ما مدى خطورة حبوب منع الحمل؟

ربطت دراسة حديثة بين تناول المرأة حبوب منع الحمل والاكتئاب.

ويعد الاكئتاب أحدث الأعراض الجانبية المفترضة التي تتصدر عناوين الأخبار.

لكن الإحصاءات “التي يساء تفسيرها” ربما تمثل خطرا أكبر على النساء، وذلك حسب إليزابيث كاسين.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تستخدم أكثر من مئة مليون امرأة حول العالم وسائل منع الحمل المركبة، التي يتم تناولها عن طريق الفم، والمعروفة بحبوب منع الحمل.

ووثق الكثير من الأعراض الجانبية المحتملة لحبوب منع الحمل، منذ إطلاقها في الستينيات من القرن الماضي.

لكن دراسة حديثة قالت إن هناك ارتباطا بين حبوب منع الحمل والاكتئاب.

وفحص باحثون دنماركيون السجل الطبي لأكثر من مليون امرأة، ليس لهن تاريخ سابق مع الاكتئاب، وتتراوح أعمارهن بين 15 إلى 34 عاما.

ووجدت الدراسة أنه، بالمقارنة مع غير المستخدمات لتلك الحبوب، فإن المستخدمات لها كانوا أكثر عرضة لتلقي وصفات طبية مضادة للاكتئاب في مرحلة لاحقة، أو تشخيص إصابتهن بالاكتئاب في أحد المستشفيات.

وتصدرت نتائج الدراسة عناوين الأخبار حول العالم.

وكتبت إحدى الصحف: “هل تتناولين حبوب منع الحمل؟ إذن أنت معرضة للاكتئاب: النساء اللائي يستخدمن وسائل منع الحمل معرضات أكثر بنسبة 70 في المئة لتناول مضادات للاكتئاب”.

وكتبت صحيفة أخرى: “تناول حبوب منع الحمل مرتبط بالاكتئاب. يا لها من فضيحة!”

لكن وفقا لـ فيل هانافورد، أستاذ الرعاية الأولية في جامعة أبردين، هي أظهرت فقط “آثارا جانبية ضئيلة للغاية، هذا إذا وجدت بالأساس”.

وأظهرت الدراسة أنه من بين كل 100 امرأة لا يستخدمن الحبوب وجد أن 1.7 في المئة منهن يتناولن مضادات للاكتئاب كل عام، بينما من بين كل 100 امرأة يستخدمن الحبوب ارتفع ذلك الرقم قليلا إلى 2.2 في المئة.

ووفقا لـ هانافورد لا يمثل ذلك اختلافا كبيرا، ويقول هانافورد: “الفارق بين المجموعتين هو فقط 0.5 في المئة، أي امرأة واحدة من بين كل 200 امرأة سنويا”.

ويقول هانافورد إنه على الرغم من أن الدراسة أظهرت ارتباطا إحصائيا، لكن ذلك لا يظهر بالضرورة ارتباطا سببيا، لأن هناك عوامل أخرى قد يكون لها دور.

ويرى هانافورد أن هذا النوع من الدراسات يصلح للتوصل إلى فرضيات، وليس لاختبار علاقات سببية.

ولم يكن الاكتئاب هو العرض الجانبي الوحيد، الذي ناقشت الدراسة علاقته بالحبوب.

وكان العرض الجانبي الآخر نادر الحدوث الذي جذب الانتباه أكثر هو تجلط الدم، والذي ربما يكون مميتا.

لكن عندما يتم فهم هذه المخاطر بشكل خاطئ ربما تكون هناك تداعيات.

ويقول البروفيسور “غيرد غيجرنزر”، مدير مركز هاردينغ لتقدير المخاطر في برلين: “بريطانيا لديها الكثير من التقاليد من بينها الذعر من حبوب منع الحمل. منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي تم تنبيه النساء كل عامين أنه حينما يتناولن حبوب منع الحمل قد يؤدي هذا إلى الإصابة بجلطات الدم التي قد تكون مميتة”.

وفي عام 1995 أصدرت اللجنة البريطانية لسلامة الدواء تحذيرا، وعقدت مؤتمرا صحفيا طارئا تحدثت فيه عن دراسة، أظهرت أن الجيل الثالث من حبوب منع الحمل يزيد من مخاطر الإصابة بنوع من تجلط الدم قد يؤدي للوفاة، بمقدار الضعف.

ويقول غيجرنزر: “أدى ذلك إلى انتشار الذعر بين النساء”.

وأدى ذلك الذعر إلى توقف النساء عن تناول الحبوب، وأشارت التقديرات في عام 1966 إلى ولادة 12400 مولود إضافي، وحدوث 13600 عملية إجهاض إضافية.

ويقول غيجرنزر: “هذا مثال لنقص المعرفة الإحصائية، التي تؤدي إلى ردود فعل عاطفية قد تضر بالنساء أنفسهن”.

وكان فيلم قصير، نشر على موقع صحيفة الغارديان البريطانية، قد لفت الانتباه إلى وفاة نساء شابات بسبب جلطات الدم، بينما كن يستخدمن موانع حمل هرمونية مركبة من بينها الحبوب، والحلقة المطاطية “وهي وسيلة لمنع الحمل عبارة عن حلقة مطاطية توضع في المهبل”.

ويقول الفيديو إنه إذا فهمت النساء معدل الوفيات، فلن يتناولن موانع الحمل الهرمونية، وإذا كان هناك عشرة آلاف امرأة يستخدمن الحلقة المطاطية فإن قليلا منهن سيتعرضن للموت.

وتقول الدكتورة سارة هاردمان، نائب مدير كلية الصحة الجنسية والإنجابية: “ليس من الدقة أن نقول إن عددا قليلا من النساء من بين العشرة آلاف امرأة سيمتن”.

وأضافت: “لكن من الدقة أن نقول إن عددا قليلا ربما ما بين خمسة إلى 12 امرأة من بين العشرة آلاف امرأة سيصبن بحالات تجلط الدم في الأوعية الدموية، لكن ليس كل هؤلاء النساء سيتوفون، في الحقيقة 1 في المئة فقط من النساء المصابات بحالات تجلط سيمتن”.

وأردفت: “لذلك نحن نتحدث عن ربما 3 إلى عشرة من بين كل مليون امرأة يمتن، نتيجة لحدوث حالات تجلط الدم التي ترجع لاستخدام موانع حمل هرمونية مركبة”.

وإذا كنت امرأة لا تستخدمين موانع حمل هرمونية ولا زلت في سن الإنجاب، فإن المخاطر التي تتعرضين لها هي نحو 2 من بين كل عشرة آلاف امرأة سنويا.

لكن بالطبع، فإن التوقف عن استخدام حبوب منع الحمل بهدف تجنب حدوث تجلط الدم يزيد من احتمال حدوث الحمل. والحمل في حد ذاته يزيد مخاطر حدوث تجلط الدم.

وتقول هاردمان: “إذا نظرت للنساء الحوامل فالنسبة تصل إلى 29 لكل عشرة آلاف”.

وتضيف: “النساء في فترة الأسابيع ما بعد الولادة تكون المخاطر عندهن بنسبة 300 إلى 400 من بين كل عشرة آلاف امرأة”.

وبمعنى آخر فإن الولادة تعرض النساء أكثر إلى حدوث حالات تجلط الدم، مقارنة بتناول حبوب منع الحمل.

ويمكن أن تكون حبوب منع الحمل وسيلة فعالة للغاية في منع الحمل.

لكن بالنسبة للنساء فإن أكثر الطرق فعالية هي زرع جهاز منع الحمل “اللولب” داخل الرحم.

+ -
.