14 في المئة من الروس تحت خط الفقر ومدفيديف يدعو إلى خفض النفقات

دعا رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف إلى خفض النفقات، وبدا عجز الحكومة واضحاً في توقع ما آلت إليه الأزمة الاقتصادية العاصفة التي تشهدها البلاد، بالكف عن تخطيط الموازنة الثلاثية والاكتفاء بموازنة لعام واحد فقط في انتظار الأوضاع في أسواق الطاقة والخامات. وفي الوقت ذاته، كشفت بيانات رسمية انضمام ثلاثة ملايين روسي إلى «جيش الفقراء» في النصف الأول من العام الحالي.

وفي اجتماع الحكومة الأخير أقّر مدفيديف بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، داعياً إلى «ربط الأحزمة على البطون»، معتبراً أن «الأوضاع صعبة، ونحن مجبرون على خفض كبير في النفقات»، مؤكداً أن «موضوع استخدام الأموال الحكومية مهّم جداً حالياً، ويجب علينا استخدام كل الأدوات بفعالية لمعرفة البنود التي يمكن أو يجب تقليصها في الموازنة».

وأوضح مدفيديف أن الناتج المحلي الإجمالي «تراجع بنحو 3.4 في المئة في النصف الأول، مشيراً إلى «تقلّص الطلب الاستهلاكي والاستثمارات، وتقلّب الأوضاع في أسواق الطاقة والخامات عالمياً». وكانت وزارة المال الروسية كشفت أن «عجز الموازنة وصل إلى نحو 2.6 في المئة في النصف الأول من السنة». فيما حذر خبراء من ارتفاع العجز إلى « 3 في المئة مع ازدياد النفقات على الدفاع والأمن، والتمسك بسياسات الدعم الاجتماعي».

ورمت الأزمة الاقتصادية بنحو ثلاثة ملايين روسي جديد في أتون الفقر في النصف الأول، إذ أفادت هيئة الإحصاء الروسية بأن عدد الفقراء في روسيا «ارتفع إلى نحو 15 في المئة مقارنة بـ 13 في المئة نهاية النصف الأول من عام 2014». وأعلنت أن «دخل 22 مليون روسي بات أقل من الحد الأدنى للمعيشة المقدر بعشرة آلاف روبل ( الدولار يساوي 66 روبلاً تقريباً)». فيما رجح البنك الدولي «ارتفاع نسب الفقر في روسيا إلى أعلى مستوى منذ تسع سنوات».

وكشفت المؤشرات الرسمية أن «الدخل الحقيقي للمواطنين انخفض العام الماضي وللمرة الأولى منذ العام 1999، وواصل تراجعه بنحو 9 في المئة هذه السنة».

وعزت تقارير تراجع الدخل «إلى ارتفاع نسب التضخم وتعويم سعر الروبل، وتقليص حجم الزيادات في المعاشات للموظفين الحكوميين والمتقاعدين أو تجميدها، ووقف بعض برامج الدعم الحكومي للمحتاجين».

وأعلن «مركز ليفادا» في أحدث استطلاعاته للرأي، أن «70 في المئة من الروس يقتصدون في لقمة العيش في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ويقبل المواطنون على شراء المواد الغذائية والأساسية الأرخص ثمناً». وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن « 78 في المئة من المشاركين في المسح، رأوا أن التضخم «يمثل المشكلة الرئيسة التي يخشونها، يليه الفقر بنسبة 42 في المئة ثم البطالة بنحو 36 في المئة». واعتبر نحو 44 في المئة من الروس أن حل الأزمة الاقتصادية «لا يزال بعيداً في مقابل 21 في المئة يعتقدون بأن الأسوأ في الأزمة ولّى».

ودفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة الحكومة الروسية إلى خفض محدود في سياسات الإنفاق الاجتماعية، بسبب تراجع مصادر دخل الموازنة. فيما وصل التضخم منذ مطلع السنة وحتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر الجاري إلى 10 في المئة، ما يعني تراجعاً جديداً في دخل المواطنين الحقيقي، وزيادة أعداد الفقراء خصوصاً الفئات الأضعف مثل الأسر المعيلة للأطفال والعاطلين من العمل، والمتقاعدين وأصحاب الحاجات الخاصة.

وعلى رغم وضوح أثر الأزمة الحالية في البيانات، فإن السياسات الحكومية المعتمدة منذ مطلع القرن الحالي مسؤولة عن تزايد اعتماد دخل المواطنين على الدعم الحكومي بسبب التراجع الكبير في العائدات من الأعمال الصغيرة إلى نحو النصف مقارنة بعام 2000.

وأفادت إحصاءات حديثة بأن «مصدر خُمس دخل المواطنين الروس هو من الدعم الحكومي أو المعاش التقاعدي».

وتبدو الحكومة الروسية أمام خيارات أحلاها مرّ، فهي عاجزة عن الصرف بسخاء كما كانت الحال في الأزمة الاقتصادية الماضية عامي 2008 و2009، إذ أقرّت السلطات خلال هذه الأزمة خطة زادت بموجبها النفقات الاجتماعية بأكثر من 20 بليون دولار عام 2009. ورفعت حجم الإنفاق على الصحة بنحو الخُمس وعلى التعليم بنحو الربع.

+ -
.