معارك في سورية… و«تراشق» في نيويورك

قصفت القوات الحكومية السورية أمس، مناطق في حلب ودرعا للمرة الأولى منذ توصل الولايات المتحدة وروسيا إلى «توافق» لوقف النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ذلك بعد يوم من تعرض مواقع للجيش الحكومي لقصف من التحالف الدولي وقبل الاجتماع الوزاري الذي دعا إليه وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» في نيويورك. (للمزيد)

وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بأن «طائرات حربية استهدفت أحياء كرم الجبل وكرم البيك والصاخور وحي الشيخ خضر في مدينة حلب بأربعة صواريخ، ما أسفر عن سقوط جرحى». ولم يتمكن المرصد من تحديد ما إذا كانت الطائرات روسية أو سورية، لكنه أشار إلى «مقتل ثمانية بينهم طفل وإصابة عشرات الأشخاص بجروح، وذلك جراء إلقاء الطيران المروحي برميلين متفجرين على أماكن في منطقة الدوار الرئيسي في بلدة داعل في ريف درعا الأوسط». كما تجدد القصف الجوي والاشتباكات بين القوات الحكومية والفصائل المقاتلة والإسلامية في الغوطة الشرقية لدمشق وريف حمص (وسط) الشمالي وريف اللاذقية (غرب) الشمالي.

من جهة أخرى، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء نقلاً عن وزارة الخارجية، إن التوتر يتصاعد في حلب وحولها «مع استعداد المتشددين لشن عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد الجيش السوري». وأضافت الوكالة أن «الجيش الروسي اتهم الولايات المتحدة بعدم تنفيذ وعدها بالمساعدة في فصل الإرهابيين عن الوحدات التابعة للمعارضة السورية»، فيما اتهمت واشنطن موسكو بقصف مواقع المعارضة المعتدلة والمدنيين.

وأفاد الجيش النظامي و «المرصد» بأنه تم إسقاط إحدى طائرات سلاح الجو السوري خلال عملية استهدفت تنظيم «داعش» في مدينة دير الزور، التي شهدت ضربات جوية مكثفة ضد التنظيم الإرهابي خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وقال «المرصد»: «إن طائرة من نوع ميغ حكومية أُسقطت في منطقة جبل الثردة المطل على مطار دير الزور العسكري بعد استهدافها من جانب داعش، ومعلومات عن مقتل قائدها».

وارتفع إلى 38 على الأقل عدد عناصر التنظيم الذين وثّق «المرصد» مقتلهم نتيجة الغارات الروسية المكثفة خلال الـ24 ساعة الفائتة على جبل الثردة ومواقع سيطر عليها التنظيم عقب الضربات الجوية لطائرات التحالف الدولي على كتيبة المدفعية عند أطراف مطار دير الزور العسكري ومواقع أخرى للقوات النظامية على جبل الثردة «التي قتلت أكثر من 90 عسكرياً بالإضافة إلى إصابة ما يزيد على 110 آخرين، لا يزال بعضهم في حالات خطرة». كما أسفرت الغارات الروسية والاشتباكات بين عناصر القوات النظامية والمسلحين الموالين لها من جانب، وعناصر تنظيم «داعش» عن إصابة عشرات آخرين من عناصر التنظيم.

وترددت أنباء أمس السبت بأن ضربات جوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أسفرت عن مقتل عشرات من الجنود السوريين في جبل ثردة الأمر الذي عرض للخطر وقفاً لإطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا ودفع مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة مع تصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن. وجرى تراشق حاد بين الجانبين في مجلس الأمن، إذ اتهم السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الولايات المتحدة بنكث تعهد قطعته إلى دمشق عند تشكيل التحالف الدولي بـ «عدم التأثير في عمليات» الجيش النظامي السوري، فيما ردت نظيرته الأميركية سامنثا باور بأن روسيا «تنافق» وأنها «تبنت تكتيكات يستخدمها نظام (الرئيس بشار) الأسد في قصف المدنيين».

وقالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري لوكالة «فرانس برس» في بيروت: «نعتقد أن الضربة مقصودة»، موضحة «كل المشاهد العينية والوقائع على الأرض لا تظهر أنه كان هناك خطأ أو مصادفة، إنما كل شيء كان محسوباً وداعش كان على علم به، وحين دخل داعش، توقفت الغارات». ودعت موسكو الأحد الولايات المتحدة إلى «إجراء تحقيق شامل واتخاذ إجراءات لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل». واعتبرت أن «ما قام به الطيارون، إذا لم يكونوا، كما نأمل، ينفذون أوامر واشنطن، تراوح بين الإهمال الإجرامي والدعم المباشر لإرهابيي تنظيم داعش».

وترى روسيا أن الولايات المتحدة لم تف بالتزاماتها، وخصوصاً في ما يتعلق بالتمييز بين الفصائل المعارضة وعناصر «جبهة فتح الشام»، في حين هددت واشنطن بعدم التنسيق عسكرياً مع روسيا في حال عدم إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

وتنتظر منذ أيام شاحنات المساعدات في المنطقة العازلة عند الحدود السورية- التركية أملاً في الوصول إلى الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، حيث يعيش 250 ألف شخص.

إلى ذلك، وصف النائب السابق لرئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية هشام مروة المؤتمر المقام اليوم في نيويورك، بـ «عالي الأهمية»، وقال لـ «الحياة»: «المؤتمر على مستوى عالٍ من الأهمية، كونه يعقد في نيويورك متزامناً مع الجمعية العامة التي يحضرها قادة الدول»، مؤكداً أنها تعد فرصة لتذكير المجتمع الدولي بدوره وواجباته تجاه القضية السورية، وهو الذي غفل عنها بشكل أو بآخر».

وحمل قائد الجبهة الساحلية السابق العقيد مصطفى هاشم تشابك المصالح الدولية وتعقيداتها، مسؤولية فشل المؤتمرات السابقة، وقال: «السعودية تحاول دائماً أن تساعد الشعب السوري الثائر ضد نظام استبدادي قمعي قاتل جائر، ولكن تشابك المصالح الدولية وتعقيداتها أثر في الساحة السورية ولم يثمر أي مؤتمر من المؤتمرات الدولية السابقة بشكل إيجابي ينعكس على ما يؤول مستقبل سورية السياسي إليه».

بدوره، قال مساعد رئيس هيئة الأركان، قائد جبهة حمص، العقيد ركن فاتح حسون لـ «الحياة»: «ثقتنا بالمملكة السعودية كبيرة، وباتت مع تركيا وقطر لوبي الثورة السورية، ونعتقد أن ما تقوم به سيكون أفضل المتاح، ولكنه يحتاج إلى تضافر جهود كل مؤسسات الثورة معها، وهذا ما نعمل عليه».

وحذر بيان لـ «فصائل الثورة في حمص» من أن «سياسة التهجير الطائفي من نظام الأسد وحلفائه (تحولت) إلى سياسة منهجية ثابتة مبنية على مبدأ «الجوع والركوع» وتم تطبيقها على أكثر من ١٤ منطقة محاصرة»، وسط تحذيرات من تكرار ذلك في حي الوعر في حمص.

+ -
.