نساء “الدولة الإسلامية” بين الكلاشنيكوف والرومانسية

حوالي 10% من الأجانب المنتمين إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” هن نساء وفتيات قاصرات. الخبيرة الألمانية البروفيسورة سوزان شروتر توضح من فرانكفورت في مقالها النقدي التالي صورة المرأة كما يراها تنظيم “الدولة الإسلامية”.

إذا كانت نسبة 10% صحيحة فيعني ذلك عند انعكاس الأرقام على ألمانيا وجود 60 امرأة جهادية من هذا البلد الأوروبي. في أواسط يناير/ كانون الثاني 2015، صدر بيان باللغة العربية بعنوان “نساء الدولة الإسلامية”. المؤلفات هن أعضاء في كتائب الخنساء التي هي عبارة عن شرطة للأخلاق، حيث إنهن يوقفن في الشوارع النساء اللواتي لا يرتدين اللثام بشكل جيد أو اللواتي يلبسن عباءات سوداء من أثواب شفافة.

تتوافق هذه الآيديولوجية بشكل كبير مع مواقف وتصريحات مشابهة داخل المعسكر السلفي، ففي أحد المنشورات الصادرة في المملكة العربية السعودية صدر كتاب تحت عنوان “نساء تحت حماية الإسلام”، وقد تمت ترجمته إلى الألمانية ولكنه منع عام 2010 بسبب دعوته للعنف. القاسم المشترك في كل تلك النصوص هو التأكيد على عدم المساواة بين المرأة والرجل وتبعات ذلك على الدولة والمجتمع. ونقرأ في كتاب “النساء تحت حماية الإسلام” أن “الحكمة الإلهية منحت للنساء عواطف رهيفة ومشاعر خفيفة وشعورا بالحب والرعاية. إن ذلك يجعل المرأة أهلة لتبني مهماتها الطبيعية مثل ولادة الأطفال وإرضاعهم وتوفير ما يحتاج إليه الأطفال الصغار…”.

بين العواطف والعقل

الفكر السلفي -من حيث الثراء العاطفي لدى المرأة- يقابله من جهة أخرى محاولته العمل على اعتبار المرأة غير قادرة على التفكير أو اتخاذ قرارات معقولة. ولهذا السبب يرى الكتابين أن “الله منح الرجل قوة الهيمنة على المرأة “. ويعتمد كلا الكتابين في ذلك على نصوص قرآنية.

ما يثير الانتباه هو أن كلا الكتابين يتناسى وجود إضفاء الشرعية على العنف أو تقليص حقوق النساء في المحاكم في قضايا الإرث والحضانة أو في تعدد الزوجات. ثم إن كلا الكتابين يتحدثان بسلبية عن حرية المرأة الغربية التي تسلب الرجل رجولته وتحمل المرأة مهمات في الحياة لا تستطيع تحملها.

واعتمادا على هذا المنطق تنطلق فكرة منع خروج المرأة للعمل خارج البيت. فكلا الكتابين يعتبر أن خروج المرأة للعمل خارج البيت يجب أن يكون فقط في حالات استثنائية ولبعض الساعات فقط، مثلا كمعلمة أو طبيبة، ولكن مع احترام قواعد الشريعة الصارمة. ومن لم يحترم ذلك فقط يحدث له ما حدث لطبيبة الأسنان رؤى دياب التي وجهت إليها تهمة القيام بعلاج الرجال، وهو ما يعتبر جريمة كبيرة في “الدولة الإسلامية”، حيث ألقي القبض عليها في شهر أغسطس 2014 وتم إعدامها.

مشاعر الحب والرومانسية

يعتقد العديد من الباحثين أن ما يدفع بنساء صغيرات للتوجه إلى سوريا هو الأمل والبحث عن مشاعر الحب والعواطف والرومانسية. الأمثلة كثيرة على ما يعرض في فيسبوك وغيرها من المواقع الشبكية من صور رجال بشكل وسيم إلى جانب نساء محجبات. إحدى تلك النساء كتبت على فيسبوك أنها وجدت في “بلد الجهاد” حبيبها ” المجاهد”. وكم هي كثيرة تلك الصور ونصوص القصص الغرامية المغرية، والتي تسعى إلى التأكيد على أن الجهاديات في سوريا حصلن على أزواج كما أراد الله لهن ذلك، منذ أن خلق السماوات والأرض.

عدد كبير منهن يكتبن في مواقع الإنترنت نصوصا سياسية طويلة تشير إلى اهتمامهن الكبير بالمصادر الدينية. فليس من العجب إذن أن يكون المستوى المعرفي للنساء الأجنبيات في تنظيم “الدولة الإسلامية” عاليا جدا. وبالتوازي مع ذلك لا يقل مستوى تطرفهن وقسوتهن عن موقف أزواجهن أيضا. فهن يرحبن بإعدام الرهائن وبصلبهم ويدعون إلى القيام بهجمات على البلدان الغربية.

إحدى الطالبات البريطانيات التي كانت تدرس الطب سابقا وتطلق على نفسها اسم “مجاهدة بنت أسامة” ظهرت في إحدى الصور كممرضة وفي يدها اليسرى رأس شخص مقطوع. استقطاب نساء تنظيم الدولة الإسلامية يتم أيضا من خلفية بحثهن عن تصورات رومانسية وبهدف عيش تجربة حب فريدة من نوعها، ولكن في نفس الوقت يعتبرن أنفسهن جزءا من مسار تاريخ عظيم وأنهن سيغيرن العالم بالكامل.

ولكن ما العمل عندما تخيب الآمال وتنتهي الثقة في أهداف ” الدولة الإسلامية” وعندما تتعب المرأة من دورها كأم للأعمال المنزلية فقط، أو عندما يتضح لها أن زوجها لم يعد رجل حلمها بل أحد أفراد الميليشيات المتوحشة. هؤلاء النساء يفقدن حريتهن عندما يسافرن إلى سوريا، حيث تطبق عليهن قواعد الشريعة، فلا يسمح لهن بالخروج من البيت دون إذن الزوج ولا يسمح لهن بالتواصل مع أسرهن. وعندما يأتي هذا التنظيم على نهايته ستبقى نساء الدولة الإسلامية سجينات تنظيم همجي.

+ -
.