من يطلب الحسناء، يتراجع مع غلاء المهور في لبنان!

يتسبب ارتفاع المهور وتكاليف حفلة الزفاف في لبنان بتراجع العديد من الشباب عن الاقدام على خطوة الزواج في بلد فيه تبلغ نسبة العازفين عن الزواج من الجنسين 90 بالمئة ممن هم في السن الاعتيادي للزواج، بحسب دراسة رسمية نشرت مؤخراً.

 

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشاب اللبناني، لم يعد يتحمل بمفرده تكاليف الحياة فبات يبحث عن زوجة عاملة لتكوين أسرة قادرة على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.

 

وتقول عليا المصري (ربة بيت) “ان اكثر الشباب الذين يقبلون على الزواج هم من حالة متوسطة او اكثر ممن يستطيع تحمل عبء غلاء المعيشة، ومعظمهم باتوا يفتشون عن الفتاة الموظفة ليتقاسموا هذا العبء”.

 

وكما ان تفاقم ازمة البطالة في لبنان دفع العديد من الشبان للهجرة لتأمين المستقبل الذي يحلمون به، يقول سالم أفيوني الذي يزاول أعمالا حرة ان “ازمة البطالة في لبنان أبطأت الشاب اللبناني بالقدوم على الزواج، واكثر الشباب التي تقدم على الزواج تكون من المغتربين”.

 

أصبحت أسعار الشقق في لبنان”خيالية”، فيلجأ البعض الى الاستئجار والبعض الآخر يرفض الفكرة ويفضل الانتظار حتى يتمكن من شراء بيت يتملكه.

 

ولمن يفضل فكرة الشراء ويفقد الإمكانات، فيلجأ الى القرض السكني ليمضي سنوات طويلة في تسديده. يقول عامر الاسعد ( مهنة حرة) “رغم سهولة القروض السكنية التي بات من السهل الحصول عليها من البنك، لا تزال كلمة زواج مرعبة للشاب اللبناني نظرا لتدني مستوى الرواتب التي لا تكفي لسد القرض.”

 

وتضخمت أسعار الكماليات والاساسيات على حد سواء والرواتب تراوح مكانها منذ زمن طويل، فمدخول الشباب في لبنان يظل محدودا قياسا بارتفاع الاسعار.

 

ومع ارتفاع أسعار حفلات الزفاف وتجهيز البيت من أثاث وجميعها أمور تعيق الشباب للتقدم نحو هذه الخطوة، تقول المعلمة نهى رجب “ان تكلفة مصاريف الزفاف وتجهيز البيت من أثاث في ظل المدخول المتدني والثابت منذ عشرات السنين أدى الى تأخير الزواج لكثير من الشباب.”

 

وأكدت دراسة أجرتها وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية ان نسبة الذكور المتزوجين من الفئة العمرية بين 25 و30 سنة تبلغ 10 في المئة.

 

وتقول أماني صالح “كان الشباب الذين يقبلون على الزواج في الماضي بعمر يتراوح بين 20 و25 سنة، اما الآن فنجد أنهم يؤخرون هذه الخطوة الى 35 وما فوق.”

 

وأصبحت بعض الأسر تطالب الشباب المتقدمين للخطوبة بمهور عالية معتبرين انه كلما علا مهر ابنتهم كلما كانوا حريصين على مستقبلها ويمثل ذلك أحيانا معيارا للتباهي أمام الأسر الأخرى.

 

وعن ذلك تقول هدى شهاب التي تعمل ممرضة “يشترط كثير من الأهل مهرا تعجيزيا أمام الشاب المتقدم قد تصل أحيانا الى مئة ألف دولار بحجة ان ابنتهم متخرجة من أغلى جامعات لبنان”!

 

ومع تدني الوضع المعيشي، يبقى كثير من الفتيات مخطوبات لسنة او اكثر بانتظار تأمين الاموال اللازمة لتغطية تكاليف الزواج بدلا من الدخول الى القفص الزوجي وهن مثقلات بالديون المتراكمة.

 

وتقول سوسن الحاج “أصبحت فترة الخطوبة تمتد الى ثلاث او اربع سنين لكي يستطيع الشاب تأمين تكاليف الزواج.”

 

وتقول ماجدة الفري التي لا تعمل ان “كثيرا من الفتيات لا تقبل الارتباط بالشاب إلا اذا كان يملك سيارة وشقة فخمة ورصيد في البنك فمن الصدف ان تحظى بفتاة تريد الستر”.

 

واستطاعت الفتاة اللبنانية في الوقت الحالي الدخول بقوة الى سوق العمل مما دفعها الى ان تكون “متطلبة لا ترضى بالقليل”.

 

وصل الشباب اللبنانيين الى مرحلة المبالغة في الحياة الرفاهية فكل فتاة أصبحت ترغب بعرس الأحلام، فمع ارتفاع إيجارات قاعات الأعراس وازدياد حجم الإنفاق على مختلف الجوانب المرتبطة بذلك بين المصور والزهور ومنسق الموسيقى والمدعوين، أصبحت تكلفة الزفاف تصل الى عشرة آلاف دولار اميركي ويكون الزفاف متواضعا لا يحمل اي إضافات.

 

وتقول سناء خلف التي تعمل موظفة في احدى الشركات “لم يعد الزفاف كما قبل زفافا تقليديا بل أصبحت الفتاة تحلم بعرس ملوكي تبلغ كلفته آلاف الدولارات، ويمكن ان يضطر العروسان للحصول على قرض شخصي او بيع عقار لسد تكلفة الزفاف”.

 

بدأت تظهر لدى بعض الفتيات المقبلات على الزواج نزعة نحو طلب التصاميم الخاصة لفستان الزفاف، فاصبحن لا يترددن في دفع أغلى الأثمان للفستان بشرط أن يراعي اخر صيحات موضة المصممين العالميين.

 

تقول سمر مرعبي (ربة بيت) “لم تعد الفتاة ترضى بفستان الزفاف مجهزا من خياطة الحي فمع انفتاح العالم على شبكة الانترنت، أصبحت الفتاة تفتش عن فستان العرس من أحدث موضة عالمية.”

 

من جهة ثانية، بات خيار “الخطيفة” بالنسبة الى بعض الشباب يعكس الهروب من تكاليف الزواج. وعن ذلك تقول رنا موسى “اضطررت للجوء الى زواج الخطيفة لان زوجي لا يملك شقة نسكن بمفردنا وكان شرطه السكن مع أهله وقد رفض الموضوع من قبل أهلي.”

 

وقد وصلت نسبة الأشخاص الذين تزوجوا خطيفة الى 14 في المئة وفق دراسات اجتماعية في لبنان، ما يشير الى ان العدد يتزايد كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية.

+ -
.