هل يرد حزب الله؟

العملية الاسرائيلية التي استهدفت موكبا لـ “حزب الله” في منطقة القنيطرة السورية، تعكس معادلة جديدة في الصراع بين الطرفين، يعتبر فيها الجولان “خطا أحمر” بالنسبة الى اسرائيل، كما انها تبتعد بأسلوبها عن الحرب الشاملة.

مقتل ستة عناصر من الحزب بينهم قياديون، وجهاد نجل عماد مغنية، القيادي السابق في الحزب الذي اغتيل ف سورية ايضاً في 2008 ، وأحمد عيسى الذي كان مسؤول القوات الخاصة للحزب في الحرب السورية، وله اليد الطولى في تحصين قدرة النظام السوري في دمشق، يعكس تحضيرا ميدانيا واستخباراتيا اسرائيليا سبق الضربة. ويمكن القول ان حصيلة الضحايا التي ضمت بحسب بعض التقارير قائدا إيرانيا ميدانيا في سورية هو محمد علي الدادي، هي الأكبر لإسرائيل منذ اغتيال مغنية الأب، ومن هذا الباب تطرح العملية أسئلة عن دور “حزب الله” في سورية وأفق المعركة هناك. إذ نقلت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية ان جهاد مغنية كان يقود فريقا في القنيطرة لوضع الارضيّة العسكرية لتنفيذ ضربات وإطلاق صواريخ ضد اسرائيل من تلك الجبهة.

وبالتالي، يمكن استخلاص هدفين للعملية. الاول ان الجولان خط أحمر، وأي جهود لتثبيت حضور “حزب الله” على الحدود السورية – الاسرائيلية، سيتم التصدي له. والثاني هو استغلال اسرائيل لانهماك الحزب في النزاع السوري بكل ما يعنيه ذلك من تحولات سياسية وامنية، لتعقب قيادته.

ويقول مصدر مطلع في واشنطن ان اسرائيل نقلت الى إيران بشكل غير مباشر بعيد دخول “حزب الله” الحرب السورية قبل سنتين، رسالة مفادها ان الجولان خط أحمر. فالحزب الذي نجح في تعويم النظام السوري منذ 2013، جعل نفسه أكثر عرضة لنار الإسرائيليين. فهو يحارب على جبهات عدة داخل سورية وتحت أجواء مستباحة من اكثر من 40 دولة في التحالف لضرب تنظيم “داعش”، وفي ميدان حاضن لميليشيات المعارضة والنظام. هذا الواقع مثالي لإسرائيل التي نفذت خمس ضربات جوية داخل سورية منذ بدء النزاع في 2011، فيما لم يتخط هذا الرقم ضربتين بين 1974 و 2011.

وتستدرج العملية برمزيتها وكونها جاءت بعد يومين من تهديد أمينه العام حسن نصرالله للاسرائيليين “حزب الله” الى الرد. فالحزب سيجد نفسه مضطرا الى الحفاظ على هيبته واحتواء غضب جمهوره، إنما من دون المجازفة في الوقت نفسه بحرب شاملة. فلا الحرب السورية ولا المفاوضات الإيرانية مع الغرب حول الملف النووي، ولا حتى حسابات اسرائيل في انتخابات طاحنة لبنيامين نتانياهو، تنبئ بحرب شاملة بين الجانبين. ويبدو الرد خارج سورية ولبنان الأكثر ترجيحا، لإبعادهما عن كرة النار وضبط التداعيات.

وفي جميع الأحوال، ترسخ عملية القنيطرة واقعا جديدا بين الحزب واسرائيل، تمتد رقعته الى مناطق نفوذ جديدة للحزب في سورية، وتنحصر تداعياته حتى إشعار آخر بعمليات وردود بين الجانبين، قد تتوسع رقعتها، لكنها تبقى دون الحرب المفتوحة.

+ -
.