%D8%B3%D8%B1%D8%AF %D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85 %D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%B1 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


سرد عالم اصفر
شادي أبو جبل - 07\04\2008

1.
هوَ الفجرُ المُسْقَطُ في صدرِ فتاةٍ قدْ رأيتها أولَ مرةٍ في سريرِ طفولتها، وكانتْ باكيةً ككلِ الأطفالِ، والريحُ تعبثُ بعينيها الخريفيتينِ ولا تشبهُ أحداً.. كانتْ تتآكلُ منْ شدةِ الرغبةِ.
حينها كنتُ سئمتُ التحديقَ عبثاً، فلا شيءَ يثيرُ اهتماميَ الآنَ سوى الزغبِ الأشقرِ المفروشِ فوقَ عنقها.
وفي حضوريَ الذي نادراً ما أمتلكُهُ- وغالباً ما أَنْسَلُّ من تحتِ البابِ لأَعودَ إلى مناميَ المخنوقِ بحصارٍ يُحيلني قنديلاً مرَّتْ بِهِ ريحٌ فيتلاشى في فضاءٍ أوسعَ- أختلقُ عالميَ الافتراضيَّ لأمتلكَ رغبةَ الرائحةِ في امتلاكي.

2.
ما إنْ تسكُنَ في فضاءٍ خالٍ حتى تتملَّكَكَ رغبةٌ عارمةٌ في احتضانِ الظلِّ. لستَ وحيداً؛ فثمَّةَ أشياءُ هنا تنمو ببطءٍ، تتحرَّرُ من لحظويتها القاتمةِ وتخلقُ لها إيقاعاً يشبهُ قلقيَ المسرفَ في افتعالةٍ للخطيئةِ..
عادةً ما تمتلكني حينها نشوةُ الهزيمةِ أو انعتاقيَ عنِ الضوءِ.

3.
أُجَرِّدُ السردَ خاصيتهُ باستهلاكِ الفضاءِ الخالي، ليتنفَّسَ ارتباكَ الممراتِ وخلوَّ المساحاتِ.

4.
في ذاتِ الهدوءِ الذي مررتُ بهِ قبلَ عامٍ، كانَ كلُّ شيءٍ يسيرُ نحوَ انفجارٍ أو رتابةٍ. هيَ العودةُ إلى ما كانَ، تشوبها حيرةٌ أو تناثرٌ في فضاءٍ أعزلَ.. ما هوَ كونيٌّ يجذبكَ لتصبحَ لكَ روحٌ مزدوجةٌ تمكِّنُكَ منَ التهامِ الفراغِ، ولكنْ احذرْ منْ تجاويفَ تأبى تصادُمَها الأخيرَ.

5.
احتمالُ وجودهِ ما يزيدهُ حضوراً..

6.
حينَ أسقطُ في الرغبةِ أتخلَّصُ منْ تكويناتِ الزمنِ الفجةِ، فالإِصرارُ على الهروبِ إلى حالةٍ تبدو بصياغتها الأولى عدميةً، موطنٌ لارتكابِ الحالاتِ الشاذةِ أو غيرِ المتاحةِ كالتهامِ العطرِ.

7.
في المساحةِ المعتادةِ أخلُدُ لحلمٍ يكفيهِ بضعُ قضماتٍ منْ فراغيَ الأعزلِِ كيْ ينبُتَ لهُ ظِلٌّ يَسْكُنُ صدري.

8.
في زاويةِ المقهى حيثُ تجلسُ الفتاةُ ذاتُها التي عبثتِ الريحُ بعينيها وتناثرَ اصفرارُ الخريفِ هنا وهناكَ فوقَ جسدِها، كنتُ أجلِسُ قبلَ قليلٍ أُداعبُ حصاريَ المستديرَ؛ أُجَرِّدُهُ منْ هواجسهِ البدائيةِ.

9.
أعثرُ، كلَّما حفرتُ في الأصفرِ، على عالَمٍ يتكامَلُ، على موطئِ قدمٍ خارجَ السربِ، بعيداً عنِ الأضواءِ المحتملةِ.
عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا