حالات أخرى قد يقود إلى مجموعة من المظاهر السريرية لعدم مقدرة القلب على ضخ الدم في شكل فعال إلى مختلف أنحاء الجسم، وتشمل هذه المظاهر:

– ضيق التنفس.

– الدوخة.

– الدوار.

– خفقان القلب.

– آلام في الصدر.

– الإغماء.

وهناك أسباب كثيرة وراء تسرّع القلب، منها طبيعية وتشمل الحركة والجهد وارتفاع حرارة الجسم، وفرط استهلاك المشروبات المنبهة. في المقابل، هناك أسباب مرضية تضم فرط نشاط الغدة الدرقية، وفقر الدم، والإصابات القلبية الوعائية، وأمراض القلق النفسي، وهبوط سكر الدم، ونقص الفيتامين د، ونقص تروية القلب، واستخدام بعض أنواع الأدوية، مثل مضادات الزكام وأدوية البروستاتة. لكن هناك حالات من تسرّع القلب لا يمكن التعرف على سببها.

وقد يفضي تسرع القلب إلى مضاعفات محتملة تختلف وفق نوع التسرّع ومدته، ونوع العلة. وتتضمن المضاعفات:

– قصور العضلة القلبية، بحيث لا تقدر على ضخ ما يكفي من الدم لتلبية حاجة الأعضاء.

– نوبات الإغماء المتكررة.

– الإصابة بالخثرات الدموية التي تشعل فتيل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

– الموت المفاجئ.

وسبق لعلماء من الدانمارك أن حذروا من زيادة عدد دقات القلب حينما يكون الإنسان في وضعية الراحة لأنها تزيد من خطر الوفاة المبكرة، حتى ولو كان الشخص في صحة جيدة ويتمتع باللياقة البدنية.

وتوصل العلماء إلى هذه النتيجة بعد متابعة الوضع الصحي لثلاثة آلاف رجل من متوسطي العمر، إذ وجدوا أن الأشخاص الذين كان نبضهم سريعاً لمدة خمس دقائق تضاعف احتمال تعرضهم للوفاة ثلاث مرات أكثر مقارنة بغيرهم.

وفي معرض تعليقها على النتائج، تقول الدكتورة البريطانية فاليري غلاوديل أستاذة علم وظائف الأعضاء في جامعة اسيكس أن نتائج الدراسة مثيرة للاهتمام وربما يكون السبب الذي يجعل الأشخاص الذين نبضهم سريع أكثر عرضة للوفاة المبكرة، هو وجود خلل في توازن الجهاز العصبي لهؤلاء. إلا أن البروفسور البريطاني باتريك وولفي من جامعة لندن ذكر بأنه حتى الآن لم تتم معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفاة، لكن، وفق قوله، يمكن القيام بخطوات مفيدة لزيادة فترة العيش، بواسطة الحفاظ على اللياقة البدنية، والتغذية الجيدة والمتوازنة، والامتناع عن التدخين.

وفي دراسة نروجية مشابهة نشرت على موقع «هيلث دي نيوز»، توصل باحثون إلى أن زيادة ضربات قلب المرأة دون السبعين من العمر بمعدل 10 ضربات فوق المعدل الطبيعي، قد تزيد احتمال الوفاة بالنوبة القلبية بنسبة 20 في المئة.

إن تسارع القلب العابر لا خطر منه، أما التسارع المستمر والمتكرر فإنه يتطلب استقصاءات تشخيصية شاملة للوقوف على السبب وعلاجه بحزم، وقد يحتاج الطبيب المختص إلى إجراء تحريات نوعية للحصول على المعلومات التي تمكّنه من وضع النقاط على حروف التشخيص.

ويعد كبار السن من أكثر الفئات العمرية تعرضاً لتسارع القلب، من هنا يوصيهم الأطباء بمراقبة نبضهم عن كثب بدءاً من عمر 65 سنة بوتيرة منتظمة، وعند تسجيل أي خلل في ضربات القلب، سواء من ناحية عددها أم عدم انتظامها، فإنه تجب استشارة الطبيب أو المركز الإسعافي على الفور تفادياً لوقوع مضاعفات قد تؤدي إلى العالم الثاني.

ويمكن تعداد النبض من خلال الضغط بإصبعي السبابة والوسطى على أي من الشرايين القريبة من سطح الجلد، ولا يجوز استخدام إصبع واحدة فقط لأنه يعطي نتائج غير صحيحة. وهناك منطقتان يتم تعداد النبض من خلالهما هما منطقة الرسغ والرقبة. ويتم قياس النبض لمدة 30 ثانية ثم تضرب بالرقم 2 للحصول على عدد الضربات في الدقيقة الواحدة، فإذا كان الحاصل يقع بين 60 و90 .

فهذا يعني أن كل شيء على ما يرام. وبالطبع فإنه يمكن قياس ضغط الدم باستعمال مقياس ضغط الدم الذي يعطي رقمين: واحد يتعلق بالضغط وآخر بالنبض.

ولا بد في هذه العجالة من تحذير ممارسي بعض الأنشطة الرياضية، كالجري أو المشي السريع، أن يعرفوا أن هناك معدلاً أقصى للنبض يختلف باختلاف العمر لا يجب تجاوزه، ويمكن حساب ذلك بسهولة من خلال المعادلة الآتية: 220 ناقصاً عدد سنوات العمر.

وفي كل الأحوال، فإنه لا يسمح للإنسان الطبيعي أن يصل معدل النبض الأقصى لديه خلال الجهد إلى 200 أو أكثر حتى ولو كان في بواكير الشباب.

في المختصر، إن النبض هو إشارة لا تكذب وتعكس حال القلب في الصحة والمرض، وهو لدى الغالبية العظمى من الناس ليس خطراً يزول فوراً أو خلال دقائق، أما إذا طال مكوثه فتجب مراجعة الطبيب لكشف المستور وتجنب الوقوع في المحظور.

+ -
.