يوميات لاجئة من درعا – شهرزاد الكلمة

اسيقظت فجرا.. استبقت الصباح اليوم..
كان غثيان فظيع يعبث بمعدتي، وصداع يشطر جمجمتي!
ربما لآنني أفرطت في الشراب أمس..
وكيف لا !!
وكان جسدي الفتي على موعد مع جسد ذلك المسخ الكهل !!!
كيف لا و يّدا ذلك المقزز مرتا بثنايا جسمي وعبثتا به !؟؟؟؟
كنت على استعداد ان أحتسي بئرا من الكحول لاتناسى ذلك البطن الكبير المتدلي من فوق خصر السروال، ورائحة البول الملتصقة بملابسه الداخلية!
ورائحة العرق العفنة المنبعثة من ثيابه!
اخ .. يبدو ان رطلا من الكحول لم ينسني تفاصيل ذلك الجسد !!!
هل أقوم لأصلي الفجر ؟؟؟؟
وهل سيشفع لي رب العباد ؟؟؟
وهل سيتقبل ذلك الاله صلاتي ودعائي ، ويغفر لي هول المعاصي؟؟؟؟
هل يدري بأن ما افعله مرارا وتكرارا ، ليس الا وسيلة لابقى على قيد حياة …؟؟
هل يعلم ان ما آلت اليه فتاة بالواحدة والعشرين من عمرها ، كان تحصيل حاصل ؟؟؟
هل يعلم بحالي ؟؟؟
هل يعلم بأني حُملّت الى تركيا بعربة مليئة بالجياع والأيتام والمقهورين والثكالا دون سابق إنذار ؟
هل يعلم باني كنت آن ذاك في السابعة عشرة من العمر الحزين وان لي طموحا يكبرني وأحلاما وامنيات ككل المراهقات الجميلات أمثالي؟؟
هل يعلم هذا الرب؟؟؟؟
هل يعلم بأني حين وصلت الى إحدى المدن التركية وجدت نفسي على الرصيف البارد العتيق بثيابي الرثة وحجابي الممزق؟؟؟
هل يعلم باني قد قضيت ثلاثة ايام دون أكل او شرب، ودماء الطمث تلوث ثيابي !! هل يعلم ؟؟
هل يعلم بان احد سواقي السيارات المأجورة كان قد حملني الى بيته القذر بعد ان فقدت وعيي على احدى إشارات المرور بهذا البلد الذي لا أفقه به شيئا ، لا لغة ولا شعبا ولا دين ولا ثقافة !!
هل يعلم ؟؟؟
هل يعلم بأني استيقظت على سرير في احد المنازل وكان صاحب البيت ، قد نثر الجرائد من تحتي وحولي خوفا على ملائاته من الأوبئة ، وكأني حيوان وضيع ؟
هل يعلم رب السموات بما مررت به ؟؟؟
هل يعلم بأني كنت تقريبا عارية وليس هناك ما يستر جسدي سوى ملابسي الداخلية الملوثة بدماء الحيض، وفوطة حمام كبيرة مرمية علييّ؟؟
وأنيّ حين نهضت رأيت رجلا غريب بعقده الخامس ينظر الي باشمئزاز، يحمل بيده بعض الملابس ويشير بإصبعه الى الحمام..
لكن يومها قدماي لم تحملانني
فسقطت على الارض . لكن الرجل سرعان ما همّ الى المطبخ قادما الي بشطيرة جبن وكوب ماء ، جلست على الأرضية الباردة واتكأت الى السرير بظهري، وبدأت أكل الشطيرة بنهم ، كجرذ جائع .. !

اذكر باني قضيت ثلاثة ايام دون ان ادخل شيئا الى فمي.. اكلت بنهم لا سابق له بحياتي، وكان فتات الطعام يتطاير من فمي وحولي !
والرجل مايلبث ينظر ألي عن كثب ، ويتفحصني، كما وأني سلعة في متجر !
انتهيت من الأكل ، ومسحت يداي وفمي بالفوطة الملقاة على حجري ، ثم رفعت نظري الى الرجل ، فابتسَم لي وحاول مساعدتي على النهوض ، وأشار الى الحمام بسبابته . كنت ارتجف خوفا وبردا ، كنت اريد حضن أمي وصوت ابي ،
غلبة اخي وأختي التوأم ، كنت بحاجة ملحة لأرى جدتي وخطوط وجهها ، كنت خائفة حد الذهول،
أخذت منه الملابس بيدي اليمنى وبيدي اليسرى خبأت ما أستطيع من جسدي العاري الهزيل . تحدث الرجل بعض كلامات لم افهمها بلغته التركية محاولا ربما ان يبعث الطمأنينة في نفسي !
وكنت قد أصبت بشئ من السكينة ، كما وأني روبوت يخضع للأوامر وينفذ دون جدال!
دخلت الى الحمام بصعوبه، فقد كانت قروح قدماي ملتهبة ومتورمة من التجوال حافية بين شوارع غريبة ، شوارع تزأرني تنهشني كواقعي الجديد !! !
أقفلت الباب بالمفتاح ، وتأكدت من أنه مقفل !
نظرت الى المرآة ، رأيت وجها مخيفا ، عيونا ذابلة وهالات سوداء.

وجها شاحبا ، شعرا منكوشا وخدودا هزيلة !
فتحت صنبورة الماء وغسلت وجهي !
ثم نظرت مجددا الى المرآة ! لم يتغير قبح وجهي..
كانت رائحتي نتنة جدا، كرائحة قارض تاه في المجاري !
يبدو أني تبولت مرارا بثيابي دون ان اشعر.
مشيت الى حوض الاستحمام ، فتحت صنبورة الماء، كانت المياه دافئة !
كانت المياه تختلط بالدماءالسائلة من قدماي،و الدماء المتخثرة الملتصقة على فخذاي، وكانت أصابعي ضعيفة ترتجف.
هل يدري ربنا العالم القدير بكل ما مررت به ؟؟؟
أم هو غافل عن أمثالي ومنشغل بتلبية مطالب اصحاب الجاه والنفوذ؟؟؟

ألم يعتصر روحي … و ….

يتبع…

تعليقات

  1. كلام مبتذل لا يرقى لحجم المعاناة، لا ادري كيف تسمح الكاتبه لنفسها ان تحاول ولو ببراءه ان تعبر عن مشاعر ومعاناة من مرو بهذه التجربه وكيف تعتبر ان استحضار هذه الاوصاف القميئه من مخيلتها يستطيع ان يعبر عن اوجاعهن.

  2. رائع وجميل ، تعابير قمة في الروعة حس مرهف.. اخذتنا بوصفك الجميل الى هناك.. الى حيث نولدت المعناة.. تابعي رجاءا .. ولا تأبهي بما قيل في التعقيب الأخير … يبدو انهم من جماعة آلاف باء والخيل والليل . احسنتي

التعليقات مغلقة.

+ -
.