مجتمعنا لا زال يتحلى بالقيم الانسانية التي عرف بها دائماً

Donation

على خلفية المأساة التي تعيشها سوريا، كان من الطبيعي أن يتضامن الكثيرون من الأهالي في الجولان المحتل مع إخوتهم داخل الوطن، قسم منهم معنوياً والقسم الآخر مادياً، من خلال التبرع بالأموال لمساعدة أولائك الأهل الذين عصفت بهم الحرب القذرة التي تدور رحاها هناك، وتضرروا منها بصورة مباشرة أغلقت أمامهم سبل الحياة، أو أصابتهم بعاهات منعتهم من إعالة أنفسهم وعائلاتهم، أو حرمتهم من رب الأسرة ومعيلها.

إنه الشعور الأخوي والإنساني الذي دفع الناس، ومنهم الكثيرين من معسوري الحال، الذين هم نفسهم بحاجة للمساعدة، دفعهم للتبرع بما استطاعوا من الأموال لدور الأيتام والعائلات المحتاجة، خاصة في محافظة السويداء، حيث تربطهم بأهالي الجولان علاقات القربى، إذ قسمت الكثير من العائلات بين السويداء والجولان والجليل والكرمل أيضاً.

لقد خلق هذا الوضع واقعاً جديداً، بحيث رغب الكثيرون في مساعدة إخوتهم، لكنه لم تتوفر أي قنوات أو مؤسسات رسمية لتظيم هذا الأمر، وهو ما أنبت مجموعة من الناشطين الاجتماعيين الموثوقين، الذين أخذوا على عاتقهم القيام بهذه المهمة، حيث يقومون بإيصال الأموال المتبرع بها إلى من يحتاجها بالفعل.

z

موقع جولاني، وفي محاولة لإلقاء الضوء على هذا الموضوع، التقى أحد هؤلاء الناشطين الذي فضل عدم ذكر اسمه، مصراً على أنه يقوم بواجبه الأخوي والإنساني فقط، فقال أنه يجب أن لا نتفاجأ بعدد الناس الذين يقومون بالتبرع بالأموال للأهل داخل الوطن، فعددهم كبير جداً، والأموال التي يتبرعون بها ليست قلية البتة، وهي بدون شك تساعد الكثيرين وتعينهم على تخطي هذه المحنة التي يعيشونها، بل أنها بالنسبة للبعض منهم حبل النجاة للبقاء على قيد الحياة.

وأورد الناشط المذكور عددا من القصص والحوادث التي عايشها خلال السنوات الأربع الأخيرة، التي تدل على معدن الناس الاصيل والطيب وعلى عمق العلاقة التي تربط الناس هنا بأهلهم داخل الوطن.

ومن بين هذه القصص، يروي الناشط، أنه عاد إلى بيته في يوم من الأيام لتفاجئه زوجته بمغلف وبداخله مبلغ كبير من المال. وعندما سأل عن اسم المتبرع، قالت له أن شخصاً غريبا، يبدو أنه من إحدى قرى الجليل (بحسب اللهجة)،  دق باب البيت، يرافقة أحد أبناء القرية الذي أوصله إلى البيت ودله عليه، وأعطاها المغلف رافضاً البوح بهويته، مكتفياً بطلب توصيل هذه الأموال إلى المحتاجين من الإخوة في السويداء. وبالفعل فقد تم إيصال هذا المبلغ إلى “جمعية الرعاية الاجتماعية والخدمات الإنسانية في السويداء” باسم فاعل خير من فلسطين، فقامت الجمعية الخيرية بإصدار شهادة تقدير معنونة للأهل في فلسطين على هذا التبرع السخي.

madaris

وفي قصة أخرى روى الناشط أنه في يوم من الأيام، وعندما كان يفرغ أحد صناديق التبرع الموزعة على المحال التجارية، وجد بداخله ليرة ذهب، دون أن يعرف بالطبع من المتبرع بها.

صناديق التبرع هذه تعد بالمئات، وهي موزعة في المحال التجارية في قرى الجولان، وتعرف بصناديق التبرع لبيت اليتيم الدرزي في السويداء، وباتت مألوفة لجميع الأهالي في الجولان.

“لا تستهينوا بهذه الصناديق الصغيرة”، قال الناشط موجها كلامه للموجودين.. “إنها صغيرة ولا تتسع للكثير من الأموال، خاصة وأن التبرع بها يتم بشواقل معدودة من الأشخاص، غالبا من “الفراطة” التي يعيدها البائع بعد دفع الحساب، لكن مثابرة الناس على دعم هذا المشروع يعطي في النهاية الكثير من الأموال، حيث يتم إفراغها وملؤها من جديد، وهكذا تم خلال السنوات الأربع الأخيرة جمع أكثر من 200 ألف دولار أمريكي من خلال هذه الصناديق، وهو بكل المقاييس مبلغ كبير”.

ما أوردناه هنا هو  القليل مما سمعناه من هذا الناشط، الذي، وإن دل على شيء إنما يدل على أن مجتمعنا لا زال يتحلى بالقيم والأخلاق الإنسانية التي عرف بها دائماً، وهو أمر يثلج الصدور ويعطي الأمل بمستقبل أفضل بكل تأكيد، مع الرجاء بأن تتعافى سوريا من محنتها وتحتل مكانها الطبيعي المشرف بين الأمم.

 

تعليقات

  1. الله يدفع عن الجميع والله اشفق وارحم. والله لا يفوتنا بتجارب والله يساعد ويكون بلعون والله يفوق الي بيعمل خير ……

  2. السنه الماضيه اوكل لي في جمع تبرعات للوطن شخص واحد تخلف عن الدفع مع العلم انه ميسور الحال جميع من طرقت بابهم دفعو اكثر مما توقعت الله يوفق الطايفه ويعزها هل تعلم ان احدهم تبرع ب 100 الف دولار واخر تبرع ب 50 ليره ذهب عيار 22 وهناك كثر تبرعو في مبالغ خياليه ****

  3. شكر كبير لهذه الجمعيات وللاخوه المتبرعين والله عز وجل يديم المحبة والغيره والحياة دولاب يدور حيث ان ما يزرع الانسان في هذه الحياة يحصد وشكرا

  4. الله محيي الناس المتبرعيين لوطننا الأم
    سورييييييييا
    الله يجيرنا وما يحرمنا اهلنا وبيتنا وكل الغاليين علينا …
    ويساعد كل محتاج بسوريا وبغير سووريا

    وشكر خاص للمتبرعين

  5. رغم كل الخلافات والتحزبات التي بيننا. فشعبنا ومجتمعنا معدنهم اصيل.

  6. كل الشكر لأهلنا بالجولان السوري …لفتة رائعة الها صداها الايجابي والإنساني..ونحنا أبضا في صحنايا وصل الى جمعيتنا الخيرية جزء من هذه الهدية الطيبة…وكل الشكر للقائمين والمتابعين للعمل.

التعليقات مغلقة.

+ -
.