كم ستعيش ومتى ستموت؟

بالتأكيد لا أحد يعلم متى سيموت وكم من السنين أو الساعات أو حتى الثواني سيعيش، فهذه المعلومة خارج نطاق معرفتنا كبشر وستبقى دائما كذلك، وليس الأمر كما تساءل الروائي المصري يوسف السباعي في روايته “أرض النفاق” لو كان بإمكان الإنسان أن “يقدم على الموت ببساطة كما يقدم على النوم فيقول لأهله ببساطة: اتمسوا بالخير أنا رايح أموت، تماما كما يقول لهم: اتمسوا بالخير.. أنا رايح أنام!”.

بالمقابل فإن العلماء طوروا مقياسا لتقدير العمر المتوقع لشخص ما في منطقة أو دولة معينة، وذلك استنادا إلى عدة عوامل وقراءات، والذي يطلق عليه “توقع الحياة” ويعرف بأنه متوسط عدد السنوات التي يتوقع للشخص أن يعيشها عند ولادته. وذلك بالاستناد إلى عدة معطيات إحصائية منها:

عدد الولادات الكلية.

مدى توافر الرعاية الصحية للأطفال كالتطعيمات والعلاجات والكشف المبكر.

أعمار الوفيات وأعدادها.

معدلات الأمراض المزمنة وطبيعتها.

مدى توافر الرعاية الصحية للمرضى.

فالمشكلة ليست في الموت، بل فيما يسبقه كما قال أديبنا السباعي أيضا في “أرض النفاق” من مقدمات اعتبرها هو “دراماتيكية حزينة ومظاهر بها كثير من التهويل والتهويش”. وهنا يبرز مصطلح آخر وهو نوعية الحياة، وهو تعبير عن طبيعة الحياة التي يعيشها الفرد بغض النظر عن عدد سنينها.

فليس المهم فقط أن يعيش المرء حياة طويلة، بل من الضروري أن تكون خالية -أو قليلة- من الأوجاع والآلام والأسقام، فإذا كان الشخص مريضا وعاجزا عن العناية بنفسه فإن هذا يعني نوعية حياة منخفضة، ولعل هذا بعض ما عناه الشاعر زهير بن أبي سلمى عندما قال:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش… ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

وخلال المائة سنة الماضية ارتفع توقع الحياة لنا كبشر وذلك بفضل اكتشافات الطب الحديثة مثل التطعيم الذي حمى أطفالنا والمضادات الحيوية وعلاجات الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من أمراض كانت تقتل في السابق الآلاف.

ولعل نظرة سريعة تبين أن النساء عامة يعشن فترة أطول، وبالتأكيد فالأمر هنا ليس أن “المرأة تنغص حياة الرجل” كما يقول البعض، فهذا كلام غير علمي وفيه عدم إنصاف للمرأة وإساءة لها وتجنٍ عليها أيضا.

ومع أنه لا توجد معطيات واضحة لتبرير هذه الأمر، إلا أنه يعتقد أن هناك عوامل بيولوجية واجتماعية تجعل النساء أطول أعمارا، منها:

الرجال أكثر إقداما على السلوكيات غير الصحية مثل التدخين وشرب الخمر في بعض المجتمعات طبعا، لذلك فإن هناك أمراضا قد تكون أكثر شيوعا لدى الذكور مثل سرطان الرئة وتليف الكبد.

الذكور أكثر عرضة للموت نتيجة الحوادث مثل حوادث المركبات وفي الأعمال الخطرة.

في فترات الحروب فإن المجهود الحربي المباشر يلقى على الرجال، لذلك فإن مخاطر موتهم تكون أكبر.

قد تلعب طبيعة جينات المرأة وعملية توارثها مثل المادة الوراثية في عضيّة المايتوكندريا في الخلية التي تنتقل من الأم فقط لأبنائها -ذكورا وإناثا- دورا في الأمر.

ومع ذلك وبغض النظر عن الأرقام والإحصائيات، فإننا نتمنى لك ولعائلتك رجالا ونساء، أعواما سعيدة وأعمارا مديدة تقضونها معا وأنتم في كامل الصحة والعافية، وبأقل تكاليف الحياة أو أعبائها، وبلا سأم أو ضنك.

إضغط هنا للاطلاع على تقرير منظمة الصحة العالمية عن متوسط طول العمر في كل دولة ودولة

 

+ -
.